بين التحديات العالمية المتصاعدة في صناعة البتروكيماويات وما يشهده القطاع من تطور وتوسع في المملكة، برزت حاجة الابتكار والاختراع لتطوير وإعادة تشكيل سوق هذه الصناعات، بما يضمن الريادة للشركات السعودية، وتحقيق قيم مضافة واستحداثا للوظائف، إلى جانب تنويع القاعدة الاقتصادية، لا سيما فيما تتمتع به هذه الصناعة من توافر للمواد الأساسية. الخبير الاقتصادي فضل البوعينين دعا إلى تعزيز الابتكار في استكشاف المصادر ذات التكلفة الاقتصادية المناسبة للقيم والمواد الخام الأساسية، مبيناً أن من شأن ذلك تحقيق الريادة للشركات، التي لا تكتفي بتحسين أعمالها في نطاق مجالها الصناعي فحسب، بل تتجاوز ذلك لتعيد تشكيل وصياغة مجالها الصناعي ذاته، مضيفاً: "فالمبتكرون يتحكمون بمصائرهم ويعيدون تشكيل طبيعة المنافسة لديهم، وهو أمر مهم لتحقيق المزيد من القيمة المضافة واستحداث الوظائف وتنويع القاعدة الاقتصادية". وأكد البوعينين أن الابتكار الصناعي أمر في غاية الأهمية، حيث إنه يضمن النمو والاستدامة، مشيرا إلى أن "الشركات البتروكيماوية تحتاج إلى الابتكار والإبداع في عملياتها؛ بما يضمن تقليص التكاليف وتعظيم الأرباح والتنوع الإنتاجي، وتحقيق القيمة المضافة"، مضيفا أن قدرتها على الابتكار تمكنها من إعادة تشكيل السوق، وحماية نفسها والتأثير في المنافسين، إذ إن الابتكار يسهم في تحفيز الشركات على الإبداع، وخلق منتجات جديدة؛ تسهم في فتح أسواق جديدة؛ تشبع حاجات المستهلكين. وحول أهمية الابتكار استشهد أبوالعينين بمعاناة بعض المنتجات البتروكيماوية الحالية من ضعف الطلب عليها عالميا، وانخفاض حاد في أسعارها، مضيفاً: "وبالتالي تؤثر سلبا على الشركات المنتجة لها، ومن هنا، فلا بد لتلك الشركات المنتجة أن تستثمر في الابتكارات؛ بما يعيد لتلك المنتجات قيمتها في السوق، وقد يتعدى هذا الهدف الاستراتيجي قدرة الشركة المعنية ليتحول إلى هم وطني تشارك الحكومة في تحقيقه من خلال الصناعات التحويلية على سبيل المثال". وأضاف البوعينين أن الشركات ذات الكفاءة قادرة على تعديل وضعها الإنتاجي من خلال الابتكار والإبداع خاصة فيما يتعلق بسلسلة الإنتاج، أو الدخول في شراكات صناعية، يمكن من اعتماد مدخلات التصنيع فيها على منتجات الشركة الأولى. وقال البوعينين إن السيطرة على السوق لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الابتكار؛ والتوسع فيه؛ والإنفاق عليه، إذ إن الشركات العالمية تخصص جزءا كبيرا من أرباحها لعمليات الابتكار والبحوث، بعضها لا يسفر عن نتائج ذات قيمة، مضيفاً: "ومع ذلك تستمر الشركات في الإنفاق للوصول إلى ابتكارات قادرة على دعم ربحية الشركة وريادتها في الأسواق، إذ أصبح الابتكار اليوم جزءا رئيسيا من العمل الاستراتيجي، الذي يضمن بقاء الشركة وحمايتها من المنافسين ومتغيرات السوق المفاجئة، التي قد تقضي على أكبر الشركات التي تركن لما لديها من منتجات بمعزل عن متغيرات الطلب والحاجات وتغير سلوك المستهلكين. وحول ترتيب الأولويات، قال البوعينين: "أعتقد أن الخيار الأول للمملكة هو الخيار الصناعي، وطالما كانت لدينا صناعة البتروكيماويات المتقدمة، فإنه يمكن خلق صناعات تحويلية واسعة قادرة على استثمار جزء من الإنتاج المحلي؛ وقادرة أيضا على استخدام المنتجات البتروكيماوية الأقل طلبا في الأسواق والأرخص قيمة؛ كلقيم لمنتجات تحويلية أخرى، نحقق من خلالها الاستثمار الأمثل للقيم المحلي، ونفتح أسواقا جديدة محلية وعالمية؛ بما يدعم بقاء الشركات ونموها وتطور ربحيتها".