مع إصدار وزارة المالية أمس سندات تنمية حكومية بقيمة 20 مليار ريال، تدخل ودائع البنوك السعودية التي تجاوزت 1.6 تريليون ريال مرحلة جديدة، حيث تمثل هذه السندات مصادر استثمار بديلة تضمنها الحكومة بمعدل عوائد مجزية، في خطوة تسعى من خلالها المملكة إلى المحافظة على الاحتياطي العام عند مستويات جيدة، وسد العجز المتوقع للميزانية بسبب انخفاض أسعار النفط. وأكد خبيران اقتصاديان ل"الوطن" أن المصارف السعودية مهيأة بقوة لاستيعاب هذه السندات، بل التسابق إليها، بعد غياب دام نحو تسع سنوات لإصدار مثل هذا النوع من السندات الحكومية، حيث كان آخر إصدار حكومي للسندات في عام 2006. وفي بيان وزارة المالية أمس، فقد تم تخصيص هذه السندات لعدد من المؤسسات العامة والبنوك التجارية المحلية، وتراوحت آجال السندات بين خمس وسبع وعشر سنوات، بحيث يكون أجل الخمس سنوات بمعدل عائد 1.92%، والسبع سنوات بمعدل عائد 2.34%، والعشر سنوات بمعدل عائد 2.65%. إصدارات قادمة وأشارت وزارة المالية إلى أنها بصدد إصدار سندات بآجال وأحجام مختلفة في الفترة القادمة يتم تحديدها وفقا للمتطلبات التمويلية، وكانت قد أصدرت سندات تنمية حكومية بقيمة 15 مليار ريال في إصدار خاص للمؤسسات العامة، وذلك في يونيو 2015. أمام ذلك، قال الأستاذ الدكتور بجامعة الطائف بقسم المحاسبة سالم باعجاجة إن المملكة لجأت لطرح سندات حكومية لتغطية الجزء الناقص بميزانية العام، والذي يقدره صندوق النقد الدولي بنحو 150 مليار دولار لهذا العام، مشيرا إلى أن هذا الإصدار هو الثاني من نوعه بعد أن أصدرت سندات في عام 2007. من جهته، يرى الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية السعودية للاقتصاد الدكتور عبدالله المغلوث أن توجه المملكة لطرح السندات يأتي لتغطية عجز المصاريف بالميزانية، وانخفاض نسبة الاحتياطي العام بأكثر من 50 مليار ريال، إلا أنه أكد أن اقتصاد المملكة يظل متينا، ولن يتأثر كثيرا بانخفاض النفط ولا بتراجع الاقتصاديات العالمية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن حجم الودائع الكبيرة التي تتمتع بها البنوك السعودية يجعلها مهيأة لشراء هذه السندات.وذكر المغلوث أنه من بين الأسباب التي دفعت المملكة إلى إصدار سندات حكومية إلى جانب سد العجز المحتمل، تغطية المشاريع الحكومية، مؤكدا أن الحكومة أصدرت هذه السندات الداخلية بعد دراسات تؤكد قوة استيعاب القطاع المالي في المملكة من بنوك تجارية ومؤسسات عامة، حيث تتمتع هذه الأخيرة برساميل عالية وودائع كبيرة. مصادر بديلة ومن المنتظر أن تتوجه سيولة البنوك إلى ما طرحته وزارة المالية من سندات خلال الفترة المقبلة، في حين تمتلك البنوك السعودية ودائع فاقت 1.6 تريليون ريال، بحسب بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي لشهر مايو الماضي، منها أكثر من تريليون ريال ودائع مجانية، وهي الودائع تحت الطلب. ويتوقع أن يساعد إصدار السندات الحكومية على تحقيق إنعاش سوق الدين وخلق مصادر استثمار بديلة، حيث تعتبر نسبة الدين العام السعودي للناتج المحلي الأقل عالميا، وقد انخفض حجم الدين العام مع نهاية العام الماضي 2014 إلى 44.3 مليار ريال، وهو يمثل ما نسبته 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بعام 2013 حيث بلغ حجم الدين العام 60.1 مليار ريال.