سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ثلاثية القضاء على الإرهاب تبدأ من "فلسطين" وتنتهي ب"الرافدين" خبراء ل"الوطن": لا استقرار دون رحيل الأسد وتقوية جيش العراق وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي * تقليل من جدوى التحالف الدولي في الحرب على "داعش"
بدءا من فلسطين ومرورا بسورية وانتهاء بالعراق، اعتبر خبراء سياسيون هذا المثلث العربي، نقطة الانطلاق للقضاء على الإرهاب في الشرق الأوسط، مؤكدين أن جدوى التحالف الدولي للحرب على "داعش" ستكون أكثر فاعلية لو راعت في ذلك مسألة إسقاط نظام الأسد وتقوية الجيش العراقي وتصفيته من الطائفيين إلى جانب تحقيق السلام العادل والشامل للقضية الفلسطينية. وتشكل قضية الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية العمود الفقري ل"إرهاب" الشرق الأوسط بحسب وصف آراء سياسيين تحدثوا إلى "الوطن"، مشيرين إلى أن إزاحة الأسد أيضا أمر في غاية الأهمية كونه بتعنته أصبح مولدا للمنظمات المتطرفة والإرهابية، بينما أكدوا أن الحكومة العراقية السابقة بطائفيتها خلقت جيشا عراقيا لا يخدم بلاد الرافدين بل يسير وفق مخططات خارجية "إيرانية". وأكد الساسة أن القضاء على "إرهاب" المنطقة يحتاج لعدد من الجهود إلى جانب تحقيق السلام للفلسطينيين على أراضيهم، وهناك في الجانب السوري، لعل الآراء السياسية اتفقت على أن إزاحة "الأسد" عن السلطة أمر سيسهم في تسريع القضاء على الإرهاب، إلا أن القوى العظمى تختلف مصالحها في هذا الجانب على وجه الخصوص. وبالنظر في بلاد الرافدين، فلم يكن أمام الساسة، إلا أن يتفقوا على ضرورة وجود جيش عراقي متزن وغير عرقي أو مسيس لجهات خارجية، مطالبين بإشراك العراقيين بمختلف أطيافهم في تكوين الجيش للحكومة العراقية الجديدة. إزاحة الأسد من جهته يرى الخبير الاستراتيجي الدكتور علي التواتي، أن المجتمع الدولي بحربه ضد "داعش" الإرهابية، يجب أن تسبقها أولا إزاحة الأسد من السلطة على سورية، بالإضافة إلى دعم الحكومة العراقية لتكون قادرة على تشكيل جيش غير مذهبي، بحيث يكون مشكلا من كافة الأطياف العراقية باتزان. جيش عراقي متوازن أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور وحيد هاشم، اتفق مع التواتي، إذ قال إن الجيش العراقي في حال كان متوازنا وغير عرقي أو مسيسا لجهة خارجية، فإن ذلك سيسرع من تحقيق الغاية المرجوة من التحالف الدولي لدحر "داعش"، والإرهاب عموما. حل القضية الفلسطينية ومن جهته أشار أستاذ العلوم السياسية في معهد الدراسات الدبلوماسية الدكتور أسعد الشملان، إلى أن عدم الوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية واستمرار نظام الأسد، بالإضافة إلى الممارسات الطائفية والإقصائية في المشهد السياسي العراقي، كلها من الأسباب التي غذت الجماعات المتطرفة والإرهابية في المنطقة. وأكد الشملان أن عدم إزاحة نظام الأسد عن طريق الدعم الفاعل للقوى المعتدلة المناهضة له، وتقصير الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية في ذلك، أشاع حالة من الإحباط والقنوط شكلت مدخلا للقوى المتطرفة لاختطاف الثورة السورية. وأضاف الشملان بالقول "فيما عملت السياسات الطائفية والإقصائية لرئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي على تكريس النفس الطائفي في العراق، الأمر الذي استفادت منه الجماعات المتطرفة ذات التوجهات الإرهابية في تثبيت أقدامها على الساحة العراقية". تنظيم صغير الدكتور وحيد هاشم، قال إن دول العالم أعطت "داعش" من الضخامة والقوة أكثر من الواقعية التي يعيشها هذا التنظيم الصغير، متسائلا عن كيفية عدم استطاعة جيش أي دولة تريد القضاء على الإرهاب، بأن تواجه "داعش" وتقضي عليه، مستدركا بالقول: "دول العالم ضخمت الجيش العراقي في وقت سابق وقالت إنه رابع أقوى الجيوش في العالم، لكي تعطي نفسها حق القضاء عليه وهذا ما حدث". وبالعودة للتواتي أوضح، أن الغموض الذي يكسو أهداف تحالف دول العالم لمواجهة "داعش" يعتبر مصدر تخوف وقلق بالنسبة له، مشيرا إلى أن تصريحات الحكومة الأميركية تجاه أن هذا التنظيم ليس لديه نية للهجوم على الولاياتالمتحدة الأميركية، واصفا هذا التصريح الذي أدلى به باراك أوباما بأن الغاية منه هو كسب أكثر قدر ممكن من الأموال العربية خصوصا المال الخليجي لدفع تكاليف الحرب على "داعش". وهذا ما اتفق فيه الدكتور وحيد هاشم مع التواتي، وهو أن الدول العربية وخصوصا منطقة الخليج، من الواجب عليها ألا تخرج فوائض موازناتها السنوية إلى البلدان العربية لأي سبب من الأسباب خصوصا في هذه الفترة، إذ إن التأسيس الداخلي وصب تلك الفوائض