تسببت الهزات الأرضية التي ضربت "العيص" العام الماضي، برفع الستار عن عدد من حالات الفقر والعوز في المنطقة، نتيجة الأوضاع المعيشية المتردية، ونقص الخدمات بالقرى والهجر التي تحيط ب"العيص"، فيما تعيش أغلب الأسر في منازل شعبية متهالكة، والبعض في خيام دون كهرباء، فلا منازل تؤويهم، وتقيهم قيظ الهجير! الأرض فراشا! "الوطن"، وفي جولة ميدانية قامت بها، تفقدت أحوال 8 عائلات سعودية، يبلغ مجموع أفرادها نحو 80 شخصا، أغلبهم من كبار السن والأطفال، تحيط بهم أوضاع صعبة، منذ عام تقريبا، متخذين الأرض فراشا والسماء غطاء، فيما تبرع "فاعل خير" لهم ب 5 منازل جاهزة، إلا أنها أضحت في هذا الصيف، ك"الأفران" تشوي الأجساد، نظرا لارتفاع درجات الحرارة. فقد فشلت المساعي منذ عام تقريبا الرامية لإيصال التيار الكهربائي للبيوت، وذلك بسبب طلب شركة الكهرباء، دفع مبلغ 90 ألف ريال، عبارة عن قيمة شراء أعمدة كهرباء. وأدى امتناع الجهات المعنية والمؤسسات الخيرية عن توفير المبلغ، إلى هروب تلك الأسر المحتاجة من المنازل الجاهزة، بحيث نصبوا خيامهم بالقرب منها، فيما دلفت أسرتان إلى "المدينةالمنورة" عند أقارب لهم، تكفلوا باحتضانهم ورعايتهم. بداية الحكاية تعود المعاناة لسنة خلت، لدى رجوع سكان "العيص" بعد عملية الإخلاء الواسعة لمدينتهم، إبان النشاط الزلزالي هناك، حيث أنذر الدفاع المدني، بتوصية من "هيئة المساحة الجيولوجية"، أنذر المواطنين بأنه تم تحديد مناطق عرفت ب"منطقة الدائرة الحمراء"، والتي تحيط ب"حرة الشاقة"، يمنع السكن فيها أو الاقتراب منها، مما أجبرهم على الابتعاد عن المنطقة، والبحث عن مكان بديل، والانتقال إلى قرية "طليح"، شمال "العيص"، وهي عبارة عن أرض فضاء، لا توجد فيها مقومات الحياة، ولا الخدمات الضرورية، بحسب ما أدلى به عدد من السكان إلى "الوطن"، موضحين أنه "عندما اطلع على حالهم، أمير منطقة المدينةالمنورة الأمير عبد العزيز بن ماجد، أمر بتشكيل لجنة للوقوف على أوضاعهم المعيشية، ووجه جميع الجهات المعنية والمؤسسات الخيرية، بتوفير كافة الخدمات والمساعدات لهم، وإيجاد موقع يكون مقر سكن آمن ومؤقت، وتزويده بالتيار الكهربائي، قبل عودتهم من عملية الإخلاء، حتى يتم تنفيذ مشروع الإسكان بالعيص"، إلا أنه ومنذ عام، لم تتجاوب شركة الكهرباء مع مطالبهم!. ترحال ومعاناة عواد دخيل الله الجهني، مواطن من أهالي "العيص"، سرد إلى "الوطن" معاناته، قائلا "لدي أسرة كبيرة، مكونة من زوجتين، وعدد أبنائي 15 ابنا، وقبل عملية الإخلاء التي نفذها الدفاع المدني، قام الأخير بتحذيرنا من البقاء بالموقع الذي نسكنه منذ سنوات عديدة، ويعرف بمنطقة السيح، وهي تقع بمحاذاة حرة الشاقة، زاد على ذلك خوف الأطفال وقلقهم، لشعورنا بالهزات بشكل واسع، فاتجهنا الى المدينةالمنورة، وتم إسكاننا بشقق مفروشة، وصرف لنا بدل إعاشة"، مضيفا "البعض منا باع أغنامه مصدر رزقه، وأثناء عودة