تناثرت أجساد العشرات من الفلسطينيين من الأطفال والنساء وكبار السن والرجال أشلاء في شوارع حي الشجاعية، المكتظ بالسكان، تحت نيران المدفعية البرية والبحرية والطائرات الجوية الإسرائيلية في واحدة من أبشع المجازر التي ترتكبها الحكومات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية أن أكثر من 70 فلسطينيا، غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن، قد استشهدوا في المجزرة الإسرائيلية التي حولت ليل الشجاعية إلى نهار، دون أن يتوقف القصف حتى في ساعات النهار ليخلف دمارا شاملا. وتنصلت الحكومة الإسرائيلية من مسؤوليتها عن المجزرة بادعاء أنها طلبت من السكان مغادرة الحي قبل قصفه، وذلك في وقت قال فيه فلسطينيون خرجوا أحياء من المجزرة، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي كانت هددت بارتكاب مجازر شبيهة بتلك التي ارتكبتها في لبنان. واتهم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو "حماس" باستخدام الفلسطينيين في غزة كدروع بشرية، ويقول إن اسرائيل تستهدف مواقع عسكرية. وأعلن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، مساء أمس، أن 13 جنديا إسرائيليا قتلوا، في قطاع غزة. وحمل فلسطينيون غطى التراب الناتج عن عمليات القصف ملابسهم أطفالا لهم أشلاءً، وصيحات "الله أكبر" تنطلق من حناجرهم غضبا على الاحتلال والدموع تسيل من أعينهم. الفلسطينيون الذين غطت الدماء الكثير منهم، تراكضوا إلى المستشفيات بحثا عن أقارب أو أبناء في وقت زادت فيه أعداد العائلات التي رحلت كاملة تحت القنابل الإسرائيلية. ولم تتمكن سيارات الإسعاف من الوصول إلى الحي لإنقاذ المصابين وإخلاء الشهداء، فيما استشهد أحد رجال الإسعاف وهو يحاول إخلاء مصابين، ومصور صحفي كان يوثق المجزرة الإسرائيلية. وفيما لم توافق الحكومة الإسرائيلية بداية على اقتراح اللجنة الدولية للصليب الأحمر وقف القصف لساعتين لتمكين إخلاء الجرحى والشهداء، فقد وافقت على هدنة لمدة ساعتين لم تلبث أن تراجعت عنها وأعادت قصف حي الشجاعية بداعي خرق الفلسطينيين للاتفاق. وكان الفلسطينيون خرجوا بالآلاف في الشوارع هربا من النيران الإسرائيلية، إذ أفادت وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أن عشرات الآلاف لجؤوا إلى الملاجئ التي أقامتها في المدارس. ودانت حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني بأقصى العبارات المجزرة البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين الأبرياء في حي الشجاعية، التي أدت إلى استشهاد أكثر من 60 مواطنا وإصابة نحو 400 آخرين. وجددت الحكومة مطالبتها المجتمع الدولي بهيئاته السياسية إلى التدخل الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، كما دعت المؤسسات الدولية الإغاثية المختلفة من أجل التدخل فورا لإنقاذ أهلنا في القطاع. وعدّت الحكومة استمرار المجازر الإسرائيلية بحق أهلنا في قطاع غزة وآخرها مجزرة الشجاعية، أنها جرائم حرب مستمرة، تستوجب تدخلا فوريا دوليا لحماية المدنيين في القطاع بموجب اتفاقات جنيف الأربعة. ووجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أول من أمس، نداء إلى المجتمع الدولي للتدخل الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، وفرض وقف إطلاق النار، الذي أسفر عن استشهاد أكثر من 410 شهداء، و3000 جريح. بالمقابل أفادت مصادر إسرائيلية عن مقاومة عنيفة وغير مسبوقة يواجهها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؛ إذ أعلن الجيش الإسرائيلي رسميا عن مقتل 5 جنود، وإصابة 52 جنديا إسرائيليا، 7 منهم في حالة الخطر، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية في اشتباكات مسلحة مع مسلحين فلسطينيين في غزة. ومن بين الجرحى غسان عليان، قائد قوات لواء "غولاني" في جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يقود العملية البرية ضد الفلسطينيين في غزة. ووصفت مصادر إسرائيلية حالة عليان، وهو درزي، بالمتوسطة علما بأن قواته أجرت في الأشهر الأخيرة تدريبات واسعة استعدادا لاجتياح غزة. وواصلت الفصائل الفلسطينية إطلاق الصواريخ على المدن في جنوب ووسط وشمال إسرائيل، إذ أشار الجيش الإسرائيلي إلى أن فلسطينيين أطلقوا 1770 صاروخا على إسرائيل خلال الأسبوعين الماضيين. ومع استمرار المجزرة الإسرائيلية المفتوحة في غزة تواصلت الاتصالات لوقف إطلاق النار غير أنها بقيت دون أفق حتى الآن.