أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد، المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن، واجتناب نواهيه؛ ابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى، مؤكدا أنه من حاسب نفسه ربح ومن نظر في العواقب نجا، ومن اتبع هواه ضل ومن خاف سلم. وقال في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام أمس: لا يخفى ما تعيشه الأمة من فتن ومحن في كثير من ديارها، سالت فيها دماء وشرّد فيها مشردون، وتكالب عليها الأعداء، فالحديث هنا ليس حديث تلاوم وتشكّ ولا يأس وتخاذل، فلا مكان للقنوط ولا اليأس في زمن الاستضعاف، ولا موضع لفقد الأمل عند غياب التمكين، ولكنه حديث انتصار الإسلام وانتشاره وعزة الأمة وعلوها، يقول عز من قائل: "إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" ويقول وقوله الحق "ولينصرّن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز". وأوضح الشيخ ابن حميد، أنه وفي مثل هذه الظروف يحسن التأمل في معاني النصر في كتاب الله، والنظر في حقائق الانتصار في دين الله، فخفاء ذلك يوقع في الاستعجال والتنازل وأشد من ذلك أن يوقع في اليأس والقنوط والعزلة، مبينا أنه يجب التفريق بين انتصار الداعية أو المحتسب وبين ظهور دين الله وانتشار الإسلام، فيجب عدم الربط بين ضعف الأمة واستضعافها، وبين انتشار الدين وانتصاره، والنصر من عند الله ليس بالكثرة ولا بالقوة، ولكن الله يمن على من يشاء بالهداية، ويمن على من يشاء باستعماله في طاعته وخدمة دينه. وبين أن النصر ليس له صورة واحدة ولا مظهر واحد، وأول أنواع النصر ومظاهر الانتصار ما يعرفه الناس ولا يكادون يعرفون غيره، وهو النصر بالغلبة وقهر الأعداء وظهور أهل الحق ويكاد يكون هذا النوع هو الذي ينتظره الناس ويتعلقون به ويحبونه ويجعلونه مقياس نجاح أعمالهم وميزان ابتلائهم، وهذا النصر هو المحبب للنفوس لقوله تعالى: "وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين"، ومن أنواع النصر ومظاهر الانتصار كذلك إهلاك المكذبين ونجاة المرسلين والمؤمنين، كما نصر الله أنبياءه: نوحا وهودا وصالح وشعيبا عليهم صلوات الله وسلامه. وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام، إلى أن من مظاهر الانتصار كذلك النصر بالانتقام من الأعداء المكذبين بعد وفاة الأنبياء والدعاة المصلحين، إما بإعلائنا لهم على من كذبنا أو انتقامنا في الحياة ممن كذبهم بعد وفاة رسولنا، ومن مظاهر النصر كذلك النصر بالحجة أي أن لهم النصر والغلبة بالحجج، ومن أنواع النصر العجيبة ومظاهره الغريبة النصر بالهجرة وتحمل الأذى والقتل، فكم قتل من الأنبياء والذين يأمرون بالقسط بين الناس، فمنهم من طرد ومنهم من هاجر ومنهم من لم يتبعه أحد، فالهجرة والسجن والتعذيب وأنواع الابتلاء كلها معالم نصر، فيعلو الذكر وزيادة الأتباع وكبت الأعداء ولكن المنافقين لا يعلمون. وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن من مظاهر النصر وصور الانتصار الثبات والصبر على المخالف، واحتساب الأجر وعظم البلاء. وأفاد أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فمسؤولية المسلم والمصلح التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه السلف الصالح، أما النتائج والانتصارات فليست إلى العبد، فالله يهدي من يشاء ويضل من يشاء والأمر كله بيده، يعطي ويمنع ويخفض ويرفع ويعز من يشاء ويذل من يشاء وهو المقدم والمؤخر، فإذا فقه المسلم ذلك فإنه لن يستكين أمام ضغوط الظالمين ومساوماتهم واستعجال الأتباع، وعد مصيرهم سعيا للحصول على بعض المكاسب التي تكون أشبه بالمسكنات، وقد يبتلى ببعض التنازلات. وقال الشيخ صالح بن حميد: إن الانتصار هو انتصار الدين وليس انتصار الأشخاص وانتصار المبادئ والقيم والعقائد الحقة والحقائق الناصعة. انتصار الإسلام في ظهور شعائره من توحيد لله وعبادته وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وعمارة المساجد ومظاهر الإحسان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعمارة الحرمين الشريفين بالحجاج والعمار والزوار والطائفين والقائمين والعاكفين والركع السجود، فالانتصار ظهور الإسلام وشعائره في سلوك المسلم، فهذه أعظم صور التمكين ومظاهره. وفي المدينةالمنورة تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي، الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي، في خطبة الجمعة اليوم عن الحج وفضله، موصيا فضيلته المسلمين بتقوى الله عز وجل. وقال: "اذكروا عظيم رحمة الله بكم إذ علمكم مالم تكونوا تعلمون ومنّ عليكم بأنواع العبادات التي تطهركم من الرذائل والشرور، وتنالون بكل عبادة أعظم الأجور والمنافع في دنياكم وأخراكم، ولو لم يعلمنا الله ويهدنا لكنا متلبسين بالقبائح والمنكرات. وأدى ضيوف الرحمن أمس، صلاة أول جمعة من شهر ذي الحجة بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، وسط منظومة متكاملة من الخدمات التي وفرتها أجهزة الدولة المعنية بخدمة حجاج بيت الله وفي أجواء روحانية سادها الأمن والأمان والراحة والاستقرار.