أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أن المملكة لم تدخر جهدا في مكافحة الإرهاب فكراً وممارسة بكل حزم وعلى كل الأصعدة. وقال إنه على الصعيد الوطني تصدت الأجهزة الأمنية السعودية للإرهابيين بلا هوادة ولم يتوان رجالها البواسل عن ملاحقتهم وتفكيك شبكاتهم وخلاياهم في مهدها، وبذلوا أرواحهم في سبيل ذلك وكذا تشارك القوات الجوية في التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل أمس، في افتتاح المؤتمر العالمي «الإسلام ومحاربة الإرهاب» الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي بمقرها في مكةالمكرمة. وقال الأمير خالد الفيصل: «شرف عظيم أن ينيبني سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود يحفظه الله في المثول أمام هذا المحفل الجليل لألقي كلمته هذه إلى مؤتمركم الموقر». « الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي المملكة رئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي.. الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي أمين عام الرابطة .. ضيوفنا الأفاضل الحفل الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. يطيب لي أن أرحب بضيوف المملكة وأحيي الحضور الكريم في هذا المؤتمر الذي يشرف بانعقاده على صعيد أم القرى مهبط الوحي بخاتم الرسالات السماوية على الرسول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وفي أفيائها القدسية بجوار البيت العتيق والكعبة المشرفة. وإنكم لتجتمعون على أمر جلل يهدد أمتنا الإسلامية والعالم أجمع بعظيم الخطر جراء تغول الإرهاب المتأسلم بالقتل والغصب والنهب وألوان شتى من العدوان الآثم في كثير من الأرجاء جاوزت جرائمه حدود عالمنا الإسلامي متمترسا براية الإسلام زورا وبهتانا وهو منه براء. وفضلا عن الخسائر الفادحة في الأرواح والبنيان والشتات وتقسيم الأوطان فإن الخطر الأعظم على أمتنا أن هؤلاء الإرهابيين الضالين المضلين أعطوا الفرصة للمغرضين المتربصين بالإسلام حتى في الدوائر التي شجعت هذا الإرهاب أو أغمضت عينها عنه أن يطعنوا في ديننا القويم الحنيف ويتهموا أتباعه الذي يربو عددهم عن المليار ونصف المليار بجرم هذا الفصيل السفيه الذي لا يمثل الإسلام من قريب أو بعيد. وقد سوغت جرائمهم المنكرة تجريد الحملات العدائية ضد الأمة ودينها وخيرة رجالها وترويج صورة الإرهاب البشعة في أذهان كثير من غير المسلمين على أنها طابع الإسلام وأمته وتوظيفها لشحن الرأي العام العالمي بكراهية المسلمين كافة واعتبارهم محل اتهام ومصدر خوف وقلق فضلا عن الحرج والارتباك الذي تعرضت له الدول الإسلامية ومنظماتها وشعوبها أمام الدول والشعوب التي تربطها بنا علاقات تعاون حيث كادت هذه العلاقات تهتز وتتراجع في إطار موجة من الضيق بالمسلمين والتحامل عليهم جراء هذه الجرائم الإرهابية . المملكة كما تعلمون لم تدخر جهدا في مكافحة الإرهاب فكرا وممارسة بكل الحزم وعلى كل الأصعدة، فعلى الصعيد الوطني تصدت أجهزتنا الأمنية للإرهابيين بلا هوادة ولم يتوان رجالها البواسل عن ملاحقتهم وتفكيك شبكاتهم وخلاياهم في مهدها وبذلوا أرواحهم في سبيل ذلك وكذا تشارك قواتنا الجوية في التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب. كما تصدى علماؤنا الأفاضل بالرد الحاسم على ما يبثه الإرهابيون من مسوغات دينية باطلة يخدعون بها الناس وبينوا تحذير الإسلام من العنف والتطرف والغلو في الدين وتحزيب الأمة والخروج على ولاة أمرها وأن الوسطية والاعتدال والسماحة هي سمات الإسلام ومنهاجه القويم وأن من حاد عن هذا المنهاج لا يمكن أن يخدم الأمة ولا يجلب لها إلا الشقاء والفرقة والبغضاء. وأسهم الباحثون لدينا في الجامعات وغيرها بتقديم بحوث ودراسات رصينة عن ظاهرة الإرهاب وتحليل أهداف الجماعات الإرهابية ووسائلها وخططها وإبراز أخطارها الجسيمة على المجتمعات وكشف صلتها بالمخططات العدائية للأمة وكيفية تسخيرها