وصل ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز إلى الرياض أمس، قادما من الكويت بعد أن شارك نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إخوانه قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في اجتماعات الدورة الرابعة والثلاثين للمجلس الأعلى التي اختتمت بالكويت أمس. وأشاد المجلس الأعلى لدول الخليج بمطالبة المملكة بإصلاح مجلس الأمن، لتمكينه من القيام بواجباته وتحمل مسؤولياته تجاه الأمن والسلم الدوليين. واعتبر أن موقف الرياض يعبر عن اهتمامها التاريخي بقضايا الأمتين العربية والإسلامية، وتمسكها الثابت بالشرعية الدولية، ورغبتها الصادقة في تفعيل دور مجلس الأمن وأجهزة الأممالمتحدة ومؤسساتها المختلفة، تماشياً مع الدعوات العالمية بهذا الشأن، لجعل العالم أكثر تعاوناً وأمناً واستقراراً. كما شجبت دول المجلس في بيانها الختامي أمس تعرض الحدود السعودية لاعتداءٍ من الأراضي العراقية، مما يعد انتهاكا غير مقبول للقانون الدولي ولمبادئ حسن الجوار، ونبهت من العواقب السلبية لمثل هذا العمل، فيما دعت الحكومة العراقية لتحمل مسؤولياتها في هذا الشأن. وعادت دول مجلس التعاون الخليجي للتأكيد على أهمية توثيق علاقات التعاون بين دول المجلس وإيران على أسس ومبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل بالشؤون الداخلية، واحترام سيادة دول المنطقة، والامتناع عن استخدام القوة، أو التهديد بها. كما رحبت بالتوجهات الجديدة للقيادة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون، وأملت أن تتبع هذه التوجهات خطوات ملموسة، وبما ينعكس إيجاباً على السلم والأمن والاستقرار في المنطقة. ورحب إعلان الكويت في ذات الوقت بالاتفاق التمهيدي الذي وقعته مجموعة 5 + 1 مع إيران في 24 نوفمبر 2013 بجنيف، باعتباره خطوة أولية نحو اتفاق شامل ودائم بشأن البرنامج النووي الإيراني، ينهي القلق الدولي والإقليمي حول هذا البرنامج، ويعزز أمن المنطقة واستقرارها، ويسهم في إخلائها من كافة أسلحة الدمار الشامل، بما فيها الأسلحة النووية. وأكد المجلس الأعلى أهمية التنفيذ الدقيق والكامل لهذا الاتفاق بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وجددت دول الخليج التأكيد على مواقفها الثابتة الرافضة لاستمرار احتلال إيران للجزر الثلاث، "طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى" التابعة للإمارات، وأكدت دعم حق السيادة للإمارات على جزرها الثلاث، وعلى المياه الإقليمية والإقليم الجوي والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة للجزر الثلاث، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الإمارات، واعتبار أن أية قرارات أو ممارسات أو أعمال تقوم بها إيران على الجزر الثلاث باطلة ولاغية، فيما دعت دول مجلس التعاون إيران للاستجابة لمساعي الإمارات لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. وحول سورية، دان مجلس التعاون الخليجي بشدة استمرار نظام بشار الأسد في شن عملية إبادة جماعية على الشعب السوري، باستخدام كافة أنواع الأسلحة الثقيلة والكيماوية المحرمة دوليا، وتأثير ذلك وتداعياته على أمن المنطقة واستقرارها. ودعا إعلان الكويت في ختام القمة ال 34 الخليجية، إلى انسحاب كل القوات الأجنبية من سورية، مطالبا بخروج ميليشيات "حزب الله" من سورية. كما أكد إعلان الكويت دعم دول الخليج لكافة الجهود الدولية الهادفة للتوصل لاتفاق داخل مجلس الأمن لإصدار قرار تحت الفصل السابع لتأمين وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين من الشعب السوري، وعدم السماح لنظام الأسد بتسييس الأزمة الإنسانية بالمزيد من المماطلة والتسويف. ورحب القادة في هذا الشأن بإعلان الكويت استضافتها لمؤتمر المانحين الثاني مطلع العام