أجمع مشاركون في اليوم الختامي لفعالية مشروع "عسير حلة العمران" الذي استضافته قرية العكاس التراثية بمدينة أبها، على أن قرى عسير والجنوب وبيئتها ملهمة لجميع الفنون وفي مقدمتها الفوتوجرافيين والتشكيليين، لما تحويه بيوتها القديمة من زخارف ونقوش وألوان ورسومات باعثة للفرح والاحتفال بالحياة. وأكد المدير العام لفرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بمنطقة عسير المهندس محمد العمرة نجاح الفعالية التي اختتمت أول من أمس بعد ثلاثة أيام، شهدت حضورا دوليا ومحليا واسعا. وقال إنها سعت إلى إحياء القرى التراثية من خلال فعاليات ونشاطات تساعد على تحقيق الهدف المنشود من خلال الفن التشكيلي والمحاضرات والعروض المتخصصة في التراث العمراني والموروث الشعبي من صناعات يدوية وحرف وأكلات شعبية والقط العسيري والملابس والرقصات والأهازيج والصور والأفلام المتخصصة في موروث عسير وتراثها العمراني. وتابع العمرة "لدينا في عسير أكثر من 4 آلاف قرية بحسب معلومات المرصد الحضري، ويصعب علينا كجهة رسمة مشرفة على التراث العمراني مع أمانة عسير إعادة إحياء وترميم هذه القرى كاملة، ولكن هذه الفعالية أعطت الإحساس للأهالي والزوار بأهمية المكان والإسهام في إعادة الترميم والتأهيل والتطوير". كما شهد اليوم الختامي للفعالية عرضين لفن القط العسيري وتجربة قرية رجال بمحافظة رجال ألمع في الحفاظ على التراث العمراني. في النشاط المنبري أكد مصمم الأزياء يحيى البشري في ورقة عمله الموجزة أنه استمد تصاميمه من عسير خصوصا ومن قرى الجنوب عموما، مؤكدا أن بيئته التي خرج منها بمثابة الملهمة لكل أعماله التي نجح فيها وتحدث عنها بفخر في كل أنحاء العالم، سواء الزخارف أو النقوش أو الألوان التي تتفرد بها، واشتهر القدماء بفنها وكيفية حفظها. وأشار البشري إلى أن الرجال في عسير سابقا هم من يصممون للنساء أزيائهم، ما مكنه من أن يصل إلى أول عربي في أسبوع الموضة العالمي، ويتولى أعمال أزياء الجنادرية على مدى 12 عاما ويصول ويجول في بلدان العالم بتصاميمه الفريدة. واتفق الفنان التشكيلي عبدالله حماس في ورقة عمله مع ما ذهب إليه البشري بأن عسير هي ملهمة لكل فنان، وأنه منحاز لها، معيدا ذلك إلى البيوت القديمة التي كان بداخلها الألوان والرسومات الجميلة التي تبعث الفرح والسرور والحياة. أما الكاتب الباحث في التراث العسيري علي مغاوي فعرض فيلمين حول القط العسيري وتجربة رجال ألمع في الحفاظ على التراث العمراني، كاشفا قرب صدور كتاب تفصيلي لهذا الفن. أما في الفيلم الممثل في تجربة رجال ألمع في الحفاظ على التراث العمراني فلم يغفل مغاوي الإشارة إلى أهل العكاس في تقبلهم لفكرة المشروع، مشددا على أنها الخطوة الأولى للحفاظ على تراثهم وإعادة تأهيله وتطويره، متمنيا أن تمتد ما أسماها ب"العدوى" إلى كل القرى، منوها بأن جامعة الحكمة أرادت أن تحول التراث من الإعجاب الشكلي إلى التراث المكتوب المعنوي ولأن يكون شيئا مستوحى وشهيا ومعاشا. واختتم بقصة جمعته بنائب جماعة العكاس قائلا "حاولت أن أشتري منه خشبة من العرعر المسماة معدن الجسور التي تحفظ السقوف.. فكان رده (لو تعطي فيه مليون ريال لن تأخذه).. أشكره على هذا الحرمان لي.. فهو وجماعته خبراء الحب أساتذة في العشق"، مشيرا إلى أن التراث ليس النسيج الحضاري الذي يبث في الناس، ولكن "أن نمكن الأجيال الصغيرة من الإجابة عن سؤال ملح: إذا قيل لهم من أنتم مستقبلا.. يقولون نحن من علمنا أباؤنا ونستطيع أن نقول لكم من نحن.. أما إن لم يستطيعوا الإجابة فقد فشلنا".