دعا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز العالم أجمع إلى وضع خطة استراتيجية فاعلة لمكافحة الإرهاب، مؤكدا أن المملكة لم تدخر جهدا في مكافحة الإرهاب فكرا وممارسة بكل الحزم وعلى كل الأصعدة. واستعرض في كلمة ألقاها نيابة عنه مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل، في افتتاح أعمال المؤتمر العالمي لمحاربة الإرهاب الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي بمقرها في مكةالمكرمة أمس، جهود المملكة ومؤسساتها في تعرية ومكافحة الإرهاب، داعيا الدول الإسلامية إلى تشكيل منظومة جماعية تتصدى لتشويه الإرهاب صورة الإسلام والمسلمين في العالم، وتدرأ خطره العظيم على كيان الأمة والعالم أجمع. وقال "إن هؤلاء الإرهابيين الضالين المضلين قد أعطوا الفرصة للمغرضين المتربصين بالإسلام حتى في الدوائر التي شجعت هذا الإرهاب أو أغمضت أعينها عنه ليطعنوا في ديننا القويم الحنيف، ويتهموا أتباعه الذين يربو عددهم على المليار ونصف المليار بجرم هذا الفصيل السفيه". وثمن خادم الحرمين تجاوب العلماء والمفكرين المسلمين مع دعوته إلى المؤتمر، مؤكدا على ثقة الأمة وشرفاء العالم في أن يصدر المؤتمر نتائج عملية تعطي دفعا منظما وقويا للجهود المبذولة على مسار التصدي لهذه الظاهرة، وتقطع الطريق على الذين يستغلون هذه الآفة لخدمة أغراضهم ومآربهم على حساب مصالح الأمة وأمن شعوبها واستقرار دولها وازدهار أوطانها. أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أن المملكة لم تدخر جهدا في مكافحة الإرهاب فكرا وممارسة بكل الحزم وعلى كل الأصعدة. وقال في كلمة ألقاها نيابة عنه مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل، في افتتاح أعمال المؤتمر العالمي لمحاربة الإرهاب أمس: "إنه على الصعيد الوطني تصدت أجهزتنا الأمنية للإرهابيين بلا هوادة ولم يتوان رجالها البواسل عن ملاحقتهم وتفكيك شبكاتهم وخلاياهم في مهدها وبذلوا أرواحهم في سبيل ذلك وكذا تشارك قواتنا الجوية في التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب". ووجه كلمته إلى حضور المؤتمر الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي بمقرها في مكةالمكرمة قائلا: "إنكم لتجتمعون اليوم على أمر جلل يهدد أمتنا الإسلامية والعالم أجمع بعظيم الخطر جراء تغول الإرهاب المتأسلم بالقتل والغصب والنهب وألوان شتى من العدوان الآثم في كثير من الأرجاء جاوزت جرائمه حدود عالمنا الإسلامي متمترسا براية الإسلام زورا وبهتانا وهو منه براء". منح المغرضين فرصة وأضاف "فضلا عن الخسائر الفادحة في الأرواح والبنيان والشتات وتقسيم الأوطان فإن الخطر الأعظم على أمتنا أن هؤلاء الإرهابين الضالين المضلين قد أعطوا الفرصة للمغرضين المتربصين بالإسلام حتى في الدوائر التي شجعت هذا الإرهاب أو أغمضت عينها عنه أن يطعنوا في ديننا القويم الحنيف ويتهموا أتباعه الذين يربو عددهم عن المليار ونصف المليار بجرم هذا الفصيل السفيه الذي لا يمثل الإسلام من قريب أو بعيد، وقد سوغت جرائمهم المنكرة تجريد الحملات العدائية ضد الأمة ودينها وخيرة رجالها وترويج صورة الإرهاب البشعة في