لم يتوقف دور بعض شركات الألبان على المساهمة في توفير الأمن الغذائي في السعودية، بل تسهم الآن في المحافظة على الأمن المائي، وتقود هذا الاتجاه شركة وطنية كبرى وهي المراعي التي تقوم بدور مهم في توفير مواد غذائية استراتيجية في المملكة وتصل بها إلى الدول الخليجية وبعض الدول العربية، وأصبح لها دور فعال كونها أول شركة مواد غذائية تتجه خارجياً لاستيراد الأعلاف الخضراء من خارج السعودية للمحافظة على الموارد المائية في السعودية، وقد بدأت ذلك منذ عام 2007، ووصلت إلى استيراد كامل احتياجاتها من الأعلاف التي تتطلبها الألبان المصدرة للخارج تمهيداً للوصول إلى الاستيراد كاملاً من الخارج خلال خمس السنوات المقبلة. هذه الخطوات المهمة ضخت فيها الشركة مئات الملايين الدولارية حيث لم تنظر إلى حجم الأموال التي تنفقها بقدر نظرتها إلى صورة أشمل وأكبر وهي المحافظة على الموارد الطبيعية من المياه التي تحتاجها الأجيال القادمة لاستخدامها في حياتهم المعيشية. إن ندرة المياه -وهي مورد محلي- تؤكد ضرورة المحافظة عليها وترشيد استخدامها، وقد اطلعت على تقرير بثته قناة العربية مؤخراً يوضح أن هناك بالفعل خطوات بدأت على الأرض، فقد ضخت "المراعي" الملايين في مزارع بالأرجنتين والولايات المتحدة الأميركية، ودخلت في شراكات مع مستثمرين بشراء أراض ضخمة في كل من أوكرانيا وبولندا، وهو ما يؤكد توفر الرؤية الاستراتيجية لتوفير بديل لزراعة الأعلاف في السعودية، بحيث تستورد بالكامل من الخارج حتى تستمر هذه الصناعة الوطنية، إذ أصبحت المراعي إحدى العلامات التجارية العالمية التي يشار إليها وإلى تميز موقعها على خارطة قطاع الألبان في العالم. إن التحركات نحو استيراد الأعلاف من الخارج التي تمت بشكل سريع تتطلب من كافة الشركات الوطنية الأخرى التي تعمل في المجال نفسه أو مجالات أخرى مختلفة أن تسير على خطى استيراد الأعلاف من الخارج وإيقاف زراعتها محلياً توفيراً للمورد الأهم وهو المياه، الذي يعد الرصيد الحقيقي للمجتمع، خاصة وأن الأعلاف الخضراء تعد الأعلى استهلاكاً للمياه مقارنة بدائرة إنتاج الألبان في السعودية، مما يتطلب إيقاف زراعتها تماما في المملكة والاكتفاء باستيرادها من الخارج.