سجلت المملكة حضورا مميزا خلال مشاركتها بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب الذي نظمته هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، بمشاركة 1181 دار نشر من 63 دولة. وحظي الجناح السعودي بأصداء واسعة من خلال الزوار أو من خلال تميز وتعدد الأنشطة المقدمة، أو من خلال المساحة الأكبر والتصميم المميز، والذي تشرف عليه في هذا المحفل الثقافي العالمي الملحقية الثقافية السعودية في الإمارات. وقال مدير الشؤون الثقافية بالملحقية الثقافية في الإمارات المشرف على الصالون الثقافي بجناح المملكة الدكتور محمد المسعودي إن الاستعدادات للمشاركة كانت واضحة المعالم بتوجيهات من وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل ومسؤولي الوزارة الذين لم يألوا جهدا في تسهيل إقامة هذا الحدث بالشكل الذي يواكب ما تعيشه المملكة من عهد زاهٍ واهتمام عالمي، فكان الجناح السعودي في سياق استعداداته اللوجيستية، إذ أكمل جميع تحضيراته وفق أعلى المعايير، وبتوجيهات وإشراف مباشر من الملحق الثقافي الدكتور صالح السحيباني، فبذل فيها فريق العمل في الملحقية الثقافية جهدا مضاعفا، ونفذ تصميم الجناح منطلقا من فلسفة خاصة تحمل رسالة و"لغة بصرية" في الانتقال من الكتاب الورقي إلى الرقمي لتحاكي الواقع التكنولوجي والتقني والحضاري الذي تعيشه المملكة وتشهده ساحة الثقافة السعودية في ظل التطورات المتلاحقة في مجال تقنيات الاتصالات والمعلومات، وعمل على تجهيز المعرض على مساحة 200 متر مربع، لتمثل أكبر مساحة لمعرض مشارك بشكل هندسي يتصدر مدخله شاشة على شكل "شاشة الكمبيوتر" و"قرص سي دي" تمثل شكل الكتاب الإلكتروني وعلى مساحة داخلية تأخذ شكل الكتاب الورقي، وغطت جنبات المعرض بصور تجمع القيادتين الرشيدتين في السعودية والإمارات على مدى 25 عاما تجسد "اليوبيل الفضي" للمعرض، في حين استضاف الجناح أكثر من 25 جهة حكومية سعودية ممثلة في مؤسسات التعليم العالي والمكتبات الحكومية والوزارات ذات العلاقة التي وفرت أكثر من 7 آلاف كتاب ورقي وإلكتروني، وهو ما يعد بعدا ثقافيا مهما لنقل رسالة الحرمين الشريفين نحو العالم وإبراز ما وصلت إليه المملكة في المشهدين الثقافي والعلمي. الديبلوماسية الثقافية وأكد المسعودي أن المشاركة في هذا العام تشرفت بأن تكون أول أنشطة الجناح بالتركيز على "شخصية الملك سلمان" والديبلوماسية الثقافية كمنطلق رئيس، لتمثل حصيلة ستة عقود من التجارب والمواقف الإنسانية والثقافية والإدارية والتاريخية والإعلامية من خلال ندوة بمشاركة عدد من الكتاب والمثقفين الذين قاموا برصد إضاءات شخصية الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - والوقوف على الكاريزما الخاصة والديبلوماسية الثقافية التي يمتلكها، وهو ما جسد رسالة مهمة تعكس رؤيته في بناء الدولة، بالاستناد إلى العلم والمعرفة والتعلم. اليوبيل الفضي وعن الحراك الثقافي الذي قدمه الجناح السعودي أشار المسعودي إلى أن الجناح السعودي استضاف عددا من المؤلفين والأكاديميين والأدباء والإعلاميين في البرنامج الثقافي، ليحتفل الجناح السعودي ويشارك المعرض في الاحتفاء بيوبيله الفضي والذي يمثل أيضا عدد مشاركات المملكة المميزة خلال ربع قرن على انطلاقته، فكان انطلاق وتوقيع كتاب "مسجد الشيخ زايد الكبير.. وروح الحضارة" وهو من إصدارات الملحقية الثقافية