أذهان الكثير من غير المسلمين على أنها طابع الإسلام وأمته وتوظيفها لشحن الرأي العام العالمي بكراهية المسلمين كافة واعتبارهم محل اتهام ومصدر خوف وقلق، فضلا عن الحرج والارتباك الذي تعرضت له الدول الإسلامية ومنظماتها وشعوبها أمام الدول والشعوب التي تربطها بنا علاقات تعاون، حيث كادت هذه العلاقات تهتز وتتراجع في إطار موجة من الضيق بالمسلمين والتحامل عليهم جراء هذه الجرائم الإرهابية". مسوغات باطلة وشدد خادم الحرمين الشريفين على أن علماء المملكة الأفاضل تصدوا بالرد الحاسم على ما يبثه الإرهابيون من مسوغات دينية باطلة يخدعون بها الناس وبينوا تحذير الإسلام من العنف والتطرف والغلو في الدين وتحزيب الأمة والخروج على ولاة أمرها وأن الوسطية والاعتدال والسماحة هي سمات الإسلام ومنهاجه القويم وأن من حاد عن هذا المنهاج لا يمكن أن يخدم الأمة ولا يجلب لها إلا الشقاء والفرقة والبغضاء، بل واسهم الباحثون لدينا في الجامعات وغيرها بتقديم بحوث ودراسات رصينة عن ظاهرة الإرهاب وتحليل أهداف الجماعات الإرهابية ووسائلها وخططها وإبراز أخطارها الجسيمة على المجتمعات وكشف صلتها بالمخططات العدائية للأمة وكيفية تسخيرها لتنفيذ تلك المخططات عن علم أو عن غفلة وغباء". مكافحة دولية وامتدح الملك سلمان بن عبدالعزيز دور المؤسسات الإعلامية المتنوعة في المملكة في تعرية الإرهاب وتسليط الضوء على جرائمه وتنظيماته وشخصياته وكشفت للناس عن سلوكهم وأهدافهم وأساليبهم في إغواء الأغرار واستقطابهم، مؤكدا أن المملكة وضعت يدها في أيدي الأشقاء لمواجهة الظاهرة الإرهابية أمنيا وفكريا وقانونيا وكانت هي الداعية إلى إقامة مركز الحوار بين المذاهب الإسلامية، يدرأ الفتن ويجمع الأمة بكامل أطيافها على كلمة سواء، كما عملت على مكافحة الإرهاب مع المجتمع الدولي من خلال المؤتمرات والمحافل والهيئات الدولية وكانت هي الداعية لإنشاء مركز الحوار بين أتباع الديانات والثقافات والمؤسسة والداعمة للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب بالتعاون مع الأممالمتحدة. منظومة إسلامية وقال خادم الحرمين "إنه على الرغم من تحقيق هذه الجهود وغيرها في الدول الإسلامية نتائج جيدة إلا أن الإرهاب ما زال يعبث بجرائمه هناء وهناك خاصة في الأوطان العربية والإسلامية التي تعرضت لاهتزازات وقلاقل، وإنه أمام هذا الخطر الداهم الذي يتمدد وتتداعى آثاره وتتنامى شروره يوما بعد يوم وتستعصي مواجهته الحاسمة فرادى وإدراكا من المملكة لواجباتها ومسؤولياتها تجاه أمتنا الإسلامية جاءت دعوتي لعقد هذا المؤتمر في إطار رابطة العالم الإسلامي لتشكيل منظومة إسلامية جماعية تتصدى لتشويه الإرهاب صورة الإسلام والمسلمين في العالم وتدرأ خطره العظيم على كيان أمتنا الإسلامية بل وعلى العالم أجمع بوضع خطة استراتيجية فاعلة نلتزم بها جميعا لمكافحة هذا الداء الوبال الذي هو صنيعة الفكر المتطرف لهؤلاء الجهال والعملاء واستلاب ساحة الفتيا الشرعية من غير أهلها ولي عنق النصوص الأصيلة لخدمة أغراض أصحاب هذا الفكر الدنيوية وتهييج مشاعر النشء والعامة واستدرار عواطفهم الدينية بمبررات ما أنزل الله بها من سلطان، وإني