لتنفيذ تلك المخططات عن علم أوعن غفلة وغباء. وقامت مؤسساتنا الإعلامية المتنوعة بتعرية الإرهاب وتسليط الضوء على جرائمه وتنظيماته وشخصياته وكشفت للناس عن سلوكهم وأهدافهم وأساليبهم في إغواء الأغرار واستقطابهم . وعلى الأصعدة العربية والإقليمية والإسلامية وضعت المملكة يدها في أيدي الأشقاء لمواجهة الظاهرة الإرهابية أمنيا وفكريا وقانونيا وكانت هي الداعية إلى إقامة مركز الحوار بين المذاهب الإسلامية يدرأ الفتن ويجمع الأمة بكامل أطيافها على كلمة سواء . كما عملت المملكة على مكافحة الإرهاب مع المجتمع الدولي من خلال المؤتمرات والمحافل والهيئات الدولية وكانت هي الداعية لإنشاء مركز الحوار بين أتباع الديانات والثقافات والمؤسسة والداعمة للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب بالتعاون مع الأممالمتحدة، وعلى الرغم من تحقيق هذه الجهود وغيرها في الدول الإسلامية نتائج جيدة إلا أن الإرهاب ما زال يعبث بجرائمه هنا وهناك خاصة في الأوطان العربية والإسلامية التي تعرضت لاهتزازات وقلاقل . أمام هذا الخطر الداهم الذي يتمدد وتتداعى آثاره وتتنامى شروره يوما بعد يوم وتستعصي مواجهته الحاسمة فرادى وإدراكا من المملكة لواجباتها ومسؤولياتها تجاه أمتنا الإسلامية جاءت رعايتي لعقد هذا المؤتمر في إطار رابطة العالم الإسلامي لتشكيل منظومة إسلامية جماعية تتصدى لتشويه الإرهاب صورة الإسلام والمسلمين في العالم وتدرأ خطره العظيم على كيان أمتنا الإسلامية بل وعلى العالم أجمع بوضع خطة استراتيجية فاعلة نلتزم بها جميعا لمكافحة هذا الداء الوبال الذي هو صنيعة الفكر المتطرف لهؤلاء الجهال والعملاء واستلاب ساحة الفتيا الشرعية من غير أهلها ولي عنق النصوص الأصيلة لخدمة أغراض أصحاب هذا الفكر الدنيوية وتهييج مشاعر النشء والعامة واستدرار عواطفهم الدينية بمبررات ما أنزل الله بها من سلطان. وإني إذ أثمن عاليا تجاوب هذه القمم الفكرية الإسلامية للدعوة وتداعيها إلى هذا المؤتمر بعلمها وخبراتها وإخلاصها لقضية الأمة الراهنة أؤكد لكم أن أمتكم الإسلامية وكل شرفاء العالم على ثقة تامة بأن تصدر عن مؤتمركم الموقر نتائج عملية تعطي دفعا منظما وقويا للجهود المبذولة على مسار التصدي لهذه الظاهرة الدخيلة على عالمينا العربي والإسلامي وتقطع الطريق على الذي يستغلون هذه الآفة لخدمة أغراضهم ومآربهم على حساب مصالح أمتنا وأمن شعوبها واستقرار دولها وازدهار أوطانها، وأن تؤسسوا لبرامج ومشاريع تتعاون فيها إعدادا وإنجازا كافة الجهات الرسمية والشعبية في عالمنا الإسلامي تسهم في رفع مستوى الوعي لدى الأمة بأخطار الإرهاب وأضراره وبسلبيات التقاعس عن التصدي له أو اتخاذ مواقف حيادية منه، وبيان أن ذلك يطيل في عمره ويثقل كاهل الجهات القائمة على مواجهته، وأن على الجميع أفرادا ومؤسسات مضاعفة جهودهم في مواصلة مكافحة الإرهاب فكرا وسلوكا ومحاصرة الإرهابيين حيثما ثقفوا والتحذير من تقديم أي عون لهم أو أي من ألوان التعاطف معهم . أختم بالشكر لكم جميعا ولرابطة العالم الإسلامي بقيادة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ رئيس مجلسها الأعلى وأمينها العام الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي على ما تقوم به من جهود مباركة في معالجة قضايا الأمة المعاصرة وعلى رأسها قضية مكافحة الإرهاب ونشر ثقافة الوسطية والاعتدال والحوار التي يدعو إليها ديننا دين الرحمة والسلام والأمن والأمان، سائلا المولى جل وعلا لمؤتمركم التوفيق والسداد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته». أوضح سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء رئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن الأمة الآن في أمسّ الحاجة إلى تعاليم الإسلام وأخلاقه الفاضلة وهو الذي ينقذها من الظلمات إلى النور، ورابطة العالم الإسلامي تعقد هذا المؤتمر المهم لمكافحة الإرهاب وهذا يدل على