ينقسم الأزواج بين مؤيد ومعارض لمشاركة الرجل للمرأة في المهام المتعلقة بالمنزل وتحديدا ما تقوم به من إعداد وجبات داخل المطبخ، حيث يقع العبء الأكبر على المرأة في إعداد الوجبات الثلاث يوميا إلى جانب المهام الأخرى المتعددة التي تعقب الانتهاء من تناول الوجبات. يرى البعض ذلك بأنه الدور الحقيقي للمرأة وأن مشاركة الزوجة هذه الأعمال انتقاص لجودة ما تقدمه الزوجة، أما البعض الآخر فيرى أن مفاهيم الرفض العتيقة قد تلاشت وأصبحت المشاركة سمة للتعاون وتجسيدا للتفاهم الأسري. ويرى الزوج عبدالله الزهراني أن مشاركة الرجل زوجته في الأعمال المنوطة بها في المطبخ ظل أمرا غير مقبول لفترة طويلة، وقد أسهمت في رسم هذه الثقافة في أذهان الأزواج العادات القبلية التي ترى أن المرأة وظيفتها في المنزل، وأنها مسؤولة عن كل ما يحتاجه المنزل من نظافة وطهي وغير ذلك، بل امتدت العادات القبلية إلى أن دخول الرجل إلى المطبخ بعد زواجه من امرأة يعد جرما، ويصنف ذلك الشخص على أنه رجل ضعيف لا يستطيع تسيير أمور بيته، وتولدت هذه الثقافة من ممارسات الآباء في المنازل سابقا وانتقلت بدورها إلى البعض من أزواج هذا العصر". وأضاف الزهراني: أن هذا الرفض أصبح يتراجع حاليا باستحياء. معتقدا أنه بمرور الوقت ستصبح الحياة أكثر تعاونا بين الأزواج خاصة في ظل التوعية الأسرية التي ينفذها العديد من المؤسسات الخيرية للأزواج قبل زواجهم. ويؤكد هادي القحطاني أن الكثير من الأزواج يشعرون بما تعانيه المرأة من ضغوط وتعاقب المهام ومساعدتها في أعمال المطبخ أمر يبعث في النفس الرحمة ويؤصل العلاقة ويقويها. وأضاف: البعض يتفادى دخول المطبخ خشية حدوث أمور لا تحمد عواقبها، فالمرأة بطبيعتها مرهفة الإحساس، ودخول الزوج إلى المطبخ قد يشعرها بالفشل أو النقص أو التقصير فيما تقدمه من إعداد الوجبات أو نظافة الأواني، وحينها ستشعر المرأة بهذا الاتهام غير المباشر من الزواج، وسيؤثر ذلك على العلاقات الزوجية. ويشير الزوج عادل الثمالي إلى أن "مشاركة المرأة في أعباء المنزل أمر إيجابي، وعامل مساعد على تطور العلاقة بينهما، والمحافظة عليها إذا تفهم الطرفان الموقف، وآمنا بدور المشاركة في بناء الأسرة. مبينا أن مشاركة الزوج لزوجته أمر يمنح مؤشرا إيجابيا وعلامة على تعاضد الأسرة، وهذا سينعكس إيجابا في المستقبل على أفراد الأسرة، وسيزرع فيهم حب التعاون وتقدير المسؤولية، وتلمس معاناة الآخر". وتشير أمل مبارك إلى أن مساعدة الأزواج لزوجاتهم أمر محمود، وثبت عن النبي والصحابة ذلك الأمر، وهو يكون واجبا حين تكون الزوجة ممن يعملن في الإدارات الحكومية أو الأهلية، حيث تقضي معظم وقتها من النهار خارج المنزل، ولا تعود إلى المنزل إلا في وقت متأخر، حيث يكون إعداد الوجبات الغذائية وتجهيز كافة الاحتياجات المنزلية أمرا في غاية الصعوبة والمشقة. وأضافت: على الزوج أن يشارك الزوجة أعمالها وتقديم المعونة لها، وهذا الأمر يدلل للزوجة بأن الزوج متفهم لحالها، ومشارك لها في مهامها، وهذا سيحقق السعادة الزوجية الأبدية. ويرى خالد الثقفي أن دخول الرجل إلى المطبخ في ظل وجود الخادمات قد يوقع الرجل في مشاكل زوجية، وبالتالي يجد الكثير من الأزواج الحرج في مشاركة زوجته في المهام، حيث قد يفسر من قبل الزوجات على أنه شروع في تربص الأزواج بالخادمات، وهذا الأمر قد يؤثر على العلاقة الزوجية. وتؤكد ربة الأسرة أم مازن أن مساعدة الزوج زوجته في مهامها المنزلية يسهم في بناء جسور المحبة بين الزوجين، حيث يكون العمل التعاوني فيه نوع من المرح، وقد يكون عاملا رئيسيا في تقريب وجهات النظر بين الزوجين، وحاجزا منيعا أمام نشوب خلافات أسرية. ويؤيد أستاذ التربية، وكيل عميد كلية التربية بجامعة الطائف الدكتور محمد الجودي مشاركة الزوج للزوجة في مهام المنزل. مشيرا إلى أنه بالرجوع إلى السنة النبوية نجد أن الرسول كان يمارس الكثير من الأدوار داخل بيته، ويقدم المساعدة لزوجاته، ولنا في رسول الله أسوة حسنة. مشيرا إلى أن خدمة الأزواج ليست عارا أو أمرا مذموما، بل أوصى بها الرسول. وأشار إلى أن العرف جزء من العناصر المتحكمة في حياة الإنسان خاصة السعودي، وهو عنصر مؤثر، ولكن لا بد من تقديم الشرع على العرف إذا كان هنالك تعارض، وقد تكون المساعدة ليست مقتصرة على المشاركة الفعلية، بل إن المشاركة المعنوية قد تحقق نتائج إيجابية كبيرة في نفس المرأة كالثناء عليها وشكرها ومدحها وتقييم ما تقدمه إيجابيا وقد يغني ذلك عن مشاركة الزوج الفعلية في المطبخ. وحذر الدكتور الجودي من المشاركة التي تكون مصحوبة بالإحباط والانتقاص مما تقدمه المرأة في المنزل أو الاتهام بالتقصير والذي سيؤثر سلبا على العلاقة الزوجية في المستقبل لكونها ستكون بداية لمرحلة تبادل الاتهامات بين الزوجين. وأبان أن ما تقوم به المرأة في المنزل يعد دورا كبيرا كونها تمثل الحلقة الرئيسية بالنسبة للأسرة بأكملها، وعلى الأباء توجيه أبنائهم وبناتهم للقيام ببعض المهام داخل المنزل ومساعدة والدتهم، وسيكون ذلك مرحلة تأهيل للفتاة في المستقبل لتكون زوجة صالحة قادرة على القيام بدورها على أكمل وجه. وأضاف: أن ذلك أيضا ينمي في الأبناء حب العمل والتعاون والشخصية القيادية خاصة أن مشاركة كافة أفراد الأسرة في العمل داخل المنزل سيسهم بشكل كبير في تقوية العلاقة بينهم وحب العمل والتعاون، كما أن مشاركة أفراد الأسرة تشعرهم بالمسؤولية. مؤكدا أن الأسرة مملكة كاملة، وكلما كان لكل فرد منها دور كلما استطاعت هذه الأسرة المحافظة على ثوابتها واستمرار العلاقة الحميمة بين أفرادها.