إذ أثمن عاليا تجاوب هذه القمم الفكرية الإسلامية لدعوتي وتداعيها إلى هذا المؤتمر بعلمها وخبراتها وإخلاصها لقضية الأمة الراهنة، أؤكد لكم أن أمتكم الإسلامية وكل شرفاء العالم على ثقة تامة بأن تصدر عن مؤتمركم الموقر نتائج عملية تعطي دفعا منظما وقويا للجهود المبذولة على مسار التصدي لهذه الظاهرة الدخيلة على عالمينا العربي والإسلامي وتقطع الطريق على الذين يستغلون هذه الآفة لخدمة أغراضهم ومآربهم على حساب مصالح أمتنا وأمن شعوبها واستقرار دولها وازدهار أوطانها". برامج ومشاريع ودعا خادم الحرمين الشريفين إلى أن يؤسس الجميع لبرامج ومشاريع تتعاون فيها إعدادا وإنجازا كافة الجهات الرسمية والشعبية في عالمنا الإسلامي لتسهم في رفع مستوى الوعي لدى الأمة بأخطار الإرهاب وأضراره وبسلبيات التقاعس عن التصدي له أو اتخاذ مواقف حيادية منه وبيان أن ذلك يطيل في عمره ويثقل كاهل الجهات القائمة على مواجهته وأن على الجميع أفرادا ومؤسسات مضاعفة جهودهم في مواصلة مكافحة الإرهاب فكرا وسلوكا ومحاصرة الإرهابيين حيثما ثقفوا والتحذير من تقديم أي عون لهم أو أي من ألوان التعاطف معهم. .. وعلماء يشددون على استئصال الداء من جذوره وتجفيف منابع تمويله مكةالمكرمة: فهد الإحيوي أجمع المتحدثون في مؤتمر مكافحة الإرهاب تحت عنوان "الإسلام ومحاربة الإرهاب"، الذي انطلقت فعالياته في مكةالمكرمة أمس، على ضرورة استئصال داء الإرهاب من جذوره وتجفيف منابع تمويله وتوجيه الدعاة والإعلام إلى تسليط الضوء على خطورته، والاهتمام بمواجهة هذا الفكر بالتعليم والتوعية. توقيت دقيق وقال شيخ الأزهر الدكتور أحمد محمد الطيب إن المؤتمر الذي نتداعى لساحته اليوم وننادي بأهميته البالغة يأتي في وقته الصحيح وتوقيته الدقيق مع أشباهه ونظائره من المؤتمرات الكبرى في الشرق والغرب للتصدي لهذا البلاء الشديد الذي ابتليت به منطقتنا العربية، والمتمثل في جماعات العنف والإرهاب الغريبة عن الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقا وتاريخا وحضارة، والتي لا تمت إلى هدي هذا الدين الحنيف بأدنى صلة أو سبب.. بل نبذت هذه الجماعات حكم القرآن الكريم والسنة وراء ظهورها، واتخذت من الوحشية البربرية منهجا ومذهبا واعتقادا، نزعت الرحمة من قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة ولقد برئ الله منهم ورسوله وصالح المؤمنين، ومن المؤلم أن هؤلاء قساة القلوب غلاظ الأكباد قد خرجوا عن السيطرة، حتى كدنا نعتاد أساليبهم المتوحشة، وممارساتهم اللا إنسانية في تنفيذ جرائمهم البشعة، وكأنهم يتحرقون تحرق الظمآن إلى القتل وقطع الرؤوس وحرق الأبرياء وهم أحياء، إشاعة للذعر والخوف والرهبة في قلوب الناس، بل إن هؤلاء المجرمين بلغوا من قسوة القلب وتحجر الشعور أنهم كانوا يتقاذفون رؤوس القتلى بين أرجلهم، ويلعبون بها وهم يضحكون. وشدد على أنه ما لم نحكم السيطرة التعليمية والتربوية في مدارسنا وجامعاتنا على فوضى اللجوء إلى الحكم بالكفر والفسق على المسلمين فإنه لا أمل في أن تستعيد هذه الأمة قوتها ووحدتها وأخوتها وقدرتها على التحضير ومواكبة الأمم المتقدمة، وقد لا ينتبه البعض إلى الأثر المدمر