لأول مرة وبعد 32 شهرا على اندلاع الأزمة السورية، يوحي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بضرورة دخول مؤتمر جنيف 2، على أساس ما انبثقت عنه توصيات مؤتمر "جنيف 1"، الذي يتضمن صراحة، عدم وجود دور للرئيس السوري بشار الأسد، في المرحلة المقبلة، بعد تسوية سياسية تكفل للمعارضة السورية إنشاء دولة، دون نظام الأسد وأركانه. وبدا اتساق إيحاء الأمين العام للأمم المتحدة هذه المرة، مع ما تنادي به أطراف المعارضة وقوى الثورة السورية، وهو ما دعا معارضا سوريا بارزا، يُقيم في أحد العواصم الأوروبية، للقول: "إنها ضربة قوية بوجه نظام الأسد"، كناية عن تأييد أعلى سلطة في المجتمع الدولي، لرغبات أطراف المعارضة، لا النظام. مون الذي أعلن أمس، عن أن الثاني والعشرين من شهر يناير من العام المقبل هو الموعد المحدد لانعقاد جنيف 2، لم يفته أن يبعث برسالة اختصرها بالقول: "إنها مهمة تبعث الأمل"، في إشارة إلى لقاء هو الأول، سيجمع طرفي النزاع في سورية، النظام والمعارضة، على طاولة واحدة، بعد حرب طاحنة حصدت مئات الآلاف من الضحايا، وشردت ملايين الأسر إلى دول الجوار. المتحدث باسم الأممالمتحدة مارتن نيسيركي، قال: "الأمين العام ينتظر من المندوبين السوريين أن يحضروا إلى جنيف، وهم مدركون أن هذه الخطة هي الهدف، ومع نية جدية بوقف الحرب، التي أسفرت عن مقتل أكثر من مئة ألف شخص، وشردت نحو تسعة ملايين شخص من منازلهم، وتسببت في عدد لا يحصى من المفقودين والمعتقلين، وأثارت الاضطراب في المنطقة، وفرضت عبئا غير مقبول على الدول المجاورة لسورية". وأضاف مون "النزاع مستمر منذ فترة طويلة. وسيكون أمرا لا يُغتفر في حال عدم اقتناص هذه الفرصة لوقف المعاناة والدمار اللذين سببهما"، مما دعا قطبا معارضا بارزا إلى القول "إن تم إقرار هيئة انتقالية للحكم في سورية، تكفل عدم وجود الأسد وأركان نظامه، فهذا يعني أننا سنتقدم بسرعة"، في إشارة إلى ما انبثق عن جنيف 1، الذي يحوي شرطا صريحا بأن تكون المرحلة المقبلة دون أي دور حتى وإن كان "ثانويا" للأسد، وأركان نظامه. لكن برهان غليون عضو الائتلاف الوطني السوري، الذي تحدث أمس إلى"الوطن" عبر الهاتف من إسطنبول، قال: "نُعاني مماحكات روسية ضارية. نريد تنفيذ بنود جنيف 1، لكننا نُعاني من التعنت الروسي، المقرون بدعم غير محدود لنظام الأسد. بالمُجمل موقف المعارضة السورية صامد على حاله ولن يتزحزح. لن نذهب دون أن يتمخض اجتماع جنيف 2 عن إنتاج هيئة انتقالية بكامل الصلاحيات، لا يكون للأسد وأركان نظامه دور بها في المطلق. الائتلاف الوطني السوري غير جاهز إن كان الموعد قبل الشهر المقبل. وبكل الأحوال، لن نتنازل عن شروطنا قيد أُنملة". وكانت أطرافٌ في المعارضة السورية، قد التقت أخيرا طبقا لغليون، نائب وزير الخارجية الروسي، والمبعوث الأممي لسورية الأخضر الإبراهيمي في جنيف، في لقاء وصفه بأنه "جس نبض" من قبل المعارضة، لرؤية موسكو، التي شكا من تقلب مواقفها، بين دعم نظام الأسد على الصعيد السياسي والعسكري تارة، وسعيها لإيجاد حل سياسي للأزمة تارة أخرى. وفي السياق، أعلن الموفد الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سورية الأخضر الإبراهيمي أمس في أعقاب اجتماع مع مسؤولين روس وأميركيين، أن لائحة المدعوين لمؤتمر جنيف لم تحدد بعد. وبشأن المشاركين السوريين، اعتبر أنه ينبغي أن يكونوا "ذوي مصداقية مع أكبر صفة تمثيلية ممكنة".