السكان، قامت بلدية العيص ضمن لجنة مشكلة من إمارة منطقة المدينةالمنورة، بتحديد موقع يكون بديلا وتزويده بالكهرباء". تعويضات ناقصة المواطن عايد دخيل الله الجهني، حاله ليست أفضل من سلفه، فهو مندهش بسبب عدم إدراجه ضمن من تشملهم التعويضات، والسبب ليس لكونه من أصحاب الملايين، وإنما ببساطة لأنه لا يمتلك بيتا، وإنما يقطن خيمة في أطراف القرى والهجر، التي تعرضت للهزات الأرضية. يقول الجهني: طالبت بضرورة أن "تشملنا التعويضات، فقد عشنا المعاناة وعمليات الإخلاء. ورغم صرف بدل معيشة، وبدل سكن، خلال فترة الإخلاء، إلا أنه يجب النظر بوضع الأسر المحتاجة، فالدولة لا تبخل على مواطنيها"، مضيفا "بعض الأسر تسكن بيوتا مستأجرة، وهي أيضا لم تشملها التعويضات، بحيث ربط شرط الحصول على التعويضات، بإحضار صك وثيقة تملك موقتة للمنزل الذي نعيش فيه، ونظرا لعدم وجود منازل لدينا، أو إثبات السكن لم تشملنا". فقر مستترٌ عدم وجود مكتب للضمان الاجتماعي في "العيص"، ساعد في "تردي الحالة المعيشية للعديد من سكان القرى، وتسبب في عدم اكتشاف حالات الفقر والعوز، لتعفف البعض منهم"، بحسب ما يراه عبد الله بن برير الجهني، الذي ناشد الجهات المعنية "النظر بجدية لمطالب المواطنين، بتشكيل لجنة للوقوف على حجم الكثافة السكانية، واتساع رقعة العيص"، مطالبا ب"إنشاء مكتب للضمان الاجتماعي، ومكتب للأحوال المدنية، ومكتب للجوازات، وفرع للجامعات والكليات الصحية للبنين والبنات". نقص الإمكانات المشرف العام على المستودع الخيري ب"العيص"، عبد الله بن معلا الرفاعاي، أبان أنهم يعانون من "ضعف إمكانات المستودع، فهو متكفل بالعديد من الأسر الفقيرة والأيتام والأرامل والمشاريع"، مبينا أنهم يقومون كجهة خيرية ب"توفير المياه والمواد الغذائية. وبحكم معرفتنا، تكفل مواطن ببناء مسجد للأهالي"، مبينا أن "المستودع على استعداد لدفع قيمة اشتراك إدخال الكهرباء، كما أنه سوف يتم بناء 3 منازل شعبية، تكفل فاعل خير بها". أوضاع مطمئنة وحول الوضع الجيولوجي بعد مرور نحو عام على الهزات الأرضية في "العيص"، أبان لنا رئيس "هيئة المساحة الجيولوجية السعودية"، المهندس زهير بن عبدالحفيظ نواب، أن "أجهزة محطات الشبكة المحلية في حرة الشاقة، ما زالت تسجل عددا بسيطاً من الهزات الأرضية ضعيفة القوى. كما تسجل بعض الهزات الأخرى على فترات متباعدة، ذات قوة أكبر من 3 درجات على مقياس ريختر، يشعر بها بعض السكان"، مضيفا "لقد قامت الهيئة بزيادة عدد محطات الرصد الزلزالي بالحرة، من أجل استكمال الشبكة المحلية، لمراقبة النشاط الزلزالي بها، والتي سيبلغ عددها 15 محطة رصد زلزالي، بنهاية هذا العام". بالإضافة إلى ذلك تم "تحديث برامج تحليل البيانات الزلزالية، لتحليل الزلازل الإقليمية والعالمية أتوماتيكياً وبدقة عالية، بحيث يمكن تحديد قوة الهزة الأرضية بعدة مقاييس مختلفة، حسب طبيعة الموجة المستخدمة في التحليل".