تقاطعت رسائل مكثفة في حفل تتويج الشاعر عبدالله الصيخان بجائزة محمد حسن عواد للإبداع، التي رعاها وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محي الدين خوجة، بمقر نادي جدة أول من أمس، وتميز حفل التكريم للصيخان بطرح الإشكالية الشعرية في السعودية، عبر نافذة الوزير خوجة الذي وصف نفسه أنه أحد الشعراء المتابعين للحركة الشعرية بالمملكة، ليطرح تساؤلا، وجهه للحضور من المثقفين والأدباء الذين تجاوزوا ال150 شخصا، قائلا: "لماذا يمر الشعر بهذه المنعطفات الكبيرة ؟"، ليجيب بلسان المثقف: "إن هذا الأمر لا يحتمل أكثر من أن طبيعة الشعر تختلف تمام الاختلاف عن طبيعة النثر"، ويستشهد بمقولة لسارتر: "يرى الكلمات من جانبها المعكوس، كأنه من غير عالم الناس، يبدو وكأنه لم يعرف الأشياء بأسمائها بل عرفها تعرفا صامتا". "التمرد في الإبداع" يمكن القول إنها الرسالة الكبيرة التي أراد من خلالها خوجة إدارة دفة خاصية الجائزة، والتي أستدل عليها بأكثر من تفصيل، وبشكل تأكيدي، فيرى أنه لولا التمرّد المغروس في نفس الشاعر لما وُجد الإبداع، ليقول بعدها: "إن شقاء ضمير الشاعر الناتج عن إحساسه بذلك التمرّد هو الذي يجعله في عداد الطبقات المتميزة بدلا من أن يكون على هامشها". "خواطر مصرحة" كان النافذة الثانية التي ولج منها خوجة، وهو الكتاب الذي طرحه عواد في عام 1926 وجلب له صداما مع التيار المتشدد، وعد أول كتاب نهضوي في تاريخ الجزيرة العربية، ولا يبتعد خوجة عن هذا المساق، فيقول عن الكتاب إنه كان تدشينا لمرحلة جديدة في الأدب ظل تأثيرها فترة زمنية طويلة، ويقول: "إني لا أعدو الحقيقة إن قلت إن هذا الكتاب من المؤثرات التي طبعت شعرنا بعمق". لم يكتفِ خوجة بهذا القدر، فكلمته كانت حسب تعليق الكثير من المثقفين محاولة جادة لدفع الأندية الأدبية لبذل المزيد من الجهود لإثراء الحركة الشعرية السعودية، بينما جاءت الحركة الشبابية الشعرية بمثابة نافذة خوجة الثالثة عن العواد الذي رأس نادي جدة الأدبي منذ تأسيسه حتى السبعينيات من القرن الماضي، وأوضح خوجه عن ذلك أن الحركة الشعرية في المملكة مرّت بالكثير من المتغيرات، والتي كان من أشدّها تأثيرا حركة الحداثة التي أفرزت لنا في مطلع الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي الكثير من الأصوات الشابة كسعد الحميدين وأحمد الصالح وعلي الدميني وفوزية أبو خالد ومحمد الثبيتي وأشجان هندي وغيرهم، وقال عن الصيخان: "شاعرنا الصيخان من أبرز أولئك الشعراء الشباب الذين استطاعوا أن يؤسّسوا لهم البصمة الشعرية الواضحة في خريطة الشعر السعودي المعاصر بنهجه الحداثي، وأذكر أن تناوله الصحراء بوصفها الهوية الثقافية للمملكة كان موفقاً". ومضى خوجة في الحديث عن الشاعر لفوزه بالجائزة قائلا: "أنت جدير بها، وهي تتويج لأربعين عاما من معاناة الإبداع والتميّز بشعر يمثل انعطافة حقيقية في المشهد الأدبي السعودي المعاصر، وعلامة تشير إلى إحساسك مع رفقتك من الشعراء في تلك المرحلة بهموم الوطن واللغة، وإني الآن أُكبر فيك استمرار إحساسك برفقاء دربك حينما قلت في صفحتك بالفيسبوك إن هذا الفوز ليس لي، إنه لأساتذة المرحلة، أولئك الذين وضعوا بصمتهم على أصابعنا لمحمد العلي وعلي الدميني وأحمد الصالح وغيرهم". الصيخان الذي تحدث بعد تكريمه لفت الانتباه إلى أنه قبل ثلاثة عقود التقى بالشاعر محمد حسن عواد في هذا المكان، ووصفه بأنه من حمل راية التجديد والاستشراق، وقال: "كنت وقتها أخطو خطواتي الأولى مع الشعر، ولكني سعدت بلقائي معه حيث أجريت حوارا مطولا معه لمجلة اليمامة، لقد كان أنيقا في ملبسه وفي تعامله، لقد احتفى بي وأنا لازلت في بداياتي، وخرجت منه بكتبه العزيزة على نفسي، كانت نصوصه التي تم نشرها في مجلة اليمامة نافذة لجيلي للاطلاع على تجربة العواد في ذروتها، وإنني هنا أشعر بسعادة والوزير خوجة يضع الوشاح على صدري باقتران تجربتي المتواضعة مع اسم العواد، وأشكر أحمد باديب على دعمه بينما تنحى الكثير من رجال الأعمال عن دعم الثقافة واتجهوا لدعم الرياضة".