عجز الكثير من المواطنين عن امتلاك مسكن، يمثل مشكلة مزمنة، ومعضلة كبيرة في الوقت ذاته، بل هي أزمة حقيقية أخذت تتضخم وتتمدد في صمت، كالورم القاتل.. مرور الأيام يزيدها تفاقما، والسكوت عنها يؤجج خطرها وضررها. حلقاتها باتت تضيق يوما بعد آخر، وأخذت تزداد حدة مع تزايد الأسر وتنامي الطلب على المساكن، كنتيجة طبيعية لتطور المجتمع ونموه. ما أحوجنا - والحال هكذا - إلى من يضع إصبعه على مكان الألم، ويشخص الحالة بكل دقة، ومن ثم يصف العلاج الناجع، حتى لو كان هذا العلاج بمبضع الجراح، فليكن جراحا ماهرا. وزارة الإسكان التي استبشر بها المواطن خيرا، وأنيط بها زحزحة القضية باتجاه الحل الجذري، ظلت عبئا ثقيلا على طالبي السكن، وأصبحت هما يضاف إلى المشكلة الأساسية، وبقيت القضية تراوح مكانها، والوزارة لا تحرك ساكنا. المواطن أصيب بنوع من الإحباط، بعد أن أصبحت الوزارة (حاملة مفتاح الحل) مشكلة بحد ذاتها، وتحولت من أمل إلى ألم وصدمة عنيفة، لأن الوزارة وقفت حائرة أمام بناء 500 ألف وحدة سكنية ممولة ب 250 مليار ريال، وفشلت في فرض رسوم احتكار على الأراضي التي صنعت الأزمة الحقيقية للإسكان وغذتها من الوريد. فوزير الإسكان صرح أكثر من مرة لوسائل الإعلام بأن ارتفاع أسعار الأراضي يقف خلف أزمة السكن، والأرقام تؤكد أن المساحات البيضاء تغطي 70% من مساحة منطقة الرياض، و60% من المنطقة الشرقية، و50% من منطقة القصيم، وأزمة السكن تجثم على الصدور متثاقلة. ترى ما الذي يكبل الوزارة، ويصدها عن فرض رسوم كسر الاحتكار؟ وما الذي يمنعها من السير خطوات ملموسة على طريق المهمة التي أسندت إليها، إن قوائم الانتظار بصندوق التنمية العقارية تضم 1،8 مليون مواطن، بالإضافة إلى نصف مليون مسجلين على النظام القديم بشرط تملك الأرض، ووجود الوزارة لم يغير من خارطة الأزمة شيئا. هذه الحقائق تشير إلى تنامي الأزمة وتفاقمها بما يشبه الانفجار، فإذا كان الصراخ بقدر الألم فقد بحت الأصوات المطالبة بحلول جذرية لأزمة السكن.. بعد أن وقفت الوزارة رغم إمكانياتها المهولة مكتوفة اليدين، الكل يصرخ.. والصرخات تتبخر ولا تصل مداها، فهل من مجيب؟