في محتوى التاريخ الإسلامي بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- اغتيلت الأرواح ونسفت الآراء وعلت الشعارات وندب الظهور التبعي لإعلاء شأنه. من مقتطفات المعرفة المرجعية التي أظهرتها مراجع عدة قرأت اختلافا وتضادا وتوافقا وتأييدا ولم تركن مرحلة من مراحل التاريخ الإسلامي لرأي موحد في قضايا فقهية مختلفة. بعد مرور دائرة الأربعمئة سنة بعد الألف من الزمن أصبح المشهد الثقافي الإسلامي يتسع لاستحضار صراعات الاختلاف وتستمر الجدلية الفقهية تتطاير في أثير الرقمية وكل حزب يبرهن ويغمس يده في قاع الزمن ليستخرج تأصيلا فقهيا يظهره بفوقية المعتقد أن ما جناه بحثه هو الصواب.. اليوم إسقاطات التلقي أصبحت أكثر سهولة وبلمسة إصبع يستطيع المتلقي أن يبحث عن المعلومة بزمن أسرع من رشفة ماء ليفاجأ بقراءة كل الاختلافات أمام ناظريه. ومن المناسب هنا التأكيد على أن الوصول للعلم أصبح اليوم سهلا لكن إدراك المعرفة هو الصعب. من منبر رقمي كهذا أضع تحليلا نفسيا لحياة الحزبية إن استمرت تعبث بالعقل بأن قادم الأيام سيئد حياتنا جزءا فجزءا حتى يزيح الأمن في الأنفس والأوطان وحينها يدرك الجاهل أنها فتنة رسمت حياة الخوف ثم ذهبت.. هنا لا أملك الأهلية لسرد تشريع كل حزب؛ لكن ما أملكه رأي شخصي يخصني فقط وأراه أقرب إلى الصواب ويمهد في أن العيش بعيدا عن تشريع رباني وقدوة نهج نبوي سيقودنا لمسارات عدة تغتال فينا حياة الأمن ولن نتعايش معاً إلا بارتواء التشريع من نبع التأصيل المحمدي فهو وحده من سيتركنا على وضوح وبيان لا يرفضه إلا هالك. اليوم جيل يبتسم لمعطيات الحياة يقوده جيل يفوقه سنا وحينما نضع ثقافة التضاد وسادة يتكئ عليها جيلنا القادم حتما سيستيقظ يوما على ثقافة الجدل بلا نتاج يخدم وطنه. إسلامنا له قائد هو محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- يجب أن يصدح كل عاقل لجيل قادم بأن إصغاء آذاننا لسواه مفترق خطير سيعقبه جدال ينسف الحياة. من القلب أكتب للعقل، ومن الصحيح أكتب لغلاة كل حزب إن كان إيمانكم يرجو الحياة ثم الجنة أن تصمتوا لسماع نهج قائد إسلامنا الذي اصطفاه خالقنا.. جعلني الله وإياكم من أولئك الذين اهتدوا لصوب سنة نبينا، صلى الله عليه وسلم.