حرصها وعلى سعيها في الإسهام في الدفاع عن هذه الأمة وحماية دينها وعقيدتها، وأن هذا الإرهاب مشكلة عويصة لا تخص مجتمع بل عمت كثيرا من الدول، داعيًا إلى استئصاله من جذوره، وأن تجفف منابعه لأنه شر وبلاء. وأكد أن دين الإسلام هو الذي يخلص من المشكلات ويقضي على هذه الآراء والمواقف الخاطئة فإن دين الإسلام دين الفطرة والرحمة والرأفة والمحبة والسلام، وحذرهم أيضا مما يسبب ترويعهم وإخافتهم ومن سكب الدماء البريئة بغير حق فإن هذه الأمور حرمها الله جل وعلا ودين الإسلام حرم على المسلم قتل نفسه وجعل قتل نفسه من كبائر الذنوب وبين صلى الله عليه وسلم عاقبة جرم الانتحار وآثاره السيئة. وبين مفتي عام المملكة أن الإرهاب جريمة عالمية عم جميع البلاد الإسلامية وغيرها وأن الواجب مكافحته والتحذير منه وتصوير أخطائه، وتحذير المسلمين منه وينبغي كشف الغطاء عن هذه الوسائل لان كثيرا من الناس انخدع واغتر بأساليبهم الماكرة وألفاظهم السيئة التي يدعون بها أنها إسلامية وأنهم مسلمون وواقع أمرهم وفعلهم وقلوبهم تدل على براءتهم من الإسلام وبراءة الإسلام منهم. وأكد أن اجتماع المسلمين على هذا الموضوع العظيم ومحاربته والتضييق على أهله أمر مطلوب أمنياً وفكرياً لأن هذا الموضوع إذا ترك وشأنه تسبب في شر كثير والمسلمون هم أولى الأمم بذلك , ولاشك أن المنظمات الدولية تحارب الإرهاب ولكن محاربة الإسلام للإرهاب أعظم من غيره فإنه محاربة جذوره وأصوله , حيث وضع الحواجز دون قتل للمسلم نفسه أو غيره وحرم ذلك عليه مما يدل على الاهتمام بهذا الشأن. أكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبد المحسن التركي إن رابطة العالم الإسلامي، انطلاقاً من رسالتها، واسترشاداً باهتمامات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، رأت أن من واجب النصح عليها للأمة بأئمتها وعامتها، ولدينها الذي هو عصمة أمرها، أن تسهم بهذا المؤتمر في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة التي أدى الاضطراب الأمني والسياسي في عدد من الأقطار العربية، إلى مزيد من انتشارها. وأوضح أن الرابطة، إدراكاً منها لخطورة الإرهاب، قد أولته اهتماماً بالغاً، وتابعت حوادثه ووقائعه في العالم الإسلامي وخارجه، وركزت اهتمامها على المنطلقات الفكرية التي يستند إليها، والتعاون مع مختلف الدول والهيئات والشخصيات المهتمة به حيث عبرت الرابطة في عديد من المناسبات، عن موقفها إزاء هذه الآفة الدخيلة على الأمة، الغريبة عن منهاجها الديني والاجتماعي والثقافي، ودعت إلى مواجهتها بحزم وحكمة، وبطريقة تعاونية تنسق فيها جهود الحكومات والمنظمات والهيئات الرسمية والشعبية، ووسائل الإعلام والتثقيف المختلفة. قال شيخ الأزهر الدكتور أحمد محمد الطيب إن المؤتمر الذي نتداعى لساحته اليوم وننادي بخطره وأهميته البالغة يأتي في وقته الصحيح وتوقيته الدقيق مع أشباهه ونظائره من المؤتمرات الكبرى في الشرق والغرب للتصدي لهذا البلاء الشديد الذي ابتليت به منطقتنا العربية، والمتمثل في جماعات العنف والإرهاب الغريبة عن الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقاً وتاريخاً وحضارة، التي لا تمت إلى هدي هذا الدين الحنيف بأدنى صلة أو سبب، بل نبذت هذه الجماعات حكم القرآن الكريم والسنة وراء ظهورها، واتخذت من الوحشية البربرية منهجاً ومذهباً واعتقاداً نزعت الرحمة من قلوبهم، فهي كالحجارة أو أشد قسوة ولقد برئ الله منهم ورسوله وصالح المؤمنين. وأضاف «ومن المؤلم أن هؤلاء قساة القلوب غلاظ الأكباد قد خرجوا عن السيطرة، حتى كدنا نعتاد أساليبهم المتوحشة، وممارساتهم اللاإنسانية في تنفيذ جرائمهم البشعة، وكأنهم يتحرقون تحرق الظمآن إلى القتل وقطع الرؤوس وحرق الأبرياء وهم أحياء، إشاعة للذعر والخوف والرهبة في قلوب الناس بل إن هؤلاء المجرمين بلغوا من قسوة القلب وتحجر الشعور أنهم كانوا يتقاذفون رؤوس القتلى بين أرجلهم، ويلعبون بها وهم يضحكون» .