رعا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مساء اليوم حفل تسليم جوائز الملك فيصل العالمية للفائزين بها في دورتها السابعة والثلاثين، وذلك في قاعة الأمير سلطان الكبرى في الرياض. وكان في مقدمة مستقبلي خادم الحرمين الشريفين لدى وصوله مقر الحفل صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة الرئيس التنفيذي لمؤسسة الملك فيصل الخيرية ورئيس هيئة جائزة الملك فيصل العالمية، وصاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن عبدالله الفيصل، وصاحب السمو الأمير بندر بن سعود بن خالد الأمين العام لمؤسسة الملك فيصل الخيرية، والأمين العام للجائزة الدكتور عبدالله بن صالح العثيمين.
وفي كلمة له في مستهل الحفل، رحب الأمير خالد الفيصل بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حامل مشعل العلم والثقافة، ونوه بما تتسم به قيادته من مبادرة.
وحذر الأمير خالد مما يسود العالم من خلل من جراء استفحال القتل واستكبار الجهل، وسياسة الكيل بمكيالين، ودعا إلى عدم الارتكان إلى الحلفاء أو الأصدقاء، بل إلى الاعتماد على الذات بعد الله، وطالب شباب الوطن بالتشمير عن سواعد الجد لبناء وطنهم. وقال سموه:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله
سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله -
حامل مشعل العلم والثقافة.. في أطهر بقاع الدنيا كافة
أصحاب السمو الأمراء
أصحاب المعالي.. والسعادة.. أيها الفائزون بجائزة الملك فيصل العالمية
وقد قدم الفائزين بين يدي خادم الحرمين الشريفين الأستاذ الدكتور عبد الله بن صالح العثيمين الأمين العام لجائزة الملك فيصل العالمية، وكان في مقدمتهم الفائز بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام الدكتور ذاكر عبد الكريم نائيك من الهند، مدير مؤسسة البحث الإسلامية في الهند، الذي أعلن في كلمة موجزة له عقب تسلمه الجائزة من خادم الحرمين الشريفين تبرعه بقيمتها كاملة (200) ألف دولار لتكون وقفاً على قناة السلام التي أنشأها لتكون أول قناة في مجال المقارنات في العالم، ويشاهد بثها باللغة الإنجليزية مائة مليون مشاهد.
وقد وجّه الدكتور ذاكر الشكر لوالديه وأسرته وزملائه المقرَّبين والعاملين في قناة السلام.
كما وجَّه شكره لمؤسسة الملك فيصل الخيرية، وأثنى على جهودها الخيِّرة في بث قيم الإسلام وروحه، وتشجيع المعرفة، والتقدُّم العلمي.
وكانت الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالرياض قد رشحت الدكتور ذاكر لنيل الجائزة التي نالها نظراً لكونه يُعد من أشهر الشخصيات الدعوية الناطقة بغير اللغة العربية في العالم؛ إذ تمثلت جهوده في إلقاء مئات المحاضرات والندوات العلمية التي تشرح دين الإسلام وتدافع عن مبادئه مُعتمداً القرآن الكريم والسنَّة النبوية الصحيحة أساساً لنشر الدعوة.
ولقد أنشأ قناة إسلامية باللغة الإنجليزية "قناة السلام" Peace Channel، وهي الوحيدة في العالم في مجال المقارنات، وتبث على أقمار صناعية عدة، وأخرى باللغة الأردية، وثالثة باللغة البنغالية، وقد بلغ عدد مشاهدي القناة الإنجليزية أكثر من 100 مليون مشاهد.
كما أنشأ سلسلةً من المدارس بدأت في الهند، ثم امتدت إلى عدد من البلدان العربية والإسلامية، تهدف إلى إعداد جيل من الدعاة غير العرب، وتقوم بتربية الطالب ابتداءً من مرحلة ما دون الابتدائية، إضافة إلى المناهج التعليمية الحكومية المُعتمدة التي تُدَرَّسُ باللغة الإنجليزية.
كما قدم الأمين العام للجائزة الفائز بجائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية الدكتور المهندس عبد العزيز بن عبد الرحمن بن إبراهيم كعكي (سعودي الجنسية)، المستشار في هيئة تطوير المدينة المُنَوَّرَة. وقد رشحته للجائزة التي كان موضوعها (التراث الحضاري للمدينة المُنَوَّرَة) كل من جامعة طيبة، ومركز بحوث ودراسات المدينة المُنَوَّرَة.
وقد مُنح الجائزة لجهوده في دراسة التراث الحضاري للمدينة المُنوَّرة، التي تمثلت في كتابه "معالم المدينة المنوَّرة بين العمارة والتاريخ"، بأجزائه المتعددة، وبخاصة الجزء السابع وعنوانه "النسيج العمراني القديم بالمدينة المُنوَّرة (الخصائص والمُقَوِّمَات)". فقد اتَّسم عمله بتوظيف التراث والعمل الميداني معاً، وعَزَّز معلوماته بالصُّوَر القديمة والجديدة، والخرائط والأشكال التوضيحية؛ فأصبحت دراسته مرجعيةً في ميدانها.
ونوه الدكتور الكعكي في كلمته أمام خادم الحرمين الشريفين بعد تسلمه الجائزة بأنها ستكون–بمشيئة الله– تشجيعاً له على إتمام ما بدأ به، كما أعرب عن شكره وتقديره للقائمين على الجائزة.
