اتفق منظمون عالميون خلال اجتماعهم في بازل بسويسرا مساء أول من أمس على إلزام البنوك بزيادة الكمية التي ينبغي أن تحتفظ بها من رأسمالها الممتاز الأساسي لأكثر من ثلاثة أمثال في إطار سعيهم لمنع أي تكرار للأزمة الائتمانية العالمية. وأعلنت لجنة بازل للرقابة المصرفية أن رؤساء بنوك مركزية ومسؤولين في الهيئات التنظيمية من 27 دولة من الاقتصاديات الرائدة في العالم وافقوا على سن قواعد أكثر صرامة بشأن إدارة المصارف، في محاولة لجعل هذه الصناعة أكثر قدرة على مواجهة الأزمات. ورحب منظمون مصرفيون أمريكيون باتفاقية عالمية لسلامة البنوك وقالوا إنها ستحمي البنوك من الأزمات المالية المستقبلية مثل تلك التي هزت الأسواق العالمية من 2007 إلى 2009 . وقال مجلس الاحتياطي الاتحادي ومكتب مراقب العملة ومؤسسة تأمين الودائع الاتحادية في بيان "يمثل الاتفاق خطوة مهمة تجاه تقليص حدوث أزمات مالية مستقبلية وتقليل شدتها". وفي بيان صدر مساء أول من أمس، قالت اللجنة إنه وفقا لما يطلق عليها معايير بازل 3، فإن البنوك ستكون مطالبة بالإبقاء على معيار قياس الأداء بنسبة 4.5% مقابل 2% وفقا للاتفاقيات السابقة. وبالإضافة إلى ذلك سيكون من الضروري وجود "حاجز حماية لرأس المال" إضافي، ما يرفع إجمالي نسبة رأس المال للأصول التي ينبغي على البنك الاحتفاظ بها إلى 7%. وقال البيان إن "إصلاحات رأس المال هذه.. تلبي المحتوى الرئيسي لأجندة الإصلاح المالي العالمي". وتأتي الاتفاقية بعد مرور ما يقرب من عامين بالضبط منذ انهيار بنك الاستثمار الأمريكي "ليمان براذرز"، الذي تسبب في أكبر أزمة ركود في العالم منذ الكساد الكبير في الثلاثينات من القرن الماضي. وتهدف الإجراءات الجديدة إلى ضمان عدم تسبب البنوك في أزمة مماثلة مرة أخرى. وقال جان كلود تريشيه رئيس البنك المركزي الأوروبي ورئيس مجموعة المحافظين ورؤساء الأجهزة الرقابية إن "الاتفاقيات التي تم التوصل إليها ترسخ بشكل أساسي المعايير العالمية الخاصة برأس المال، وأن مساهمتها ستكون جوهرية في ضمان الاستقرار والنمو المالي على المدى البعيد". وتلزم قواعد اتفاقية "بازل 3" البنوك بتحصين نفسها جيدا ضد الأزمات المالية في المستقبل وبالتغلب بمفردها على الاضطرابات المالية التي من الممكن أن تتعرض لها دون مساعدة الدول ما أمكن. ويهدف المشرفون على البنوك بهذه الإجراءات إلى دفع البنوك للاحتفاظ بقدر أكبر من أموالها الخاصة وأن تتمتع بقوة أكبر في مواجهة الأزمات. وكانت ألمانيا عرقلت في البداية حلا وسطا بين الأطراف المشاركة، فيما يتعلق خصوصا بتصفية أعباء المؤسسات الرسمية العامة التي تصل إلى المليارات. وأعربت مصارف ألمانيا وفرنسا عن معارضتها تشديد المعايير الخاصة برؤوس أموال المصارف، مؤكدة أن القواعد الجديدة ستفرض أعباء إضافية على المقرضين في الوقت الذي تتعافي فيه جميعها من الأزمة المالية. وستسري لائحة رأس المال من المستوى الأول اعتبارا من يناير 2015 على أن يطبق احتياطي تحويل رأس المال تدريجيا بين يناير 2016 ويناير 2019 . وفي أعقاب الأزمة المالية العالمية التي نتجت جزئيا عن تعاملات خطرة للبنوك دعا زعماء مجموعة العشرين الجهات التنظيمية ومسؤولي البنوك المركزية في 2009 إلى العمل لوضع لوائح أكثر صرامة بخصوص رؤوس الأموال المصرفية. ومن المقرر أن يصدق زعماء مجموعة العشرين على الاتفاق حين يجتمعون في سول في نوفمبر. وقال وزير الخزانة الأمريكي تيموثي جايتنر: "نرحب بهذه الخطوة التالية على الطريق إلى إصلاحات مالية عالمية قوية ونتطلع لمراجعة تفاصيل هذه الإصلاحات المقترحة للاشتراطات الرأسمالية العالمية". وأضاف "نظل ملتزمين بالتوصل لاتفاق بحلول موعد اجتماع مجموعة العشرين في سول بشأن مجموعة قوية من الإصلاحات التي ستقلل تكاليف الأزمات المالية المستقبلية وتوفر اليقين في الأسواق وتضمن فرصا متساوية للمؤسسات المالية الأمريكية". وأوضح روبرت فان باتنبرج رئيس بحوث الأسهم في لويس كابيتال ماركتس في نيويورك: "أن الاتفاق نعمة ونقمة للبنوك لكنني متأكد أن المستثمرين سيسعدهم الحصول على بعض الوضوح والسماح للسوق بالمضي قدما، لا أعتقد أن هناك أي مفاجآت مزعجة ويوجد إطار زمني للسماح بكثير من الوقت لجمع رأس المال إذا لزم الأمر. أفضل شيء هو إزالة عدم اليقين الذي كان يخيم على السوق. يجب أن تنظر الأسواق لذلك بعين مواتية". وذكر محمد العريان الرئيس المشارك للاستثمار في بيمكو: أن "فترة التدريج للاشتراطات المالية الجديدة طويلة بصورة مثيرة للدهشة مما سيزيد التشكك بشأن قوة جهود تحسين رأس المال المصرفي". وقال سيمون هيلز مدير اتحاد المصرفيين البريطانيين: "أعتقد أنه يتماشى بصورة عامة مع ما توقعناه.. يدور السؤال حول درجة المتابعة التي ستتوافر أثناء إجراء التغييرات. من المهم أن توجد متابعة مستمرة وإعادة تقييم لضمان أن تفعل ما نتوقع أن تفعله وإلا تحدث أي نتائج غير مقصودة نشعر بالعصبية إزاءها.،إنها تبدو مثل خطوة جيدة تجاه زيادة مرونة النظام المصرفي". وأشار إلى أن المهم أن تبدأ لجنة بازل العمل الآن للتأكد من وجود سياسات مقبولة عالمية وإجراءات مطبقة للتأكد من تنفيذ هذه اللوائح بأسلوب متسق.