كان صدى كلمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز في حفل جائزة الملك فيصل الأخير يتردد في المحافل والمجالس والنوادي، ليس لكونها قطعة أدبية لها وقع مميز في أذن المستمع بتوهجها وعنفوانها بمتانتها وسلاستها؛ بل لعمقها وتحليلها واقع الأمة، ورغم قصرها فهي نهج ومشروع وطني متميز. فالتركيز على البناء الوطني بقوة سواعد أبنائه ونبذ الاتكالية على حليف أو صديق أو رفيق هو مشروع حضاري بحد ذاته.. فالتاريخ شاهد على تخلي الحلفاء عن حليفهم عندما تتعارض مصالحهم أو تتغير أمزجتهم ناهيك عن المتغيرات السياسية بأبعادها الإقليمية والمصالح الدولية. فالشرق الأوسط الآن يمور بتيارات متضادة متضاربة في واقعها الإقليمي والدولي.. يسود فيها القتل والتدمير وتتشكل فيها التنظيمات الهمجية المتخلفة التي تهدد الحضارة وتدوس على القيم الدينية والإنسانية بأسلوب بدائي همجي ظلامي موغل في متاهات الجهالة والانحدار. نحن شعب يعتز بتاريخه ونحن أمة العرب مجدنا تليد وقوتنا في عقيدتنا وسواعد أبنائنا.. نحن بناة حضارة لن نسمح لأي كائن أن يهدمها ولا يساوم عليها، نحن الذين أراد الله لنا أن نكون خير أمه (وهي تعني الكثير في التفسيرات) أجدادنا فتحو الأمصار، وعمرو الديار، وأقاموا شريعة الله في الأقطار.. لن نستسلم ولن نحيد عن بناء قوتنا ونلتف أفواجا تحت لواء قيادتنا.. فالأعداء يمترون ويتآمرون ويرجفون ويبثون سموم الفرقة ويمطرون الكون بالسموم المهلكة.. يريدون تشتيت وحدتنا وقضم قلاعنا وتشويه تاريخنا، فلنكن لهم بالمرصاد ونعمل سويا وبإرادة صلبة على تسخير مواردنا وتوجيه مواهبنا لبناء قوتنا (لا مجال للترف والملذات انه يوم العزم والحزم والثبات). فالأرض تميد وهناك حناجر تصرخ بالوعيد، ونحن لها راصدون لا مستسلمين ولا خائفين.. نحن أحفاد خالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص، ما زالت جيناتهم تهدر في دمائنا.. والمرأة السعودية تلد الرجال جيلا بعد جيل كراما قادرين لا يعرفون الانحناء لغير الله، ولا يولون الأدبار عند الزحف.. قوتنا في بساطتنا ونحن أكثر أمم الأرض صبرا على الجوع والألم.. فالصحراء بيئتنا شكلت منا رجالا أشداء، والتاريخ شاهد على ذلك ونحن حراس الفضيلة وسدنة بيوت الله، نعمر المساجد ونرد الظلم والطغيان ونؤم المسلمين.. إيماننا متجذر متعمق في قيمنا وأعرفنا وسلوكياتنا، يهبنا القوة ويدفعنا إلى التضحية بأنفسنا وأموالنا إذا اعتدى علينا أو أراد أحد النيل من مقدساتنا ومكتسباتنا. هكذا هي مبادؤنا وهذا ما عبر عنه الأمير خالد الفيصل بحسه الوطني وفكره النير المتجدد وبهمته العليا وقوة إرادته التي لا تعرف الهوان، ولا تثنيها عن هدفها حواجز الأعداء ودسيسة المتآمرين.