تعد الأمراض المزمنة وغير المعدية من أهم ما يؤرق الأطباء والباحثين المتخصصين، ويجعلهم يعملون على التعريف بها وينادون بضرورة الوقاية منها واتباع الوسائل التي تضمن الحفاظ على الصحة العامة. وفي المملكة، يحتل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة الأولوية والاهتمام الكبير من قبل وزارة الصحة ومؤسسات الدولة الأخرى ذات العلاقة وكذلك من قبل المجتمع الطبي المحلي بشكل عام، حيث تعرف على أنها القضايا الصحية الثلاث الرئيسية التي يعاني منها المجتمع السعودي. وقد حذر مختصون في نطاق الأمراض المزمنة من أن الأمراض الثلاثة باتت ظواهر منتشرة في المجتمع، مؤكدين أن معدلات الإصابة بها بين سكانها وصلت إلى مستويات تستدعي بذل المزيد من الجهود لتلافي مخاطر تلك الأمراض والتحذير من آثارها الصحية والاقتصادية والاجتماعية على حدٍ سواء. من جهته، قال مدير عام الشؤون الطبية بشركة بوبا العربية للتأمين التعاوني الدكتور هاني جوخدار إن تقارير الأممالمتحدة تشير وبكل وضوح إلى أن أثر الأمراض المزمنة في كثير من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل يتعاظم باطراد. وفي المملكة، كشفت أحدث الإحصائيات عن زيادة معدلات الإصابة بمرض ضغط الدم إلى 25.5% من إجمالي السكان، وارتفاع نسبة الإصابة إلى 49.5 % بحلول عام 2025. ودعا جوخدار إلى تطوير طريقة التعامل مع تفشي هذه الأمراض، وتكثيف الحملات التوعوية، وبرامج الفحص المبكر، خصوصاً لمرض السكري. وبالرغم من الازدهار الاقتصادي المتسارع الذي تشهده المملكة، إلا أن نموها المطرد يصاحبه تغير ملحوظ في الأنماط والعادات الحياتية للأفراد، وبالذات في طبيعة الغذاء الذي يتناولونه ومستوى نشاطهم البدني، الأمر الذي جعل المملكة تحتل المرتبة الثالثة على مستوى العالم في أهم الأمراض المزمنة وهو السمنة حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية لعام 2010. ووفقاً للمركز الجامعي لأبحاث السمنة بجامعة الملك سعود، فإن العديد من الدراسات الحديثة أثبتت أن نسبة السمنة في المجتمع السعودي قد ازدادت بصورة تدعو للقلق، حيث إن 23.6% من النساء و14% من الرجال يعانون من السمنة، بينما بلغت نسبة الزيادة في الوزن 30.7% بين الرجال و28.4% بين النساء. من جهته، أكد نائب المدير الطبي بمستشفى "المشفى" بجدة الدكتور خالد عوض أن الأمراض المزمنة الثلاثة الرئيسية بالمملكة تأتي من بين اضطرابات متعددة العوامل وتنتشر بشكل أكبر في الفئات العمرية الأكبر سناً، موضحاً أن انتشار تلك الأمراض يعود للعوامل الوراثية والبيئية على حد سواء. وقال الدكتور عوض "لقد تحققنا من انتشار داء السكري وارتفاع ضغط الدم والبدانة في المملكة بين الذكور والإناث، ومن خلال دراسة ميدانية أجريناها خلال الفترة 1992-1996 على مجموعة من السكان البالغين (الذين تزيد أعمارهم عن 14 عاماً) شملت خمس مناطق مختلفة من البلاد، وجدنا زيادة كبيرة في انتشار مرض السكري، والسمنة وارتفاع ضغط الدم مع التقدم في العمر في كل من الذكور والإناث.