اشتمل الكتاب على ما يمثله الجامع من فن إسلامي أصيل، وإبداع هندسي فريد، وكذلك قدمت ندوة عن الشيخ محمد بن راشد كشخصية العام الثقافية لجائزة الشيخ زايد للكتاب، قدمها عدد من الشخصيات الثقافية الإماراتية والسعودية. اللغة البصرية وأضاف المسعودي "اللغة البصرية كانت حاضرة بدءا من تصميم المعرض، بالإضافة إلى حضور فن الكاريكاتير بمعرض داخلي، بالإضافة إلى وجود أقسام عدة للفن الفوتوجرافي الذي برزت فيه صور الحرمين الشريفين بين الروعة والرعاية، وكذلك لأهم مساجد أبوظبي والشارقة". الصالون الثقافي ولفت المسعودي إلى أن النشاطات والندوات اليومية التي تتخذ من الصالون الثقافي مقرا لها غطت عددا من الجوانب الأدبية والثقافية والإنسانية للمملكة ونشر رسالتها، حيث احتضن الصالون الثقافي للجناح برامج عدة مثل برنامج "حضور الغياب" الذي يزرع قيمة الوفاء للراحلين ممن أثروا الساحة الوطنية خدمة وعملا، وبرنامج "طاقات المستقبل" الذي استعرض طاقات الشباب السعودي من الجنسين واستهدف حماية وتعزيز الهوية الوطنية، وتمت فيه استضافة عدد من المبدعين الشباب يتقدمهم أصغر مؤلف سعودي الطفل باسل الغامدي الذي احتفى فيه الجناح السعودي ووقع كتابه فيه، كما قدم الصالون الثقافي عددا من الشعراء المشهورين في الشعر الفصيح وكذلك في الشعر النبطي، والذين قدموا أمسيتين شعريتين أمتعوا فيها الحضور بشعرهم من خلال تلك الأمسيات، كما كان للمرأة حضور في تقديم ندوة عن الأسرة والطفولة قدمها عدد من المثقفات والتربويات من السعودية والإمارات والدول العربية، كما كان للفن نصيبه حيث قدمت ندوة عن "فن الكاريكاتير بين التأثر والتأثير، كما ركز الصالون الثقافي على الإعلام الجديد ودور الصفحات الثقافية في مسيرة الصحف وتأثيرها في نشر الثقافة الإبداعية، وحضرت فيها مسيرة صحيفة الوطن بقوة وتأثيرها في الصحف الخليجية وما أحدثته من نقلة نوعية في مفهوم الصحافة من خلال طرح المشاركين الموجود في الندوة والذين حضروا من صحف الاتحاد والرؤية والخليج والبيان الإماراتية وصحيفتي الرياض والوطن السعوديتين، هذا بالإضافة إلى عدد من البرامج الموجهة لذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها من البرامج الثقافية الهادفة وتوقيعات الكتب لعدد من الشعراء والمؤلفين السعوديين الذين زاروا الصالون وشاركوا فيه. تشريف رسمي وأضاف المسعودي "على مدى أسبوع كامل شهد الجناح السعودي زيارات رسمية وجماهيرية كبيرة، حيث زاره صاحب السمو ولي عهد أبوظبي نائب القائد العام للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي أشاد فيه بتنوع الجناح وثرائه، كما زاره سمو وزير الخارجية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان الذي بدوره أبدى إعجابه الشديد بالجناح السعودي، كما أثنى سمو وزير الداخلية الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وذلك أثناء زيارته للجناح، كذلك وخلال زيارته للجناح أشاد رئيس هيئة أبوظبي للسياحة الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان بالمستوى الرفيع الذي تبوأه جناح المملكة، في حين أثنى على الجناح الشيخ محمد بن خليفة آل نهيان، وهذا يعكس العلاقة التواشجية بين المملكة والإمارات، وكذلك ما يعد بعدا ثقافيا مهما لنقل رسالة الحرمين الشريفين نحو العالم وإبراز ما وصلت إليه المملكة في المشهدين الثقافي والعلمي".