لنزعة التكفير في تمزيق وحدة المسلمين وما تثمره هذه النزعة المقيتة من أشواك الكراهية والأحقاد بين المسلمين، وما يترتب على ذلك من التشرذم والانقسامات، وكل يزعم أنه المسلم الحقيقي وأن غيره إما خارج عن الملة حلال الدم والعرض والمال، أو فاسق يجب اجتنابه وتجب كراهيته ومفاصلته شعوريا ونفسيا وتحرم موالاته، وغير ذلك من الفتاوى العابثة بدين الله ورسوله. آفة العصر وتحدث الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله التركي مشيرا إلى أنه المؤتمر جاء لتدارس ظاهرة الإرهاب؛ آفةِ العصر الكبرى، وأمِّ الجرائم، التي ما فتئت تظهر في تنظيمات شتى، وتتجدد في أشكال تلو أخرى، أوقعت العديد من الأوطان العربية والإسلامية في حالة من الصراع والتدهور الأمني، أفرز تدهورا اقتصاديا واجتماعيا، وأثارت على المسلمين ونبيهم ودينهم، موجة عارمة من الإساءات، اغتنمها أعداء الإسلام للمزيد من الإيقاع بين أبناء الأمة الواحدة. وقال "إن رابطة العالم الإسلامي، انطلاقا من رسالتها، واسترشادا باهتمامات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، رأت أن من واجب النصح عليها للأمة بأئمتها وعامتها، ولدينها الذي هو عصمة أمرها، أن تسهم بهذا المؤتمر في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة التي أدى الاضطراب الأمني والسياسي في عدد من الأقطار العربية إلى المزيد من انتشارها. وشدد على أن تجربة المملكة فذة ورائدة في هذا المضمار، تحتوي على رصيد وافر من الخبرة والنجاح، وقد توفرت فيها الشمولية في الوسائل والأساليب، والانطلاق الإسلامي في الرؤية والمنهج، وهي جديرة بأن يشاد بها وأن تستثمر في الدراسات والبحوث التي تعتني بهذا الموضوع المهم. حماية الدين من جهته، أكد مفتي عام المملكة رئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ أن الأمة الآن في أمس الحاجة إلى تعاليم الإسلام وأخلاقه الفاضلة، هو الذي ينقذها من الظلمات إلى النور، وأن رابطة العالم الإسلامي تعقد هذا المؤتمر المهم لمكافحة الإرهاب، وهذا يدل على حرصها وعلى سعيها في الإسهام في الدفاع عن هذه الأمة وحماية دينها وعقيدتها، وأن هذا الإرهاب مشكلة عويصة لا تخص مجتمعا بل عمت كثيرا من الدول، داعيا إلى استئصاله من جذورهن وأن تجفف منابعه لأنه شر وبلاء، وأكد أن دين الإسلام هو الذي يخلص من المشاكل ويقضي على هذه الآراء والمواقف الخاطئة، فإن دين الإسلام دين الفطرة والرحمة والرأفة والمحبة والسلام، وحذرهم أيضا مما يسبب ترويعهم وإخافتهم ومن سكب الدماء البريئة بغير حق، فإن هذه الأمور حرمها الله، ودين الإسلام حرم على المسلم قتل نفسه وجعل قتل نفسه من كبائر الذنوب وبين صلى الله عليه وسلم عاقبة جرم الانتحار وآثاره السيئة. وأوضح أن الإرهاب جريمة عالمية عمت جميع البلاد الإسلامية وغيرها، وأن الواجب مكافحته والتحذير منه وتصوير أخطائه وتحذير المسلمين منه، وأنه ينبغي كشف الغطاء عن هذه الوسائل لأن كثيرا من الناس انخدع واغتر بأساليبهم الماكرة وألفاظهم السيئة التي يدعون أنها إسلامية وأنهم مسلمون، وواقع أمرهم وفعلهم وقلوبهم تدل على براءتهم من الإسلام وبراءة الإسلام منهم.