في الوقت الذي قفزت فيه أسعار الشعير إلى مستويات 50 ريالا للكيس خلال اليومين الماضيين شهدت سوق بيع الأغنام في العاصمة الرياض اضطرابا يعد الأول من نوعه منذ أكثر من 20 عاما، بعد أن أكد بائعون أنهم سيبيعون بسعر أقل للتخلص من المواشي. فيما أكد آخرون أنهم سيبيعون بأسعار أعلى لتعويض زيادة التكلفة عليهم. ويرى بعض البائعين في سوق الأغنام خلال حديثهم ل"الوطن" أمس أن ارتفاع تكلفة "الشعير" الذي يعد العلف الأول للأغنام يزيد من التكلفة الأولية، مما يدفعهم إلى رفع الأسعار بهدف المحافظة على الهوامش الربحية الموضوعة منذ بداية دخولهم مشروع تربية وبيع المواشي. في حين يرى الطرف الآخر من البائعين أن ارتفاع أسعار "الشعير" يزيد من حجم المعروض في سوق بيع الأغنام بغية ملاك المواشي في توفير المزيد من الأعلاف لمواشيهم التي يقومون بتربيتها، مما يزيد من فرصة تراجع الأسعار عن مستوياتها الحالية. ويأتي ارتفاع أسعار الشعير إلى جانب الارتفاعات التي شهدتها أسواق الخضار واللحوم. وأمام هذا التباين تحدث مدير عام مؤسسة المرزوقي لبيع وتوزيع الأعلاف في العاصمة الرياض سعد المرزوقي ل"الوطن"، وقال: إن أسعار "الشعير" بدأت بالارتفاع منذ مطلع الأسبوع الماضي بصورة تدريجية، حتى وصلت إلى مستويات عالية بلغت ما يقارب 50 ريالا للكيس الأسترالي، و47 ريالا للأوروبي. وأكد المرزوقي أن أصحاب المواشي بدؤوا يتذمرون كثيرا من الأسعار المرتفعة في سوق "الشعير". مبينا أن الأسعار النهائية المرتفعة تأتي كنتيجة طبيعية لرفع التجار المستوردين للأسعار في ظل تحججهم بارتفاع التكلفة عالميا. ودعا المرزوقي إلى إيجاد حلول مستقبلية في سوق "الشعير" من خلال توسيع دائرة الاستثمارات الزراعية الخارجية من قبل السعوديين، أو إبرام العقود طويلة الأمد تفاديا للظروف الطارئة التي قد تحدث بين حين وآخر. فيما أكد محمد صالح وهو بائع في سوق الأغنام ل"الوطن" أنه اضطر إلى رفع أسعار الأغنام التي يقوم بعرضها بنسبة 20% خلال اليومين الماضيين، عقب ارتفاع أسعار "الشعير" وصولا إلى مستويات لامست مستويات 50 ريالا للكيس الواحد. وأوضح صالح أنه يقوم بعرض الأغنام عند 1200 ريال للرأس الواحد عقب بيعه لمثيلاتها قبل نحو أسبوعين عند سعر ألف ريال للرأس الواحد. مبديا تذمره الكبير من ارتفاع أسعار "الشعير"، وقال: "أخشى أن يكون هذا الأمر مؤثرا على سوق تربية المواشي، وأتمنى أن تكون هنالك حلول عاجلة". وفي اتجاة آخر أكد محمد العصيمي أنه بدأ في تخفيض أسعار بيع الأغنام خلال اليومين الماضيين بغية بيع عدد منها بهدف إيجاد قيمة تكلفة "الشعير" لبقية المواشي التي يقوم بتربيتها، وقال: "رفع الأسعار يدفع الزبائن إلى البحث عن أغنام أخرى، وأنا في حاجة للمال وهو حق مشروع لي". وبيّن العصيمي أنه خفض الأسعار بنسبة 10% ليصل سعر رأس الأغنام ذات الحجم المتوسط إلى 900 ريال. مشيرا إلى أن سوق بيع الأغنام تشهد اضطرابا يعد الأول من نوعه منذ 20 عاما. من جهة أخرى أبدى الخبير الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة استغرابه من التناقض الذي يحدث دائما في سوق بيع الأغنام، وقال: "ما يجعل أسعار المواشي لا تسير وفق قاعدة اقتصادية سليمة هو أن معظم تجار هذا القطاع أفراد يبحثون عن تحقيق أعلى معدلات الأرباح". الجدير بالذكر أن "الوطن" كانت قد حذرت قبل نحو 40 يوما من ارتفاع كبير سيحدث لأسعار الشعير خلال هذه الفترة، تأثرا بارتفاع الأسعار عالميا خلال الأسابيع الماضية نتيجة انخفاض كميات المحصول في كثير من الدول المنتجة، وكانت أسعار كيس "الشعير" حين نشر هذه التحذيرات تتراوح بين مستويات 36 إلى 38 ريالا للكيس الواحد. وعقب هذه التحذيرات أعلنت وزارة "التجارة والصناعة" إخضاع سلعة "الشعير" لأحكام التنظيم التمويني في الأحوال غير العادية، واعتبر القرار مخالفا لأحكامه كل من تجاوز من المستوردين نسبة هامش ربح مقدارها 5%، من كلفة الاستيراد بعد خصم مقدار الإعانة ورسوم التفريغ في الموانئ. وساهم هذا القرار في انخفاض الأسعار لمدة أسبوعين تقريبا إلى مستويات 34 ريالا لكيس "الشعير" الواحد، إلا أن الأسعار عادت للصعود مجددا عقب تلميحات مستورد سعودي (طلب عدم كشف اسمه) تحدث ل"الوطن" أمس بأن الأسعار الجديدة تأتي نتيجة ارتفاع الفاتورة النهائية للكميات الجديدة عقب نفاد الكميات الأولى التي يمتلكونها.