المقبل، لتوفير الاحتياجات الإنسانية العاجلة للشعب السوري داخل سورية وخارجها، داعين دول العالم والهيئات الدولية ذات العلاقة للمشاركة بفعالية في المؤتمر لتحقيق أهدافه. وأكد قادة دول مجلس التعاون أهمية المحافظة على سيادة سورية ووحدتها وسلامة أراضيها، ودعمهم لقرار الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري، المشاركة في مؤتمر "جنيف 2"، بما يؤدي لتشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحية تنفيذية كاملة وفقا لبيان "جنيف 1"، مشددين على أن أركان نظام دمشق، الذين تلطخت أيديهم بدماء الشعب يجب ألا يكون لهم أي دور بمستقبل سورية السياسي. وفي الشأن المصري، أعرب المجلس الأعلى عن ثقته في خيارات الشعب المصري، وحرصه على كل ما يحفظ أمن مصر واستقرارها، مؤكداً رفضه التام للتدخلات الخارجية بشؤون مصر الداخلية، ووقوف دول مجلس التعاون معها، ودعم اقتصادها، معرباً عن ثقته بأنها ستستعيد موقعها الريادي والتاريخي، وأهميتها المحورية للأمتين العربية والإسلامية. وفي خصوص الأوضاع بالأراضي الفلسطينية وتطورات النزاع العربي الإسرائيلي، أكد المجلس الأعلى أن السلام الشامل والعادل والدائم لا يتحقق إلا بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة عام 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، طبقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية. ورحب المجلس الأعلى بالجهود الدبلوماسية التي تبذلها الولاياتالمتحدة، وبدء المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، آملاً نجاح هذه المفاوضات، وداعياً المجتمع الدولي للاستمرار بدعم مساعي الشعب الفلسطيني السلمية لنيل حقوقه المشروعة. وأدان المجلس إمعان إسرائيل في سياسات الاستيطان، والحصار الجائر وضم الأراضي التي تشكل انتهاكاً صارخاً لقرارات الشرعية الدولية، مطالباً باتخاذ خطوات ملموسة لرفع الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني. وفي الملف اليمني، حث المجلس كافة القوى المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني على تغليب المصالح العليا لليمن، والخروج بقرارات تحقق تطلعات الشعب وآماله، وتحفظ أمن اليمن واستقراره ووحدته. وأشاد المجلس بجهود الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في قيادة المرحلة الانتقالية، تنفيذاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. وأكد دعمه لكل ما يحقق أمن اليمن وتنميته وازدهاره. وحول العمل العسكري المشترك، وافق المجلس الأعلى على إنشاء القيادة العسكرية الموحدة لدول المجلس، وكلف مجلس الدفاع المشترك باتخاذ ما يلزم من إجراءات للبدء في تفعيلها. كما وافق على إنشاء أكاديمية خليجية للدراسات الاستراتيجية والأمنية لدول المجلس، تستضيفها الإمارات. وإزاء التنسيق والتعاون الأمني، بارك المجلس الأعلى قرار إنشاء جهاز للشرطة الخليجية لدول المجلس، مؤكداً أن إنشاء الجهاز سيعزز العمل الأمني ويوسع مجالات التعاون والتنسيق المشترك بين الأجهزة الأمنية في دول المجلس ومكافحة الإرهاب. وفي السياق، وافق المجلس الأعلى على القانون (النظام) الموحد للسلطة القضائية لدول مجلس التعاون بصيغته المرفقة بالقرار كقانون (نظام) استرشادي لمدة أربع سنوات، وتسميته "وثيقة المنامة للقانون (النظام) الموحد للسلطة القضائية لدول مجلس التعاون". كما قرر المجلس الأعلى تجديد تعيين معالي الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني أميناً عاماً لمجلس التعاون لدول الخليج العربية لمدة ثلاث سنوات أُخرى تبدأ من الأول من أبريل 2014م ، وذلك تقديراً للجهود الكبيرة التي يبذلها الأمين العام ، وإسهامه الفعال في تعزيز مسيرة المجلس ، متمنياً لمعاليه التوفيق والنجاح في مهامه خلال الفترة القادمة .