منذ سيطرة عناصر تنظيم القاعدة أو من باتوا يطلقون على أنفسهم تسمية "أبناء حضرموت" على مدينة المكلا مطلع أبريل الماضي، وهم يحرصون على التأكيد أنهم لن يبقوا في المدينة، وسيغادروها عقب تسليمها إلى المجلس الأهلي الحضرمي. لكن المتابع لأنشطة الجماعة وطريقة إدارتهم للمدينة لا يجد بوادر لذلك في الأفق، بل يرى أن هناك استعدادات خفية تتم لإقامة إمارة إسلامية بالمدينة، رغم تمسكهم في أحاديثهم العامة مع المواطنين بأنهم لا يتجهون لفعل ذلك. فمنذ أن باتت أمور المدينة بأيديهم، بدأ عناصر أنصار الشريعة المنبثقة عن تنظيم القاعدة في تشكيل ما يسمى بالشرطة الإسلامية، لتقوم بمهمات الأمن العام بالمدينة. وكانت تتخذ من مركز بلفقيه الثقافي مقرا لها، قبل أن تنقله إلى مبنى المؤسسة الاقتصادية اليمنية، ويقود هذا الجهاز الأمني الجديد شاب يُدعى طارق بن غانم من أبناء وادي رخيه، ويطلق على نفسه كنية "أبوهمام". كما بدأوا في حشد وتدريب مزيد من الشباب على حمل السلاح والتعامل معه في عدد من المعسكرات التي سيطروا عليها، ومنها معسكر اللواء 27 ميكا، ومقر قيادة المنطقة العسكرية الثانية بالمدينة. تحت ذريعة مقاتلة الحوثيين، لكن هنالك من يشكك في صدقية هذه الرواية، ويقول إن الهدف الأساسي هو كسب مزيد من المتعاطفين والأنصار، خصوصا من فئة الشباب والمراهقين. كما تم تأسيس محكمة شرعية للنظر في دعاوى المواطنين والفصل في القضايا والمتهمين الذين يحالون إليها من الشرطة الإسلامية. ويسعى عناصر التنظيم إلى إنشاء هيئة للحسبة، وفقا لتأكيدات أطلقها القيادي البارز في التنظيم، خالد باطرفي، في أحد لقاءاته العامة بالسكان في مساجد المدينة. وعاد باطرفي إلى المشهد بقوة بعد تحريره من السجن المركزي في المكلا، عقب اقتحامه من أنصار الشريعة، وكانت الحكومة اليمنية أعلنت في ال17 من مارس 2011 أنها اعتقلت باطرفي بمحافظة تعز في شمال اليمن، وضبطت بحوزته متفجرات. وإضافة إلى كل ذلك، يسعى أنصار الشريعة بالمكلا أخيرا إلى إطلاق إذاعة محلية خاصة بهم تحت اسم "إذاعة أهل السنة"، تقوم بعمل إذاعة المكلا التي تم نهبها وإحراقها، وقالت مصادر إعلامية بالمدينة إن الإذاعة المرتقبة ستكون مخصصة في بداية بثها التجريبي لبث بيانات الجماعة والرد على تساؤلات المواطنين، واتخاذها كوسيلة إعلامية رسمية متحدثة باسمهم في المدينة. وعن هذه التطورات يقول رئيس جبهة مستقبل حضرموت، الدكتور رشيد بامخلاه، في تصريحات إلى "الوطن": "لا مستقبل للقاعدة أو أنصار الشريعة في حضرموت. ومهما حاول عناصر هذا التنظيم أن يقيموا مؤسسات إدارية، فلن يكون مصيرها إلا الفشل وتصفية الوجود القاعدي تماما من المكلا". وأضاف بامخلاه أن دخول القاعدة تم عبر تسهيلات من أحد أطراف الصراع الحالي، ولهذا لن يتعدى الأمر أن تكون ورقة ضغط في أي تسوية قادمة، مؤكدا بالقول "كل المؤشرات تدل على أن وجود القاعدة وقتي، لهذا فنحن كسياسيين نعمل الآن على الاستعداد لمرحلة ما بعد القاعدة".