نجد أحيانا أسماء مقطوعة الدلالة بالمسميات مثل أن يكون اسم مؤسسة لا يدل على وظيفتها، وأسماء تدل على المسميات مثل "مدرس" و"ممرض" وغيرهما، وهي تعمل عمل الصفات لأنها تصف المسميات وأحوالها. كذلك كلمة "مسلم": صفة وحال. الإسلام من "السِلم" وهو السلام والصلح والتراضي. فإن قلت إنك مسلم فأنت تصف حالة كونك في سلام وتعاملك بما يعزز السلم والمسالمة، بوضوح وأمانة ومحبة وتسامح، وتفاديك ما يبطل السلم والمسالمة كالغضب والخداع والنميمة، أي أن حالك هي تحقيق السلام اللازم لتعيش ومن حولك بسعادة. وإن قلت إنك مسلم معناها أنك متبرئ مما فيه تعالٍ واستكبار أمام من أنت مسلم أي مستسلم له، وهو المهيمن جل شأنه. وإن وصفت نفسك بأنك مسلم، معناها أنك تُسلم نفسك وتقدمها، وتبين أنك تتحرك في يومك وليلتك منقادا متوجها نحو الواحد الأحد مترفعا عن الانقياد لمخلوق، وتعلنها أمام كل إنسان وعند كل ابتلاء، لأنك مسلم لمن هو فوق كل ذلك، مستغنٍ به عن أن يهمك أي مخلوق وأن تكربك المشكلات وتغمك العثرات. الإسلام هو أن تسلِّم وتعطي وتقدم كل صغيرة وكبيرة من قول وعمل وكسب وفقْد بين يدي الله العظيم، لأنه معك أينما كنت ترجو رضاه وقبوله وعفوه وصفحه. علّمنا سيدنا عليه الصلاة والسلام أن الإيمان يحصل بالمحبة التي من أسبابها إفشاء السلام، ولم يحدده بتحية الإسلام، فجاءت بالمعنى الأعم وهو إفشاء أسباب السلام: التحية والمعاملة الطيبة والرحمة والموعظة الحسنة والهدوء والرفق وخفض الصوت والتواضع وجميل التفاهم ونبذ العنف والتباغض والإهانة والذل والظلم والغرور والخصومة. ليكن الإسلام فينا صفة شاملة وحالا جامعة وعطرا جذابا وليس اسما وخانة نملؤها، ومن يتصف بصفة ويخالفها كذب على نفسه وغيره، وقد قيل حقا "إن من يخالف قولَه عمله فكأنما يوبخ نفسه".