رفض كل وزراء حكومة الكفاءات التي تشكلت عقب دخول الحوثيين العاصمة صنعاء في سبتمبر من العام الماضي، العمل في ظل استمرار سيطرة الميليشيا، وتخلوا عن جماعة الحوثيين وحليفهم المخلوع علي عبدالله صالح، ولم يتبق أمام المتمردين إلا وزيران فقط، أعلنا ولاءهما للانقلاب، فيما غادر البقية اليمن إلى بلدان مختلفة، وأغلبهم اختار المملكة العربية السعودية. ولم تمض الحكومة التي كانت برئاسة خالد بحاح سوى فترة وجيزة لم تكمل ثلاثة أشهر، قبل أن تقدم استقالتها بسبب تصرفات الحوثيين، حيث صدر قرار تعيينها في 7 نوفمبر 2014 وقدمت استقالتها إلى الرئيس عبدربه منصور هادي في 22 يناير الماضي، ما دفع الحوثيين إلى محاصرة مقرات إقامتهم في العاصمة لما يقارب الشهر، قبل أن يتم إخلاء سبيلهم بضغوط محلية ودولية، ليغادروا البلاد. ولم يتبق من الوزراء هؤلاء سوى اثنين فقط، أعلنا ولاءهما للانقلاب، هما وزير الداخلية اللواء جلال الرويشان، وحسن محمد زيد وهو قيادي في حزب الحق القريب من الحوثيين، عينه هادي وزيراً بدون حقيبة، وانحصر دوره في الفترة الأخيرة كناشط على موقع "فيسبوك"، لصالح الحوثي والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، أكثر من كونه عضوا في الحكومة. وقال مصدر حكومي ل "الوطن" إن كل الوزارات تديرها قيادات من الميليشيات، منذ إسقاط العاصمة، وهو الأمر الذي أثار غضب رئيس الحكومة خالد بحاح، وفضل الاستقالة مع أعضاء حكومته، بدلا من أن يكونوا مجرد ديكور للانقلاب، قبل أن يتمكنوا من الإفلات من أيدي الميليشيا ويستأنفوا عمل حكومتهم الشرعية من الرياض. وتحدث المصدر عن العشوائية التي يدير بها الانقلابيون مؤسسات الدولة، وتساءل قائلاً "ماذا تتوقع من مسلحين لا يجيدون إلا القتل واستخدام الأسلحة ثم يتولون فجأة مناصب حكومية؟ هل تتوقع منهم أن يُديروا دولة بطريقة نظامية؟". وأجاب عن نفسه بالقول "هؤلاء لا يحملون أي مؤهلات، ناهيك عن وجود خبرة تؤهلهم لهذه المناصب سوى انقلابهم على الدولة، مستغلين ضعف قيادتها والتزامها الصمت. هؤلاء سيكرسون للفوضى فقط، وهناك تضجر واستياء من قبل كل الكادر الوظيفي للدولة بسبب الفساد والعشوائية التي جلبتها إدارة الانقلابيين". وكشف المصدر عن دور الوزيرين الذين بقيا في صنعاء وانحازا للانقلابيين، وقال إن من يقوم بمهماتهما هي تلك الميليشيات، فقد تحول حسين زيد الذي بدون حقيبة أصلا، إلى مجرد ناشط على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما تحول اللواء جلال الرويشان إلى شخص يستخدمه الانقلابيون للظهور الإعلامي والتشريفات، كي يُظهروا للآخرين أن سلطتهم شرعية، على اعتبار أن الرويشان تم تعيينه بقرار جمهوري". وأضاف، متحدثا عن وزير الداخلية "الرويشان بطبعه شخص ضعيف، ويدير الحوثيون الوزارة من وراء ظهره، وأصبحت مهمته إضفاء الشرعية على تصرفات الانقلابيين الهمجية وغير القانونية، من خلال التوقيع على توجيهات بتجنيد الآلاف من ميليشياتهم، وإصدار أوامر الاعتقال القهرية على خصومهم وسجنهم والتنكيل بهم، تحت مبرر أنها توجيهات من وزير الداخلية، في حين أن من أصدرها هو القيادي الحوثي أبو حمزة، الذي يتولى إدارة الوزارة فعليا". ويستغرب يمنيون من عدم إصدار الرئيس عبدربه منصور هادي قرارا جمهورياً بإقالة الرويشان، وتعيين وزير جديد بدلا عنه، كما فعل حين أقال قادة عسكريين وأمنيين وأحالهم إلى المحاكمة بتهمة الخيانة، إضافة إلى إصدار قرار يقضي بإقالة وزير الدولة حسن زيد ومحاكمته بتهمة التمرد على الشرعية والتحريض ضد اليمنيين. ولا يزال الانقلابيون ممثلين في الحوثي والمخلوع، يدّعون امتلاكهم الشرعية، لكن المصدر قال "أي شرعية تلك التي يزعمونها، في حين لم يتبق من الوزراء الشرعيين معهم سوى وزيرين فقط، وقد يكونا مجبرين على ذلك وأرغما على البقاء بقوة السلاح".