خالف المتمردون الحوثيون كل القيم التي توارثها اليمنيون، جيلاً عن جيل، وأصبحت في عرفهم من المقدسات، مثل احترام المرأة وصون كرامتها، والابتعاد عن كل ما من شأنه المساس بها. وقام قناصة حوثيون خلال الفترة الماضية باستهداف النساء والفتيات، دون أن تكون لهن أي مشاركة في أعمال القتال، أو المظاهرات المناوئة للتمرد. وآخر هذه الجرائم ما أقدم عليه قناص حوثي أول من أمس، حينما أطلق النار على فتاة يمنية كانت تسير في أحد شوارع عدن، ما أدى إلى مقتلها على الفور. وهز منظر الفتاة وهي تسقط وسط الشارع مضرجة بدمائها مشاعر كثير من اليمنيين، الذين اعتادوا احترام المرأة، وصون كرامتها، وعدم الاعتداء عليها، وبذلك تكون الجماعة المتمردة قد دخلت قائمة المنتهكين، لإحدى أكبر الجرائم وأكثرها شناعة في الموروث القيمي للمجتمع اليمني، والتي سبقهم إليها المخلوع علي عبدالله صالح. وتجرم التقاليد والأعراف اليمنية أي إهانة أو تعد على كرامة المرأة، وينظر اليمنيون لمن يرتكب هذا الجرم بنظرة احتقار وازدراء، توجب قطيعته ولفظه من المجتمع. وفي القدم جرت العادات والتقاليد أن يخوض الرجال خلافاتهم التي تصل إلى حد الاحتراب، في وقت تظل المرأة مصونة ومحترمة لا تمس بسوء، مهما كان موقفها المؤيد أو المعارض لهذا الطرف أو ذاك. تلاه في اقتراف هذا الجرم جماعة الحوثيين المسلحة التي استمرأت في تعديها على المرأة اليمنية، ليصل بها الحد إلى قتلها وتهديدها وتشريدها من منزلها. وبات كل اليمنيين يرون أن هذا سببا كافيا لكي يدخل صالح والحوثيون، الذين كانوا خصوماً بالأمس وحلفاء اليوم، قائمة العار، لدى كل يمني. فمنذ تمدد جماعة الحوثيين وسيطرتها بالقوة على مدن يمنية، يسجل التاريخ في صفحاته أحداثا سوداوية، من قبيل هدم الميليشيات للمنازل، ومساواتها بالأرض، ليصبح ملاك هذه البيوت مع نسائهم بلا مأوى. وأول من أمس أطلق قناص حوثي يتمركز في إحدى المباني السكنية النار على ربة منزل، تدعى نيفين جمال، داخل منزلها في حي كريتر بعدن، كما أطلق النار على سيارة كانت تحاول الاقتراب من المنزل لإسعافها، قبل أن تفارق الحياة. وبحسب مصادر ل "الوطن" فإن القتيلة هي الابنة الوحيدة لوالديها، وتُعد المرأة الثالثة التي يقتلها الحوثيون منذ محاولاتهم إسقاط مدينة عدن. كما يلاحق المسلحون الحوثيون في العاصمة صنعاء الناشطات المناهضات لانقلابهم، ومنهن عضو مؤتمر الحوار الوطني، نادية عبدالله، التي أرسل الحوثيون أطقما مسلحة للبحث عنها في منزلها. وعد الناشط السياسي وليد الجملولي هاتين الحادثتين سابقة خطيرة تكشف مدى انقلاب جماعة الحوثي وصالح، ليس على الشرعية فقط، بل على عادات اليمنيين وتقاليدهم المتوارثة، حسب قوله. وأضاف الجملولي في تصريح ل "الوطن" "المتعارف عليه في مجتمعنا اليمني أن للمرأة احترامها وخصوصياتها التي يجب التوقف عندها، حتى في حالة الحروب التي تندلع بين القبائل، وعند تعدي أحد أطراف الصراع على المرأة فإن ذلك يعد تجاوزا خطيرا، يأخذ حقه من العقاب في النظام القبلي". وبات صالح والحوثيون الطرفين اللذين يضرب بهما المثل في ارتكاب هذا "العيب الأسود"، ففي حين اعتقل صالح إبان حكمه الناشطة توكل كرمان، فإن الحوثيين قتلوا ابنة الجنوب، وحاولوا إخراج المواطنة اليمنية انتصار شرهان في العاصمة لتبيت في العراء تحت ذريعة أن زوجها السابق يخالفهم في الرأي والتوجه.