على مواطني دول الخليج سيكون هو الدعامة الأقوى مستقبلا، للتنمية أولا ولتحقيق الرفاهية للمواطنين ثانيا. انحياز لإسرائيل وبالعودة إلى الشملان والحديث عن الجانب الفلسطيني قال: إن الانحياز الأميركي المستمر لإسرائيل وابتعادها عن دور الوسيط النزيه والمتوازن يشكل العامل الأهم في وصول القضية الفلسطينية إلى حالة انسداد الأفق هذه، مشيرا إلى ما أسماه بانسداد الأفق لحل عادل للقضية الفلسطينية كباعث آخر على توسع دائرة التطرف المفضي إلى الإرهاب. وأكد الشملان أنه وبعد أحداث 11 سبتمبر حصل اختلاف في الرؤى بين أميركا والدول العربية، فكان الموقف العربي بصورة عامة يقول إن السياسة الخارجية الأميركية وانحيازها لإسرائيل كان السبب في الهجمات الشهيرة، بينما الأميركيون قالوا إن الأوضاع الداخلية في الدول العربية أفرزت التطرف الذي خرج منه الإرهاب وتسبب في تلك الهجمات. وأوضح أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات الدبلوماسية، أنه تم التوصل بعد ذلك إلى نوع من التسوية، تقوم بموجبها الدول العربية بإعطاء أولوية لمعالجة المسببات الداخلية للتطرف المفضي إلى الإرهاب الذي اتهمت به أميركا الثقافة السياسية العربية، فيما يقوم الأميركيون بإعطاء أولوية للمساعدة ورعاية حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، الأمر الذي بدأه بوش الابن عندما قدم التزاما بالسعي نحو حل "الدولتين". التسليح لمواجهة "داعش" وحول تسليح وتدريب القوى العراقية لمواجهة "داعش"، أشار التواتي إلى أن التحالف الدولي يتحدث عن تأهيل المليشيات العراقية التي تسمى جيشا، وتأهيل "البيشمركة" ذي الأهداف الانفصالية سيكون مفيدا لغاياته، إذ إن التسليح والتدريب سيبسط هيمنتهم على شمال العراق بما فيها نينوى والمناطق المجاورة من المحافظات السنية. وأضاف التواتي "لا أعتقد أن البيشمركة من الممكن استخدام قواتهم في الدخول إلى سورية، لسبب بسيط، وهو لأنهم امتداد لحزب العمال التركي الذي يعتبر تنظيما عسكريا للحكومة التركية ودخول البيشمركة إلى سورية يؤدي إلى اتصال بري عبر الحسكة، وهذا يعتبر امتدادا كرديا متصلا مع أكراد تركيا، وهذا ما لن تقبله تركيا بأي حال من الأحوال". وفي الوقت الذي اشترط فيه الرئيس الأميركي لتسليح الجيش العراقي وتقويته أن تعاد هيكلته وألا يكون طائفيا، تساءل التواتي عن إمكانية نجاح الحكومة العراقية في إحداث تغيير هيكلي كبير يضمن التوازن الطائفي بين السنة والشيعة والأكراد داخل الجيش العراقي، مشيرا إلى أن الحكومة العراقية في حال نجحت بذلك، فنستطيع أن نصف الجيش بأنه جيش عراقي، وأن من الواجب على الدول أن تدعمه ليبسط سلطة الدولة في كل شبر من أرجاء العراق. وبين التواتي أنه وفي حال أرادت الأطراف العراقية أن تستخدم الجيش العراقي لمصالحها الخاصة فهذا سيكون عقبة أمام إنجاح التحالف الدولي لمواجهة "داعش" والإرهاب بشكل عام. تحالف مختلف وفيما يتعلق بالتحالف الذي بدأ فعليا بمواجهة "داعش"، أوضح الشملان أن هذا التحالف يختلف بصورة لافتة عن طبيعة التحالفات التي قادتها الولاياتالمتحدة في المنطقة في السابق. إذ إن أميركا في التحالفات الدولية السابقة، كانت تقدم نفسها باعتبارها العنصر الأساسي الذي تتكتل حوله القوى الحليفة الأخرى، إلا أنها في هذا التحالف وضعت نفسها كمساند يمد الدول والقوى الحليفة بالعون في المواجهة والالتحام المباشر مع "داعش"، وتحقيق الهدف الذي من أجله أنشئ هذا التحالف الدولي. ويرى التواتي أن مسألة التحالف في بعض جوانبها شيء من الغموض، لافتا إلى أن هناك أخذا وجذبا يهدف للحصول على أكثر مكاسب مالية ممكنة وهذا سيوثر على مشاريع التنمية ومخصصاتها خصوصا في الدول الخليجية، لأن معظم الدول العربية تعتمد على فوائض موازنات دول الخليج، مشيرا إلى أن الفوائض يتوقع لها أن تنخفض خلال الفترة المقبلة خاصة أن الطلب على نفط أوبك يتناقص شهريا. ضبابية وأضاف التواتي "المسألة معقدة وتتسم بالضبابية نسمع عن 40 دولة متحالفة منها 25 تحالفا سريا، مشيرا إلى أن 10 دول عربية ستتحمل العبء المالي والتدريبي واللوجستي في هذه الحرب، إلى جانب 7 دول أوروبية، وبدأت أتخوف من طول المدة وضبابية الأهداف ومن تحديد المسؤوليات التي لم تتضح بشكل محكم، وطول المدة يستنزف الموارد، وليس واقعيا أن تمتد المدة لهذه الفترة، المسألة لا تحتمل لو انتهى الحكم في دمشق واستبدل بحكومة وفاق وطني تهتم بمصلحة سورية، بالتالي المسألة لا تحتاج إلا أشهرا، فإن تجنب النظام السوري والحفاظ عليه يفتح كل أبواب الشيطان، ومن يريد دحر الإرهاب عليه أن ينهي النظام السوري البشع والمولد الأول للإرهابيين".