أكد وزير الخارجية اليمني رياض ياسين عبدالله أن المحادثات بشأن هدنة محتملة في الحرب اليمنية "لم تحقق أي تقدم"، نظرا لعدم حضور وفد الحوثيين المدعومين من إيران مقر المحادثات. وقال في مؤتمر صحفي أمس "كان من المفترض أن نتوصل إلى شيء إيجابي، ولكن الحوثيين يكتفون بالجلوس في فندقهم، ويطلقون كل أنواع الإشاعات"، مضيفا أنهم "لم يحضروا قط". وردا على سؤال حول ما إذا كان وفده يعتزم مغادرة المحادثات قال الوزير "أمامنا 48 ساعة"، في إشارة إلى إمكان عدم استكمال المحادثات. وكانت المشاورات بين حكومة اليمن الشرعية والمتمردين الحوثيين التي ترعاها الأممالمتحدة دخلت أمس يومها الثالث دون بوادر انفراج حقيقية لإنهاء الصراع، في ظل تعنت جماعة الحوثي وعدم انصياعها لمطالب الحكومة الشرعية، وفي مقدمتها انسحاب المتمردين من جميع المحافظات، لإبرام وقف لإطلاق النار، أو هدنة، عملا بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216. وقال مراقبون إن الوصول إلى اتفاق ما زال بعيد المنال، فيما عبرت مصادر سياسية عن قلقها من تصلب الجانب الحوثي الذي بدا واضحا خلال المفاوضات، والذي لا يزال يشكل عائقا أمام مساعي مبعوث الأممالمتحدة الخاص لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الرامية إلى الوصول إلى هدنة، خصوصا مع بدء شهر رمضان المبارك. في الغضون، أكد وزير حقوق الإنسان اليمني عز الدين الأصبحي أن عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل "جاءتا بناء على طلب رسمي من رئيس الجمهورية اليمنية بالتدخل لاسترجاع الشرعية الدستورية وحماية الشعب اليمني، ورد اعتداءات ميليشيات الحوثي وصالح على السكان المدنيين، وعدم احترامهم القانون الدولي الإنساني، وحتى لا تنجر المنطقة بأكملها إلى حالة من عدم الاستقرار والأمن"، وأضاف "هذا ما أكده قرار مجلس الأمن رقم 2216 الصادر وفقا للبند السابع من ميثاق الأممالمتحدة، وأكدته أيضا قرارات جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية". واستعرض الأصبحي في كلمة ألقاها أمس أمام مجلس حقوق الإنسان الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يعانيها الشعب اليمني التي لا يأخذها البعض على محمل الاهتمام الكافي، ويصنفها على أنها صراع سياسي عابر، وليس انتهاكات ممنهجة من قوى خارجة عن القانون، تتمثل في ميليشيات الانقلاب وصالح. ووصف حالة القهر التي يعانيها المدنيون في المدن اليمنية المختلفة بأنها مضاعفة، ومنها تلك الواقعة تحت سيطرة ميليشيات الانقلاب التابعة للحوثي وصالح، مشيرا إلى أنهم يتعرضون للقمع والتنكيل بهم، ويستخدمون دروعا بشرية أمام القصف الجوي، مبينا أن 80% من الضحايا في صنعاء وغيرها من المدن سقطوا بواسطة المضادات الجوية التي نصبها الانقلابيون في الأحياء السكنية، مشيرا إلى أن تلك المضادات كانت السبب المباشر في مقتل عشرات المدنيين، وفق ما أكده تقرير أممي أصدرته منظمة العفو الدولية. وأن مدينة صنعاء وحدها فيها ما لا يقل عن 40 مخزنا للأسلحة، تحيط بالمدينة وتحاصر أحياءها، ويتعرض سكانها إلى احتمال الموت في أي لحظة، بينما لا توجد في المدينة سوى ثلاثة مستشفيات وجامعة حكومية واحدة لمليوني مواطن. كما استعرض الأصبحي أمام المجلس قائمة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تقوم بها الميليشيات المسلحة في اليمن، من قتل ممنهج للمدنيين، وقصف الأحياء السكنية بالدبابات والقناصة، واستخدام المدنيين دروعا بشرية، والاعتقال التعسفي لحوالي 200 شخصية سياسية وإعلامية، والاختفاء القسري، والقصف المتعمد للمستشفيات واستهداف الطواقم الطبية، مشيرا إلى وجود عشرات الحالات الموثقة. وأضاف الأصبحي أن الأرقام الواردة من المنظمات الدولية حول اليمن كارثية، فجاء في إحصاء لمنظمات اليونيسيف هذا الأسبوع أن 20 مليون نسمة يحتاجون للمساعدات الإنسانية، منهم 9.4 ملايين طفل، ومليون نازح ومشرد داخليا، وأكثر من 2288 قتلوا، بينهم 279 طفلا، وأن 80% من السكان يعانون من الجوع والحصار، وتمنع عنهم مواد الإغاثة الطارئة. وأوضح أن الحل ممكن ويبدأ في أن توقف هذه الميليشيات حصارها للمدن والمحافظات، وتمتنع عن إعاقة قوافل الإغاثة، ورسم قرار مجلس الأمن رقم 2216 معالم الحل، مؤكدا أن المسؤولية الدولية تحتم تنفيذ هذا الالتزام الدولي فورا، وبدون تلكؤ أو انتقاص، مطالبا بالتحقيق في جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية لميليشيات الحوثي وصالح في عدن، وتعز، والضالع، ولحج، وبقية المدن، وتحديد المسؤولية الجنائية لميليشيات التمرد وفلول صالح، وتقديمهم للعدالة. .. وولد الشيخ يدعو المتمردين إلى التقيد بمعايير المفاوضات حمل المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، الحوثيين - بشكل غير مباشر - مسؤولية عرقلة مشاورات جنيف، موضحا أن القرار الأممي 2216 من مرجعيات المشاورات. وقال المبعوث الأممي إن مرجعية حوار جنيف هي المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، معلنا التزام الحكومة اليمنية بما جاء في رسالة الدعوة لجنيف. ودعا الحوثيين إلى الاجتماع بوفد الحكومة الشرعية، مشددا على ضرورة تخفيض عدد وفدهم إلى سبعة أعضاء. كما طالبهم بالتقيد بمعايير المفاوضات. وكانت مصادر إعلامية قد أكدت أن تعقيدات كبيرة تعرقل سير المشاورات، مشيرا إلى أن وفد الانقلابيين يرفض أي تقليص في عدده، ويصرون على معرفة ما سموه "صفة الطرف الآخر"، وهو ما دعا وزير الخارجية اليمني رياض ياسين إلى القول إن الحوثيين وحلفاءهم يحاولون إجهاض المشاورات. وكان ولد الشيخ أحمد قد أبلغ وفد الحوثيين وحلفائهم ضرورة تقليص عدده إلى سبعة أعضاء وثلاثة مستشارين، حتى يتكافأ الطرفان المشاركان في المشاورات. وأضاف أثناء الاجتماع أن مشاورات جنيف هي الخطوة الأولى لإنهاء معاناة الشعب اليمني، وأنه يجب التوصل حتى ولو إلى هدنة قبل شهر رمضان.