أصدرت دار "طوى "للثقافة والنشر والإعلام" ببيروت، ودار "مسكيلياني للنشر والتوزيع" بتونس، المجموعة الشعرية الجديدة للشاعر والمسرحي السعودي صالح زمانان، بعنوان "عائدٌ من أبيهِ". وضمت المجموعة الجديدة 30 نصا من قصيدة النثر، توزعت في 112 صفحة من القطع المتوسط، منها قصائد "حزن القطارات" و"صهيل في العدم"، "وصية الجد الميت"، "محنة الوجود"، "كما لو أنه راح لشراء الهدايا"، "مارثون الخيبة"، "صورة فوتوغرافية"، "عطش المياه"، "أغنيات اللحد الرائجة"، "سكان الثلاجة"، "انتحار"، "أكتب لك وحدك"، "ضحكة في الحي" وغيرها. ومن قصيدة "وصيةُ الجدِّ الميت" يقول زمانان "اُكتب وصيتك لمن تحب لا تتركه حائراً في ملذات غيابكَ النهائيِّ فالموت يترصد المارةَ وشارع الحياةِ ليس بآمنٍ ولا تنسَ كن طيبا مع الفقراءِ والمتسولينَ كن مفاجئا لهم حينَ تكونُ حبيبتكَ سعيدةً أَعطهِم أجرَ عاملِ منجمٍ في اليومِ فهم يدقّونَ صخرةَ الوقتِ- دونما أزميلٍ- بأصابِعِهِمْ ووحدهمْ.. سيصلّونَ للهِ أنْ يسعدَ حبيبتكَ حين يرونَها تمرُّ الزُّقاقَ وحيدةً" وفي قصيدته الأخرى "صهيلٌ في العدم" يقول الشاعر "في وقتٍ باكرٍ قبلَ أنْ يذهبَ الأولادُ للمدرسةِ يوما ما.. سأموتُ سأَسْعُلُ كثيرا قبلَ الموتِ وسأَكتبُ في دفترِ أصغرِهِمْ قبلَ ليلةٍ: يا أصحابَ الصورِ في محْفَظتي اِرْعَوا خِرافَكُمْ فوقَ وِسادتي وأطعِموها زرعة نعناعي فلن أشربَ الشايَ بعد اليومِ وانتبهُوا ! لا تربطُوا حصاني في الاسطبلاتِ اترُكوهُ يهرب صَوبَ السفوحِ البعيدةِ تفترسهُ الذئابُ ويموتُ معي أمتطيهِ ونقطع العدمَ صَوبَ مناماتِ أمي في الربيع" حُزن القطارات مِسْكينةٌ هِيَ القِطاراتُ لأنَّ أرضَهُمْ لا تُنَاسِبُ أصابِعَهَا بَتَرُوا أقدامَهَا في البَدْءِ جعلوها تجري على بَطْنِها وكلما أرادتِ التوقفَ أحرقَتْهَا نارُ الحديدِ كَهْلٌ أَحْدَبُ يَحْرُسُ مَحَطَّةَ قطارٍ قديمٍ أخرجَ رأسَهُ ذاتَ يومٍ خَلْفَ الدُّخَانِ وسَأَلَ: يا لَلْقَسْوةِ ! مئاتٌ من الناسِ تَرْكَبُهُ كلَّ يومٍ لم يفكرْ أحدٌ أنْ يَحُكَّ ظهرَهُ لا توجدُ قِطاراتٌ سعيدةٌ لكنَّ أَوْفَرَها حَظًّا مَنْ يَحمِلُ العاشقينَ إلى الأريافِ البعيدةِ لهذا يَنْفَرِطُ قِطارُ البَضائِعِ ويُصْبِحُ غرفاً في الصحراء كلما سَمِعْتُ القِطاراتُ صَمَمْتُ آذاني صوتُها لا يُزعُجُني لكنَّ أولئكَ الذين انتحروا أمامها ما زالوا يَصْرَخُونَ!