ملايين السوريين غادروا أراضيهم مكرهين غير راغبين إلى أماكن نشدوا فيها الأمن والسلامة على أنفسهم وعائلاتهم.. ولكن مواطنهم "بكرو" حينما قرر أن يغادر كان خياره أن يفر إلى الله قاصدا بيته العظيم. وبثمن بخس، باع الحاج السوري ابن حلب أثمن ما يملك، ليتمكن من أداء فريضة الحج، فكان قراره أن يبيع مكتبته التي جاورها سنين طويلة، وعاش معها لحظات حياته بين كسب العيش وتسويق الثقافة، مقابل 1000 دولار فقط. ميدانيا، فسحت السلطات السعودية 205 طائرات تقل حجاجا من دول موبوءة تتفشى فيها أمراض حمى الضنك والحمى الصفراء والطاعون، وذلك بعد التأكد من الشهادات التي تثبت رش تلك الطائرات قبل قدومها إلى البلاد. بثمن بخس باع الحاج السوري بكرو ابن حلب أثمن ما يملك، سنين طوال جاور فيها كتبه، وعاش معها لحظات حياته بين كسب العيش، وتسويق الثقافة، حين كانت حلب قبلة للباحثين عن المعرفة، ولكن بعد أن أحرق النظام السوري الأخضر واليابس، وأصبح السوريون يبحثون عن الأمان، ولقمة العيش التي لم تعد متوفرة إلا في أضيق الحدود، قرر بكرو أن يبيع مكتبته ب1000 دولار، ليتمكن من أداء فريضة الحج. ويقول بكرو: "أن تهرب من منزلك وأن تترك أرضك وتبحث عن وطن جديد فهو أمر لا يتمناه أي شخص في العالم ولكن كل مسلم، يتمنى بحق وحقيقة أن يأتي لبلد الحرمين، خاصة وأن الحج يُعتبر جولة إيمانية روحانية تجعلهم مرتبطين بهذا المكان لما يجمع من الطمأنينة والأمن". بكرو ابن حلب روى ل"الوطن" تفاصيل مجيئه لأداء حج هذا العام، قائلاً: "في بلد تطأه وتدمره الحرب لايمكن أن تتاجر أو تجني مالا يمكنك من الحج، أو حتى يمكنك أن تبيع منزلاً وترحل أو تبيع سيارة وتعيش"، وهو ما اضطره للانصياع لرغباته في الحج، واختيار بيع مكتبته، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي يُعد فيه الكتاب نعم الأنيس والصديق، وكنز لكل قارئ، فهذا ما يؤلم بشكل حقيقي، ولكن الحاجة جعلتني أبيع مكتبتي بثمن بخس هو 1000 دولار، وهو ثمن لا يقدر، حتى وإن كان أكثر كل هذا من أجل حجة أتمنى البقاء بعدها في مكة داعياً المولى عزوجل "اللهم إني أسالك مكاناً آمناً مطمئناً أعبدك بأمان حتى يأتيني اليقين". الحاج بكرو الذي اعتبر الوضع في سوريا أصبح صعب العيش فيه والبقاء، أضاف أنه أتى إلى الحج هرباً من الوضع المأساوي الذي يمتطيهم كل صباح ومساء، وقال: "الحج الذي قدمنا له ليس إلا طاعة لله والكل يرفع يده في كل حين على أن يبدلنا الله حياة جديدة نعيش فيها بأمن واطمئنان". ويضيف الحاج بكرو أنه منذ قدومه إلى الحرم المكي يعيش في سعادة لا توصف؛ فالمكان مريح والسكينة محيطة بنا كلنا، ودعا بكرو الله بأن يطيل في عمر خادم الحرمين الشريفين الذي سهل لهم القدوم عبر الحدود التركية لأداء فريضة هذا العام.