لم تخرج الجلسة الثانية لمجلس النواب اللبناني المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية عن المتوقع، نظراً لعدم اكتمال النصاب القانوني أي أكثرية الثلثين (86 نائباً) بغياب نواب تكتل "التغيير والإصلاح" الذي يرأسه النائب ميشال عون، وتضامن نواب "حزب الله" معه. وأمام هذا الوضع، لم يجد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بداً من رفع الجلسة وتحديد الخميس المقبل موعداً لجلسة جديدة، وعندما قرع الجرس دخل 76 نائباً إلى القاعة، هم نواب 14 آذار وكتلة التنمية والتحرير وكتلة المستقلين. ومن معراب تابع مرشح قوى 14 آذار سمير جعجع الجلسة، واعتبر عقب رفع الجلسة أن "ما يحدث هو ابتزاز كبير لضرب الديموقراطية والدستور". وقال في مؤتمر صحفي "منذ الاستقلال وحتى العام 1975 لم يحدث تعطيل للانتخابات الرئاسية، أما ما يحدث اليوم فهو عمل غير دستوري وليس ديموقراطيا، وبالتالي فإن تأجيل انتخاب الرئيس جلسة وراء الأخرى يضرب الديموقراطية في مقتل". وتساءل جعجع "لماذا تم تسريع المطالب الفئوية والمجتمعية في هذا التوقيت؟ ومع تأييدنا للمطالب العمالية المحقة، إلا أننا لسنا مع استعمالها لمآرب سياسية كتعطيل انتخابات الرئاسة". وختم حديثه قائلاً "نحن أمام خطة واضحة اكتملت معالمها اليوم، وتقتضي بقبول المرشح الذي يريده الفريق الآخر أو الذهاب نحو الفراغ، لكنا لن نستسلم تجاه الخطة التي وضعها الآخرون". وتعليقاً على ما جرى يقول المحلل والكاتب السياسي إيلي الحاج في تصريحات إلى "الوطن" إن "الأمر لم يكن مفاجئاً، خصوصاً وأن مواقف مختلف الأطراف كانت معلنة، إذ إن تكتل عون وصف هذه الجلسة بأنها "فولكلورية" وأن التكتل لن يحضر أي جلسة، إلا إذا انتخب فيها عون رئيساً للجمهورية، على أساس اعتباره نفسه رئيساً توافقياً، وهذا لم يوافقه عليه تيار 14 آذار بالطبع، وتنبع أهمية موقف عون من الدعم الذي يلقاه من "حزب الله" الذي اتفق معه على أن يفوز بمعركة انتخابات الرئاسة وأن يبتز الفريق الآخر، كي ينال دعم رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري، فعون لم ييأس الآن من إمكانية الحصول على دعم الحريري، رغم المؤشرات الواضحة على عدم توفر هذا الدعم". ويكشف الحاج عن ملاحقة بعض المقربين من عون للحريري للحصول على دعمه الشخصي لترشيح عون. ويفسر الحاج الأمر بالقول "الحريري له وجهة نظر تقول بأن العلاقة المفتوحة مع الجنرال عون تؤدي إلى إيجابيات على المستوى السياسي، فلماذا قطع الطريق باكراً ما دامت هناك إمكانات للتواصل من أجل استمرارية العمل الحكومي بشكل جيد؟ أما في الواقع الانتخابي فإن تيار المستقبل واضح في دعمه جعجع، ومن هنا توقعاتي أن يستمر تعطيل انتخابات الرئاسة في الجلسات اللاحقة، رغم أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أكد على أنه سيتصرف بشكل مختلف ولكن الأرجح أن الجميع ذاهبون إلى الفراغ الرئاسي بأعين مفتوحة مع انتهاء المهلة الدستورية في الخامس والعشرين من الشهر الجاري".