ألقت الحرب بظلالها على كثير من القطاعات الخدمية والبنى التحية في اليمن، ومن بين تلك القطاعات التي باتت على وشك الانهيار، القطاع الصحي. ففي محافظة حضرموت الواقعة شرق البلاد، التي تجاوزت فيها أرقام النازحين حاجز 50 ألف نازح في مدن الساحل فقط. باتت المستشفيات الرئيسة فيها تمر بمرحلة حرجة للغاية، بعد أن فقدت تلك المنشآت ميزانياتها التشغيلية وقرب نفاد مخزون المحافظة الطبي، عقب ارتفاع أعداد الطالبين للأدوية جراء الزيادة السكانية المفاجئة نتيجة للنازحين، وعدم توفر أي تغطية أو دعم للمخزون الطبي المتناقص بسرعة، الذي بات أيضاً يشكل مصدراً يتم السحب منه من قبل بقية المحافظات اليمنية الأخرى. وإضافة لما سبق، هنالك خطر نفاد المحروقات التي تعتمد عليها المستشفيات في عملها، حيث حذر مدير عام مكتب وزارة الصحة بساحل حضرموت دكتور رياض الجريري، من إغلاق مستشفيات مدينتي غيل باوزير والشحر جراء نفاد المحروقات. وتشير التقارير الطبية الرسمية في محافظة حضرموت كبرى محافظات اليمن، إلى رصد العديد من الأمراض الخطرة القاتلة خلال الفترة القليلة الماضية في صفوف النازحين والسكان، مثل الفشل الكلوي، وحمى الضنك، ومرض الجرب المعدي. إضافة إلى رصد حالات إصابة بأمراض كان يفترض أن اليمن قد تغلب عليها، مثل شلل الأطفال. وكانت الأممالمتحدة قد أعلنت اليمن بلداً خالياً من هذا المرض. ويقول مدير عام مكتب وزارة الصحة والسكان بساحل حضرموت، إنه تم رصد 127 حالة إصابة بمرض حمى الضنك القاتلة، يشكل الرجال فيها النسبة الأكبر بعدد 71 حالة، فيما بلغت في صفوف النساء 56 حالة، وأن العدد يستمر في الارتفاع. بينما يؤكد الدكتور عبدالقادر بايزيد عن تسجيل 5 حالات وفاة مؤكدة بهذا المرض. وأيضاً تسجيل 6 حالات وفاة أخرى في صفوف النازحين بأعراض مختلفة، من بينها سوء التغذية والجفاف والقلب.أما حالات الفشل الكلوي، فهي الأكثر انتشارا في صفوف النازحين، فوفقاً للتقارير الرسمية فإن هنالك 156 حالة موزعة في مناطق حضرموت بواقع 40 حالة بالمكلا، 34 في سيئون، 82 في القطن. فيما تواصل مؤسسة "نهد" التنموية ومؤسسة أمراض القلب الخيرية تقديم بعض الدعم لمرضى الفشل الكلوي. ويقول عاملون في مركز غسيل الكلى بالمكلا إنه تم تسجيل 4 حالات وفاة لمرضى فشل الكلوي بمركزه. فيما سجلت وفاة حالتين في مركز غسيل القطن، ولا تزال هنالك حالتان أخريان في العناية المركزة. ويحذر العاملون بتلك المراكز من أن مرضى الفشل الكلوي يعانون كثيراً جراء التهديد المستمر لتوقف المراكز، جراء انقطاع التيار الكهربائي، وتدهور أجهزة الغسيل، ونفاد أدويتهم خصوصاً أدوية الغسيل، وتلك الأدوية التي يستخدمها زارعي الكلي. وأن مخزون مركز غسيل القطن منها ستكفيه لمدة لا تزيد عن شهر واحد فقط، فيما احتياطي مركز غسيل المكلا لم يعد يكفيه إلا لأيام قليلة. بدوره يقول عميد كلية الطب بجامعة حضرموت، الدكتور علي محمد بامطرف، إن الوضع الصحي بالمحافظة يواجه صعوبة بالغة، وهو يستمر في الهبوط والتدهور، خصوصاً مع استمرار نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، وعدم توفر الميزانية التشغيلية للمستشفيات، إضافة إلى استمرار انقطاع التيار الكهربائي، التي قال إنه إذا لم تتم معالجتها فإن كافة المؤسسات الصحية في المكلا لن تستطيع العمل، لأنه حتى وإن توفرت المحروقات، فإن المستشفيات لا تستطيع شراءها، جراء التكلفة المالية العالية وعدم وجود ميزانية لديها. ويضيف عميد كلية الطب أن كليته قررت تسخير كافة إمكانياتها ومركباتها لخدمة مستشفيات المدينة. كاشفاً عن عدم وصول أي مساعدات طبية للمحافظة، عدا كميات من التجهيزات البسيطة التي قدمها الهلال الأحمر القطري، ونحو 40 طنا أخرى قدمها نظيره الكويتي. وحول الاستعدادات الطبية التي تم اتخاذها لمجابهة أي تطورات ميدانية قد تشهدها مدن ساحل حضرموت.