نظرا للتطور التقني والإلكتروني الذي شهده ولا يزال يشهد تطوراته عالمنا اليوم منذ أن تخلت وزارة الدفاع الأميركية عن الشبكة العنكبوتية "الإنترنت" وأصبحت ذات طابع دولي متاح للكل وللسيطرة الإلكترونية والتعاملات الإلكترونية على كل شيء تقريبا، ظهرت الحاجة لحماية تلك التقنية الإلكترونية وعلى الأخص التجارة الدولية من المعتدين وعبث العابثين والمستغلين للوصول لمصالحهم الشخصية أو إيذء الآخرين من خلال المخالفات القانونية والجرائم الإلكترونية. من صور هذه الجرائم الإلكترونية التي انتشرت الاعتداء على الأموال وغسل الأموال وجرائم الإرهاب وجرائم السب والقذف والاطلاع على أسرار الآخرين، بما يعرف بالدخول غير المشروع وإفساد المواقع الإلكترونية وتعطيلها وإتلافها. لذا ولانتشار هذه الجرائم والمخالفات والأضرار التي وقعت والمتوقع حدوثها مع ازدياد الحاجة لهذه التقنية الإلكترونية، وضع المشروع السعودي نظاما سمي بنظام مكافحة جرائم المعلوماتية صدر عام 1428 ليطبق بذلك القاعدة المعمول بها أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، فعرف الجرائم ونص عليها ووضع لها العقوبات اللازمة وحدد الجهات المختصة بالنظر في كل ما يتعلق بالجرائم والمخالفات التي ترتكب وفقا لهذا النظام، حيث عرف النظام هذه الجرائم بأنها فعل يرتكب متضمنا استخدام الحاسب الآلي أو الشبكة المعلوماتية بالمخالفة لأحكام هذا النظام، ويتضح من هذا التعريف المبسط لنظام مكافحة هذه الجريمة هو ضبط التعاملات الإلكترونية وتوفير إطار قانوني لحمايتها، وبالتالي تزداد الثقة والاطمئنان في استعمالها. لذا على الجميع أن يعلموا أن هناك جرائم إلكترونية وعقوبات عليها قد تصل إلى السجن عددا من السنوات وغرامة تصل لعدد من الملايين، فضلا عن حق المتضرر في المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه. فعلى من يتعاطى مع هذه التقنية أن يعلم ما له وما عليه حتى لا يقع في تلك الجرائم، فالادعاء بعدم العلم لا يقي المرء العقوبة، حيث إن القاعدة "الجهل بالقانون لا يعد عذرا يعفي من العقوبة"، فما يقوم بها من يعرفون ب"الهاكرز" من دخول المواقع والاعتداء على الغير فيما ما يعرف بالاعتداء المعنوي للاطلاع على أسرارهم وما لديهم من معلومات وربما اعتدوا على أموالهم وحقوقهم المختلفة أو عطلوا وأتلفوا مواقعهم الإلكترونية يعد ذلك جرما حرمه النظام، بل إن مجرد الشروع في محاولة الدخول غير المشروع إلى مواقع الآخرين يعد جرما يترتب عليه وجوب معاقبة مرتكبه ليظل التساؤل عن كيفية الاكتشاف والقبض على مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة وكيفية الوصول إلى الأدلة والإثباتات على ارتكابهم لتلك الجرائم ليطبق عليهم النظام بحيث لا يظلم بريء ولا يفلت مجرم من العقاب، فما لهذه الجرائم من طابع تقني خفي يجعل اكتشافها والتعامل معها يأخذ الطابع التقني ذاته، لأن الطرق الإجرائية التقليدية غير ملائمة للتعامل مع الجرائم الإلكترونية، وبالتالي تكون الحاجة للأجهزة التقنية الدقيقة الراقية والخبراء المخضرمين في تخصصاتهم الإلكترونية ضرورية في مجال التعامل مع المخالفات والجرائم الإلكترونية.