بعد سلسلة من "المبادرات" المتنوعة التي أطلقتها مكونات مختلفة خلال السنوات الأربع الماضية، لإعادة إحياء العلاقة مع المنطقة التاريخية بجدة، دخلت هذه طوراً جديداً لم يعتد عليه أي من إطارات المجتمع المحلي الجداوي. الكاتبة عبير السمكري، ومن خلال كتابها الجديد "ربيعي العربي"، أعادت من حيث عرفت أم لم تعرف تألق محيط هذه المنطقة من الناحية "الجيو ثقافية"، حيث يحوي الكتاب بين دفتيه خواطر مستوحاة من سلوكيات المجتمع، ومواقف حياتية وسياسية تمر بها المنطقة العربية حالياً. وتقول ل "الوطن": "إن الارتكازات البنائية لأفكار تلك الخواطر أخذت حيزاً كبيراً ومهماً في معالجة إشكاليات الفتور المتربعة على عمق العلاقات الإنسانية في الحب، وكينونة تلك المشاعر العاطفية. وحاولت أن أؤكد في رسالتي العامة التي تقع خلف الكتاب أن الفتور ليس نهاية المشاعر الجياشة، بل يبقى الحب هو المنجل لذلك الفتور". ومن خلال نافذة "الفتور" جاء اختيارها لتوقيع كتابها – الثاني بالنسبة لها- في المنطقة التاريخية بقلب جدة المركزي المعروفة ب "البلد"، لتصل إلى نتيجة نهائية من أواصر العلاقة مع هذه الضاحية الحيوية التي تمثل خزانة تاريخية مهمة في ذاكرة الجداويين، وبخاصة حقبة سور جدة القديم الذي كان يحوي الحارات الأربع الرئيسية قبل هدمه في 1974 ( حارات اليمن، الشام، المظلوم، البحر). وبلغة التحليل تمضي "السمكري" في ربط جوهر كتابها الذي يتركز على فكرة "الفتور" والعلاقة بهذه المنطقة قائلة: "منطقتنا التاريخية تحتاج إلى دعم حقيقي، لأن حبها يبقى رغم فتور العلاقة القائمة حالياً بين أهلها وجغرافيتها الصغيرة وحواريها القديمة وأسواقها العتيدة، وأزقتها، بما تحمله من ذكريات على جمهور كبير من أهالي المدينة، لذا حاولت خلخة هذا الفتور عبر اختياره مكاناً لإطلاق كتاب "ربيعي العربي" في مقعد جدة وأيامنا الحلوة، الذي يحاول بكل إمكاناته الذاتية تعريف الجيل بهوية هذه المنطقة". أحد المشرفين على "مقعد جدة وأيامنا الحلوة"، طلال الخوتاني أوضح في حديثه إلى "الوطن" أهمية اختيار التاريخية كمنصة ثقافية، وأكد أن ذلك يساهم من خلال المؤلفين والكتّاب عموماً في استعادة الصيغة المعرفية التي تمتاز بها هذه المنطقة منذ عقود طويلة.