انتقال الخبر اليوم يختلف كثيرا عن سنوات مضت وأصبحت المعلومة تصل إلينا كشعوب ومواطنين قبل أن تصل إلى المسؤول أو المواطن بشخصه المسؤول في كثير من الأحيان، وتتناقل وسائل التواصل الاجتماعي الأخبار بالصوت والصورة، ولذا فلم يعد هناك مجال لتحجيم الخبر تضخيما أو تصغيرا قبل أن يصل إلى المواطن، فهو "من البقرة إلى المائدة". وقبل أيام "فُجعنا" بالاعتداء على المواطن البريطاني وهو الآمن بيننا، وهالتنا الهمجية التي رصدتها كاميرات الجوال. فمن أعطى المواطنين أيا كانوا حق الاعتداء على الآخرين من مواطنين وغيرهم؟. من يسمح لمثل هذه الممارسات البربرية تحت أي مسمى كانت أن تتم ونحن في أرض الحرمين وأرض الأمن والأمان والسلام. هذه الممارسات التي تجاوزت النظرات في بعض الأحيان إلى خلق الله والتفحص في تفاصيلهم بحجة المطالبة بالستر، وهي نظرات تهتك الستر وتعرّي الحشمة إلى ممارسات بالأيدي والأرجل وقفزات "فلكسية". أفعال تمارس باسم الدين وهو منها براء في مجمعات التسوق ومعارض الكتاب والملتقيات العملية والأدبية، حتى شوهت هذه الأفعال المتدين الحقيقي. وقد لا يعلم هؤلاء العنجهيون أن تصرفاتهم الهوجاء لا تسيء للمواطن في الداخل فحسب، ولكنها تسيء له في الخارج لا سيما أبنائنا الطلبة وما يتعرضون له من سخرية واستخفاف إن لم يكن اتهاما بالإرهاب مما يرهقهم نفسيا ويؤثر على تحصيلهم الدراسي، وقد يكون أمنهم. لا ننكر أهمية ودور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكنها أدوار تلبسها بشكل خاطئ من ينتمي لجهاز الهيئة ومن لا ينتمي، ومارسها بإساءة الكثيرين وصدقهم البسطاء من العامة، وهذا ما نراه من تأييد في الردود والتعليقات على بعض الأحداث غير المقبولة التي تمارس باسم المحافظة على الفضيلة. من الجميل أن يأتي الحسم والعقاب من المسؤول بعد حصول الحدث في كل مرة، لكن لا بد من وضع ضوابط لا يمكن تجاوزها وتكون واضحة للمواطن "الملقوف"، ومن يرى في نفسه وصيا على عباد الله، فالأمر والنهي وظيفة لها ضوابطها ولها مواصفات خاصة بالقائمين عليها ولا أتصور أن الشكليات أهمها، وقد يكون من المناسب النظر في ربط هذا الدور بجهات أخرى لعلها تُسيّره بتنظيم أفضل وتظهر الهدف الأساسي من هذه المهام بشكل حضاري ومناسب ويحقق الغاية ويحفظ للمواطن والمقيم سلامتهما.