يقف نظام الخدمة المدنية حجر عثرة أمام طموح عشرات الموظفين الحكوميين الراغبين في توسيع مداخيلهم الشهرية، لأن الأنظمة تحظر الجمع بين الوظيفة الحكومية وأعمال التجارة. وعلى الرغم من ذلك، إلا أن كثيرا من موظفي القطاعات الحكومية اتجهوا إلى العمل في توصيل طلبات المطاعم في محاولة لزيادة دخولهم الشهرية، إذ يرغب الكثيرون في ممارسة الأنشطة التجارية المتنوعة عن طريق العمل المسائي الذي لا يستغرق وقتا طويلا، ويحظى بمردود مالي جيد يراوح بين 2000- 4000 ريال شهريا، وفترة دوام تبدأ من بعد صلاة العشاء حتى الثانية عشرة ليلا. يقول "فهد . ق" وهو موظف حكومي على المرتبة الرابعة في حديث إلى "الوطن"، إنه وجد صعوبة في بداية توصيله الطلبات ولم يكن مرحبا بالفكرة، ويقول إنه بعد العزم واتخاذه قرار خوض غمار التجربة استطاع كسر هذا الحاجز الوهمي، وتشجع كثيرا عندما أصبح الدخل الشهري من هذا العمل سلاحا قويا لمواجهة غلاء الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة ومتطلبات الحياة. مضيفا أنه نقل تجربته إلى زملائه الموظفين وبعضهم خاض فعليا هذه التجربة. وأوضح المواطن "س . م" الذي ترسّم على المرتبة الخامسة في آخر قرار بتثبيت الموظفين، أن راتبه لا يكفي تغطية حاجاته وأسرته مع تسديد إيجار المنزل، وبعد البحث والتقصي وجد أن أنسب عمل إضافي للموظف الحكومي هو توصيل الطلبات بدلا من العمل المكتبي في القطاع الخاص الذي يبدأ من بعد صلاة العصر حتى منتصف الليل، وهذا لا يتناسب مع موظف حكومي يقضي نهاره كاملا في العمل. ويضيف أنه شمّر عن ساعديه وقام بالعمل في توصيل الطلبات براتب مجزٍ، معربا عن أمنيته أن تكون له تجارته الخاصة بعد أن يسمح المقام السامي بفتح السجلات التجارية للموظفين ومزاولة التجارة التي ربما تكون سببا في توفير الوظائف الحكومية مستقبلا بعد أن يشكّل الموظفون كياناتهم التجارية الخاصة. وتترقب أعين موظفي الحكومة ما ستؤول إليه نقاشات مجلس الشورى اليوم الإثنين، مقترحا بتعديل المادة الثالثة عشرة من نظام الخدمة المدنية التي تنص على منع الموظف من الاشتغال بالتجارة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، إذ تقدم به الدكتور أحمد الزيلعي، لافتا إلى أن مقترحه يسعى إلى القضاء على الالتفاف الحاصل على النظام، وتحسين الأوضاع المعيشية لموظفي الدولة. من جهه أخرى، شدد اقتصاديون ورواد أعمال على مواقع التواصل الاجتماعي من أن صدور قرار السماح للموظفين بممارسة التجارة سيقضي بنسب كبيرة على ظاهرة التستر التجاري، وسيمنح دافعا كبيرا لإحلال المواطن مكان الوافد الذي تُرك له الحبل على الغارب لممارسة ما يحلو له في التجارة متسترا خلف اسم مواطن، إضافة إلى أن قرارا كهذا من شأنه أن يدفع الموظفين إلى التقاعد المبكر لمزاولة التجارة وضخ دماء جديدة في المناصب الحكومية.