تحدثنا في المقال السابق عن انتشار ظاهرة الجرائم المعلوماتية؛ بسبب تطور وتقدم تقنيتي الاتصالات والمعلومات، وعن أوجه الشبه والاختلاف بين الجرائم المعلوماتية والجرائم التقليدية. واليوم، نواصل الحديث عن أنواع الجرائم المعلوماتية، التي نص عليها نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/17)، وتاريخ 8/3/1428ه، وعن العقوبات المقررة بحق مرتكبيها. حيث أورد المنظم السعودي العديد من أنواع الجرائم المعلوماتية نذكر منها: جريمة التنصت التي وردت في الفقرة (1) من المادة الثالثة، وهي من الجرائم الماسة بالحياة الخاصة للأفراد، وفيها يقوم الجاني بالتعدي على أسرار وخصوصيات الآخرين من خلال اختراق أجهزة وبيانات المعتدى عليهم؛ للاطلاع على الصور أو المحادثات أو المراسلات الصادرة منهم أو على أية بيانات أخرى. وقد حددت ذات المادة عقوبة السجن - لمرتكبي هذه الجريمة – مدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين. كما نص أيضا في الفقرة (2) من المادة الثالثة على جريمة التهديد والابتزاز، التي يقوم فيها الجاني بتهديد المجني عليه بأنه سينشر صوره أو معلوماته الخاصة للعامة في حالة عدم حصوله على مقابل مادي أو معنوي. وقد حددت المادة (3) عقوبة لمرتكبي هذه الجريمة وهي ذات العقوبة التي تطبق على مرتكبي جريمة التنصت. وجدير بالذكر، أن جريمة التهديد أو الابتزاز تكتمل أركانها بمجرد قيام الجاني بالتهديد على اعتبار أن بعض الجرائم لا يشترط فيها توافر نتيجة معينة بالمفهوم المادي البحت للنتيجة الجرمية. كما اشتمل النظام أيضا على جرائم الاحتيال أو انتحال صفة غير صحيحة بغرض الاستيلاء على أموال الغير أو الاستيلاء على سنداتهم وتوقيعها بأسماء كاذبة، فضلاً عن الوصول غير المشروع للبيانات البنكية أو الائتمانية الخاصة بهم؛ للاستفادة مما تتيحه من أموال أو خدمات. وقد نصت المادة الرابعة على عقوبة السجن مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على مليوني ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين بحق كل من يرتكب أياً من هذه الجرائم. وفي سبيل الحفاظ على أمن وسلامة الوطن، فقد نصت المادة السادسة على تجريم أي فعل من شأنه المساس بالنظام العام أو القيم الدينية أو الآداب العامة، من خلال إنتاجه أو إعداده أو إرساله أو تخزينه على الشبكة المعلوماتية، إلى جانب تجريم الاتجار في الجنس البشري، أو الاتجار في المخدرات أو المؤثرات العقلية، وذلك من خلال إنشاء مواقع على الشبكة العنكبوتية بهدف ترويج هذه الجرائم أو تسهيل التعامل بها. وقد نصت ذات المادة على عقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل شخص يرتكب أياً من هذه الجرائم. وعلى صعيد مكافحة الإرهاب فقد جرمت المادة السابعة إنشاء موقع لمنظمات إرهابية على الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي أو نشره لتسهيل الاتصال بقيادات الأجهزة الحارقة أو المتفجرات أو أي أداة تستخدم في الأعمال الإرهابية، فضلاً عن تجريم الدخول غير المشروع إلى موقع إلكتروني أو أي نظام معلوماتي مباشرة أو عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي؛ للحصول على بيانات تمس الأمن الداخلي أو الخارجي للدولة أو اقتصادها الوطني. كما جرم النظام العديد من الجرائم الأخرى التي لا يتسع الوقت لذكرها. وختاماً.. فسوف نكمل الحديث -إن شاء الله تعالى- في المقال القادم عن بعض أحكام الاشتراك في الجرائم المعلوماتية: كالتحريض والمساعدة على ارتكاب تلك النوعية من الجرائم، وحالات الاعفاء منها، ودور هيئة التحقيق والادعاء العام في إجراء التحقيق، فضلاً عن التعاون الدولي؛ للحد من هذه الجرائم.