أدرك الملك الصالح خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله - بحسه الوطني حاجة الشعب السعودي الماسّة إلى جهاز حكومي يعنى بحلحلة مشاكل الإسكان، التي طال أمدها واستفحل خطرها وتعاظم شرها وظلت جاثمة على صدور أبناء شعبه، مؤرقة لفكرهم ماحقة لمداخيلهم ومبددة لمدخراتهم في ظل صناعة تجار العقار لمشكلة تضخم الأسعار إجارة وتملكاً، بلهث مكدود وحرص ممجوج على جني أرباح هائلة مهولة على حساب المواطن المغلوب على أمره. بناء على ذلك أصدر الملك عبدالله بن عبد العزيز – حفظه الله - توجيهاته الكريمة باستحداث وزارة الإسكان لتنتظم مع سابقاتها في عقد نماء الوطن وازدهاره، وكانت فرحة السعوديين بذلك كبيرة طمعاً في الخروج من دائرة معاناتهم المريرة التي عاشوها عقوداً طويلة مريرة. لذلك ستظل وزارة الإسكان حالياً أثيرة باهتمام شريحة كبيرة من الشعب السعودي وحظوها بمتابعة جادة لحضورها الإعلامي الطاغي وتلويحها بطرح منتجاتها وتقديم قروضها وخدماتها ووحداتها الإسكانية للمواطن، الذي عاش عقوداً طويلة متجرعاً غصة الفاقة والعوز لمنزل يؤويه يليق بانتمائه للمملكة السعودية وولائه لحكومتها الرشيدة، التي عم خيرها البلاد والعباد في مشارق الأرض ومغاربها. والأمل يحدوهم في اضطلاع الوزارة بمسؤولياتها ومبادرتها بإعمال مبضع جديتها لاستئصال شأفة المشكلة واجتثاث جذورها من الأعماق بحلول عملية يعود ريعها على أبناء الوطن كافة بهناءة دائمة وراحة بال مستديمة ينعكسان إيجاباً على صحتهم النفسية ورفع مستوى إنتاجيتهم. بيد أن ما يلوح في الأفق وما تموج به وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة الورقية والإلكترونية من تصاريح وأخبار على لسان الوزير ومتنفذي وزارته أحال آمالنا إلى مخاوف وأحلامنا إلى أشباح بالإفراط في وضع معايير بالغة الصعوبة وتحديد آليات فائقة التعقيد، فيها من التعسير والشق كثير على المواطن، فهي أشبه بمنخل لتحجيم المستحقين والمستفيدين وحشرهم في دائرة ضيق محيطها وبهذا تضيق الوزارة واسعاً رامه الملك الكريم لشعبه العزيز. فإني أخشى ما يخشاه المواطن أن يتمخض جبل وزارة الإسكان فيلد فأراً ويكون حاله كمن بشر بمولود ميت لجعل محصلة المستفيدين ضئيلة جداً لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تؤمن من خوف بقاء المشكلة وتمددها في ظل الزيادة المطردة للسكان. فيا أيها المسؤولون رفقاً بالمواطن المنتمي إلى وطن كبير ودولة غنية حباها الله بنعمه وخيراته الوفيرة، الكفيلة بجعل المواطن يعيش رغداً من العيش متنعماً بحياة كريمة.