وبدوره، أثنى البروفيسور جيفري إيفان غوردن (أمريكي الجنسية) الفائز بجائزة الطب هذا العام في كلمته التي ألقاها البروفيسور شريف كرم لدى تسلمه الجائزة نيابة عنه على دور طلابه في نيل هذه الجائزة، وقال في كلمته التي استهلها بمثل إفريقي يقول: "إذا أردت أن ترحل سريعاً فاذهب وحدك، أما إذا أردت الوصول إلى مكان بعيد فاذهب مع الآخرين". إنني أقبل هذا التكريم نيابة عن المجموعة الرائعة من طلابي الذين استطاعوا، بما لديهم من حب الاستطلاع، والشجاعة، والشغف العلمي، والإصرار على استكشاف المجهول، والأمل في المستقبل، والتواضع، أن يجعلوا رحلتنا سوياً مثيرة وممتعة للغاية. كما أود أن أقتسم متعة هذه اللحظة مع أسرتي، فحبهم الخالص لي، ودعمهم، وحكمتهم تعني بالنسبة إليَّ أكثر مما يمكن أن تعبر عنه كل الكلمات.
كما عبِّر عن عميق امتنانه للجنة الاختيار لجائزة الملك فيصل العالمية للطب على هذا التقدير الرائع.
وقد منح البروفيسور جيفري إيفان غوردن Jeffrey Ivan Gordon جائزة الطب وموضوعها (الميكروبات المعوية وصحة الإنسان) تقديراً لأعماله الرائدة والمميزة في موضوع الميكروبات المعوية وصحة الإنسان، التي مكنته من إيضاح الأسس الأيضية والوراثية في العلاقات المفيدة المتبادلة بين الإنسان والأحياء المعوية الدقيقة، والتوصل إلى نتائج غير مسبوقة عن تأثير تلك الكائنات في نمو الإنسان بعد الولادة، والأداء الوظيفي للأمعاء، والقابلية للإصابة بالمرض، وصولاً إلى فهم أمراض مُعقَّدة، مثل البدانة. وقد أدَّت أبحاثه الإبداعية إلى فتح آفاق جديدة نحو إيجاد وسائل علاجية مبتكرة لتحسين صحة الإنسان.
والبروفيسور غوردن هو أستاذ كرسي الدكتور روبرت جليزر المتميز، ومدير مركز علوم المورثات والأنظمة الحيوية بجامعة واشنطن، وقد رشحته للجائزة الأكاديمية الوطنية الألمانية للعلوم.
كما أعرب كل من البروفيسور مايكل غراتزل Michael Grätzel والبروفيسور عمر مُوَنِّسْ ياغي الفائزَين مشاركةً بجائزة الملك فيصل العالمية للعلوم، وكانت في مجال الكيمياء هذا العام، عن سعادتهما بنيل الجائزة، ووجه غراتزال (وهو سويسري الجنسية) إلى إدارة معمل الضوئيات بالمعهد السويسري الفيدرالي للتقنية شكره للباحثين العاملين معه، وللمؤسسات الأكاديمية والصناعية التي دعمت بحوثه، وخص بالشكر معهد لوزان الاتحادي للتقانات المتعددة، إضافة إلى جامعة الملك عبد العزيز في جدة، وقال: إن هذا التميُّز شرف عظيم أعتز به، ويسعدني قبوله بكل امتنان.
كما وجّه البروفيسور ياغي بدوره الشكر لمن رشحوه لنيل الجائزة، ولطلابه ولكل من عمل معه للوصول إلى ما وصل إليه.
وتحدث في هذا الصدد عن عشقه للكيمياء وهو في العاشرة من عمره في بلده الأم الأردن، وأعرب عن سعادته بابتكار طرق جديدة لوضع الجزيئات سوياً لبناء تراكيب مختلفة؛ ما أدَّى لاكتشاف مواد جديدة.
وكانت جامعة الملك سعود ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية قد رشحتا البروفيسور ياغي (أمريكي الجنسية)، أستاذ الكرسي في العلوم الفيزيائية وأستاذ الكيمياء والكيمياء الحيوية بجامعة كاليفورنيا بيركلي، لنيل الجائزة، كما رشحت جامعة الملك سعود البروفيسور مايكل غراتزل المعروف باكتشافاته في العلوم الأساسية والعملية في مجال تطوير أنظمة ضوئية وكهروكيميائية لاستخدامها في تحويل الطاقة الشمسية. وهناك خلايا معروفة عالمياً بخلايا غراتزل نسبة إليه، وقد تم تطويرها من أفلام ثاني أكسيد التيتانيوم النانونية.
أما البروفيسور ياغي فقد حقق إنجازات أساسية في حقل إطارات المعادن العضوية/ وقد طور خلال العقدين الماضيين طرقاً مبتكرة لتصنيع مواد جديدة واستخدام تطبيقاتها في مجالات عدة/ تشمل إدخال الجزيئيات الحيوية والتقاط الغازات، مثل ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين. وقد أسهمت مثابرته وإبداعاته ومهاراته التقنية وفهمه المتعمق للتكوين الجزيئي والتفاعل في تطويرٍ أكبر لهذه المعادن العضوية. وقد ارتقى بهذا الحقل البحثي الجديد إلى اتجاهات جديدة ومشوقة، وذلك بتطوير استراتيجيات اصطناعية وتصاميم ذكية أثارت اهتمام العالم.
كما حضر الحفل عدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء ومعالي الوزراء ودولة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي العرب والأجانب المعتمدين في السعودية.