بعثت وزارة الثقافة المصرية برسالة سلام إلى العالم في مواجهة الإرهاب الأعمى والتطرف الذي لا يضرب مصر وحدها، بل العالم كله، منددة بالجماعات الإرهابية التي تسعى لتخريب الأوطان. وقال وزير الثقافة المصري الدكتور صابر عرب في أعقاب تفقده لمسرح مدينة المنصورة الذي تضرر جراء التفجير الإرهابي الذي تبنته جماعة تسمي نفسها "أنصار بيت المقدس" ضد مديرية أمن المنصورة الأسبوع الماضى: "إن هذه الجماعة الإرهابية لم تستهدف الأمن فقط، وإنما استهدفت تراثاً حضارياً وجزءاً من الذاكرة الإنسانية وهو مسرح المنصورة القومي". وشدد عرب على أن بلاده سوف تقاوم الجهل والإرهاب وتعيد هذا المسرح ومديرية الأمن إلى الحياة مرة أخرى وستتجاوز كل ذلك ليس بالأمن والجيش والشرطة فقط، ولكن بالشعب أيضا الذي خرج ليدعم الجيش والشرطة. يذكر أن المسرح القومي بالمنصورة من أقدم المؤسسات الثقافية التي أنشئت فى مصر ومنها دار الأوبرا المصرية عام 1869 وحدث عليه الكثير من الترميم في 1902، وفي الفترة الماضية كانت وزارة الثقافة تعمل على ثلاثة مشاريع كبيرة هي المسرح القومي في العتبة ومسرح طنطاوالمنصورة ومسرح الأنفوشي في الإسكندرية، وبعد حادث التفجير الأخير تعرض المسرح للتصدع ما يستوجب التدخل السريع وبدء عمليات الترميم والإنشاء، وسيتم العمل على مرحلتين حتى يكون جاهزا في نهاية الربع الثالث من عام 2014. وفي سياق آخر، شدد مفتي مصر الدكتور شوقي علام، على أن دار الإفتاء ليست طرفاً في أية معادلة سياسية في البلاد، وأن جوهرها هو بيان حكم الله للناس، وأنها تسعى لحقن دماء المصريين جميعاً، لافتاً إلى أن الدار أصدرت نصف مليون فتوى، معلناً عن إنشاء مرصد لتتبع المقولات التكفيرية والرد عليها يومياً. وقال علام فى أول مؤتمر صحفي له لبيان حصاد دار الإفتاء خلال عام 2013 أمس: "لقد أصدرنَا هذا العام حصيلةً كبيرةً من الفتاوى، قاربَ عددُها نصفَ مليون فتوى بتسعِ لغاتٍ مختلفةٍ، كما أطلقنا موقعَ الدارِ باللغةِ الإنجليزيةِ بعد تطويرِه تطويراً يتماشَى مع معطياتِ العصرِ؛ كما أصدرنا العديد من الموسوعات والكتب، منها: موسوعةُ الفتاوى المؤصَّلةُ في خمسةِ مجلداتٍ، وكتابُ "سُؤالاتُ الأقليات" حول "فقهِ الأقليات"، والأحكامُ الفقهيةُ المتعلقةُ بالمسلمِ الذي يعيشُ خارجَ بلادِ الإسلامِ. وموسوعةَ "دليل الأسرة في الإسلام" التي تُعدُّ مرجعاً لكلِّ أسرةٍ تريدُ تَجنُّبَ المشكلاتِ الأسريةَ وحلَّها. وكتاب "فتاوى المرأة" الذي يضمُّ مجموعةً متميزةً من الفتاوى المتعلقة بالمرأة، وكتابِ "أحكامِ المسافرِ". ولقد انتهينا من موسوعةِ العلومِ الإسلاميةِ باللغةِ الإنجليزيةِ، بُغيةَ التعريفِ بالعلومِ الشرعيةِ وَفقَ المنهجِ الأزهريِّ". ولفت علام إلى إنشاءُ "أمانةٍ عامةٍ دائمةٍ للمؤتمراتِ تتولَّى عقدَ مؤتمرٍ سنويٍّ عالميٍّ تُنَاقَشُ فيه مُستجدَّاتِ الأمورِ على كافةِ المستوياتِ، مستخدمةً في ذلك خبراتِها المتراكمةَ وكوادرَها المدربةَ، وقدراتِها التنظيميةَ المعروفةَ. وستبدأ بمؤتمرٌ عالميٌّ بعنوانِ: "الفتوى.. إشكالاتُ الواقعِ وآفاقُ المستقبل". وأعلن علام عن إنشاءُ مرصدٍ بالدارِ يرصدُ ويتتبعُ مقولاتِ التكفيرِ على مدار الساعة في جميعِ وسائطِ التواصلِ المقروءةِ والمسموعةِ والمرئيةِ وعلى شبكةِ الإنترنت ومواقعِ التواصلِ الاجتماعيِّ. ثم تطرق علام للوضع السياسى فى بلاده وهو الأمر الذي ظل يتحاشى الخوض فيه منذ توليه الإفتاء مطلع هذا العام وقال: "أؤكدُ على أن دارَ الإفتاءِ ليستْ طرفاً في أيِّ معادلةٍ سياسيةٍ؛ لأن وظيفَتَها بيانُ الحكمِ الشرعيِّ فيما تُسألُ فيه، أو يظهرُ على الساحةِ من قضايا تهمُّ المصريين دونَ تحيزٍ إلاَّ لمصلحةِ مصرَ والمصريين". وبعث علام بهذا الخصوص بعدة رسائل منها: "التأكيد على أن دماءَ المصريينَ بلا استثناءٍ حرامٌ، ولا بد من إدانةِ كلِّ عملٍ يدفعُ أهلَنا للاقتتالِ بالقولِ أو التبريرِ أو بالفعلِ، ولا بد من حقنِ دماءِ المصريين، والوصولِ إلى صيغةٍ للتعايشِ السلميِّ"، وقال علام "إننا ندعمُ كلَّ ما منْ شأنِهِ حقنَ دماءِ المصريينَ والحفاظَ على سلميةِ الدولةِ والمجتمعِ والنسيجِ الوطنيِّ من مخاطرِ الانشقاقِ، وندعمُ كلَّ ما يردعُ الإرهابَ بكافةِ أشكالِهِ وألوانِهِ، ويحقق السلمَ والأمنَ الاجتماعيَّ". وشدد علام على أن "المشروعَ الحضاريَّ الإسلاميَّ أكبرُ من أيِّ حكمٍ أو مالٍ أو وزارةٍ يتبادلُهَا القومُ، فالمشروعُ الحضاريُّ الإسلاميُّ يسعَ المسلمَ وغيرَ المسلمِ، ويسعَ كافةَ الأطيافِ والتياراتِ والاتجاهاتِ؛ لأنه يُصدِّرُ القيمَ الحضاريةَ الرائدةَ".