شن مساعد رئيس حزب "النور" السلفي، المتحدث باسمه نادر بكار، هجوماً عنيفاً على قيادات جماعة الإخوان المسلمين واتهمها بخلط الأوراق، وأن الرئيس مرسي كان يدير الحكومة من مكتب الإرشاد، وقال إن حزبه قدم النصح مراراً وتكراراً لجماعة الإخوان والرئيس المعزول محمد مرسي، إلا أن الجماعة كانت ترمي بتلك النصائح عرض الحائط. وأكد بكار أن قيادات الجماعة أضعفوا حكومة مرسي، وذلك بتصريحاتهم المناقضة لتصريحات المسؤولين الرسميين. ولفت إلى أن الأخطاء الجسيمة للإخوان سرعت بسقوطهم، وأشار إلى أن حزبه رفض قبول 4 حقائب وزارية ومنصب لنائب رئيس الوزراء في حكومة الببلاوي، حتى لا يقال إنهم وافقوا على إسقاط الإخوان ضمن صفقة سياسية. وأكد بكار أن رفض حزب "النور" لتولي الدكتور محمد البرادعي لرئاسة الحكومة، كان خشية اتساع هوة الانقسام في المجتمع، خاصة وأن ذلك الأمر كانت ستترتب عليه مشاكل عدة، وكان المعيار هو اختيار أشخاص ذوي كفاءة وإدارة وليس مجرد أسماء لامعة حتى لا تتكرر أخطاء الماضي. فإلى تفاصيل الحوار: بعد ثورة 30 يونيو التكميلية، إلى أين تتجه الأمور في مصر من وجهة نظركم؟ هناك فرق ما بين الأمنيات والتوقعات فنحن نتمنى أن تكون الفترة الانتقالية تصحيحاً للمسار، وإنجاز الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية على أكمل وجه لإتمام العملية الديموقراطية، إلا أن الواقع يؤكد أن هناك معوقات كثيرة للغاية فهناك فريق مؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي، وفريق آخر يُصر على التعامل بعنصرية وبلغة تحمل مزيداً من الإقصاء والإبعاد للآخرين أو للقوى الإسلامية بمعنى أصح، ورغبة في عودة الدولة البوليسية، وما بين هؤلاء وهؤلاء مصر هي التي تدفع الثمن. جهود حثيثة يخشى كثيرون من تطورات المشهد السياسي بمصر، هل تتوقعون أن تجنح الأمور نحو العنف الذي يمكن أن يؤدي إلى حرب أهلية أم أن كلمة العقلاء ستكون حاسمة آخر المطاف؟ كلمة حرب أهلية لا يتقبلها الشعب المصري لأنه يختلف عن جميع شعوب العالم، كما أن المساعي والجهود المبذولة حالياً وعلى كافة الأصعدة ساهمت بالفعل في حقن الدماء، وما يحدث في مصر من مناوشات واشتباكات بين فريق وآخر، لا يرتقي إلى حرب أهلية. هل يقوم حزب "النور" بمحاولة للوساطة بين الجيش والإخوان لإنهاء الأزمة الحالية؟ بالفعل يخوض حزب "النور" حالياً مفاوضات شرسة ويقوم بدور الوساطة بين الجيش والإخوان وباقي القوى الإسلامية الأخرى، لإنهاء الأزمة الحالية، فالنور يقود بالفعل وساطة حقيقية بين جميع الأطراف، والحق يقال فإن الجيش المصري يُبدي مرونة كبيرة في المفاوضات معنا تجاه الإخوان، إلا أن الإخوان ما زالوا يعندون ويرفضون أية تنازلات، ويعقد الأمر إلا أن الحزب مُصر على استكمال المفاوضات للنهاية. والحزب تصدر لهذا الدور بإجراء وساطة بين الجيش والإخوان، وذلك لرفض الأحزاب الأخرى التفاوض مع الإخوان. وفي الحقيقة وبعد كل العناد الذي تُبديه الجماعة بتصلبها في رأيها وعدم إبداء أية مرونة، فإن حزب "النور" بات يتفاوض مع الإخوان على مضض، ولكنا أيضاً لن نيأس. ما أسباب الخلاف الذي وصل مرحلة القطيعة بينكم وبين الإخوان؟ فبعد أن ساندتم مرسي خلال الانتخابات مساندة غير مشروطة صرتم من أكبر مناوئيه في الفترة التي سبقت عزله؟ لا يوجد خلاف كما يتصور البعض بين الإخوان وحزب "النور"، فالأمر كله يتعلق بأن الجماعة سارت في عدة طرق لم توفق فيها، ووقعت في عدة مشكلات وأخطاء، ومن جانبه حاول حزب "النور" تقديم الدعم والنصيحة، إلا أن الجماعة كانت دائما وباستمرار لا تحب الاستماع إلى النصيحة، ومن ثم كان السقوط السريع، فنحن ضد الأخطاء المستمرة والمتعمدة، فالحقيقة أنا كنت متعجباً إصرار الإخوان على التمسك بحكومة قنديل، فهي السبب في كل المشكلات، خاصة فيما يتعلق بحياة المواطنين مثل الأكل والكهرباء والوقود وما شهدته من أزمات. مبررات الرفض لماذا رفضتم اختيار البرادعي، لرئاسة الحكومة وتحفظتم على اختيار بعض الوزراء، وعلى ماذا استندتم على هذه المواقف؟ في الحقيقة أن هذا الأمر أُثير حوله كثير من الشائعات والتكهنات وأثار لبساً شديداً، والكثيرون أكدوا أن رفض "حزب النور" محاولة لفرض سيطرته على الأمور ويقوم بدور الإخوان في السابق إبان حكم المجلس العسكري، ولكن في هذه النقطة تحديداً وسبب رفضنا للبرادعي كرئيس للحكومة، هو خوف الحزب من الوقوع في نفس أخطاء الماضي. كما أن حزب "النور" أعلن على الملأ مشاركته وتأييده لخارطة الطريق التي وضعتها القوات المسلحة، وأننا شركاء فيها، وبالتالي كانت نصائحنا للمسؤولين بعد ثورة 30 يونيو، عدم اختيار مسؤولي الوزارة لمجرد أنها أسماء لامعة، ولكن الاختيار لا بد أن يكون قائماً على الكفاءة والخبرة، وعلى كل كان رفضنا للبرادعي - وله منا كل احترام وتقدير فهو شخص وطني - يقوم على 3 معايير؛ الأول أن مصر في حاجة ماسة لفتح أسوأ ملفاتها حالياً وهو الملف الاقتصادي، والذي كان من ضمن سخط الشعب على حكومة مرسي، والمعيار الثاني هو الخبرة الحكومية، ورأى حزب "النور" أن يتم الاعتماد على شخصية ذات خبرة إدارية، ثم المعيار الثالث والأهم، طالبنا المسؤولين بعدم الاستعانة في منصب رئيس الحكومة بشخص قد يثير حساسية بعض التيارات، خاصة التيارات الإسلامية، حتى لا يقال إنه تم عزل رئيس منتخب ووضع رئيس حكومة بلا انتخاب ومن جبهة الإنقاذ، ومن ثم تتسع هوة الانقسام المجتمعي وتزداد المشكلات. هل اكتفيتم بالرفض أم قدمتم البديل؟ كنا قد رشحنا الدكتور أحمد درويش، وزير التنمية المحلية السابق لتولي منصب رئاسة الوزراء، خاصة وأن له خبرة واسعة وكفاءة إدارية وحكومية كبيرة، كما عرضوا علينا الدكتور حازم الببلاوي، والدكتور سمير رضوان، ووافقنا بالفعل رغم أنهما ينتميان للمدرسة الليبرالية، إلا أن مصلحة الوطن تقتضي ترشيح أي منهم فالحزب يشارك في العملية السياسية ولا يُملي رأيه على أحد بل نتشارك مع الجميع. اتهامات باطلة قالت بعض قيادات الإخوان المسلمين، إن وقوفكم إلى جانب جبهة الإنقاذ في مساعيها لإسقاط مرسي جاء في إطار صفقة سياسية، ما ردكم؟ الشيء نفسه يقال من قبل القوى الليبرالية وجبهة الإنقاذ، ونفس التهم توجه إلينا من جانبهم أننا نريد تحقيق مكاسب سياسية، ولكن أقول إن كل تلك الاتهامات باطلة، وصدرنا رحب حتى بسوء الفهم من قبل البعض، فالوقت الحالي متشابك ومليء بالشكوك والتخوين، إلا أنني يمكن أن أوضح أن حزب "النور" لم يكن يوماً يسعى لتحقيق مصالح شخصية أو مناصب بدون انتخابات أو على حساب الوطن، ومن يقول إننا وقفنا مع طرف ضد آخر، فهي اتهامات باطلة بدليل أننا رفضنا عددا من المناصب في الحكومة الجديدة بعد ثورة 30 يونيو لأن الحزب لا يسعى إلى مناصب إلا بالانتخاب، وهو أكبر دليل على أننا لا نبرم أية صفقات سياسية. وهل عرض عليكم تولي مناصب في الحكومة الجديدة وما هي؟ بالفعل عُرضت علينا في حكومة الدكتور حازم الببلاوي 4 حقائب وزارية، بالإضافة إلى منصب نائب رئيس مجلس الوزراء للتوافق المجتمعي، إلا أن حزب "النور" رفض تلك المناصب والوزارات حتى لا يقال إن هناك صفقات سياسية أو إن الحزب أراد أن يخرج من ثورة 30 يونيو بمكاسب خاصة. غياب المرجعية اعتادت الحركات الإسلامية في معظم الدول على وجود مرجعية واحدة تحتكم إليها التيارات المختلفة عند حدوث أي نزاع، هل كانت هذه المرجعية موجودة بمصر؟ في الحقيقة الأمر في مصر يختلف قليلاً، فبعد وصول جماعة الإخوان إلى الحكم في مصر، اتخذت منحاً آخر ولم تعد قياداتها تسمع للأحزاب الأخرى، حتى وإن كانت تلك الأحزاب تسعى بالفعل لتقديم النصيحة، ونعتبر أن مرجعيتنا الدينية والأساسية هو الأزهر الشريف. يرى البعض أن عدم الخبرة السياسية للإخوان هي التي أدت إلى فشل أول تجربة لهم لحكم مصر، هل توافق على هذا الرأي؟ بالطبع اتفق مع هذا فجماعة الإخوان تفتقد للخبرة السياسية والإدارية أيضاً، والحقيقة كنا نتصور أن الجماعة وعلى مدار تاريخها لديها من الكفاءات والإمكانات ما يجعلها تدفع البلاد للأمام، ولكن كثرة الأخطاء وتعدد الأزمات سارع بسقوط الإخوان. تضارب وتناقض من أكبر مشكلات حكومة مرسي التضارب في التصريحات بين قادة الدولة وقادة "الجماعة". هل توافق على هذه الرؤية؟ وكيف السبيل للتمييز بين الحكومة والحزب الحاكم؟ بالفعل كادت تتسبب تصريحات بعض المسؤولين بحزب الحرية والعدالة في إحداث شروخ، وأزمة بين مصر وعدد من شقيقاتها العرب، إلا أن موقف الأخيرة اتسم بالتعقل، مثل الإمارات التي شن ضدها عصام العريان، وقيادات الإخوان هجوماً غير مبرر، ولكن تم استيعاب الأمر من قبل الإمارات، وكانت كلها جملة من الأخطاء التي أساءت لمصر في الخارج وكنا في حزب "النور" ضد ذلك تماماً، حتى كتبنا في هذا الأمر بأن تصريحات العريان غير المسؤولة من يتحمل تبعاتها السلبية. أيهما كان أكبر أثراً في إسقاط حكومة مرسي؛ ضعف أداء حكومة هشام قنديل، أم تخوف الشعب من محاولات "أخونة" الدولة؟ أعتقد أن محاولات الأخونة لكل مفاصل الدولة كان الهاجس الأساسي الذي كان يسيطر على كل المصريين، وفي الحقيقة كان هذا الأمر يشغلنا في حزب "النور" أيضا، وأبدينا عليه اعتراضات كثيرة، فنحن ليس لدينا مانع أن يتم تعيين آلاف الإخوان كموظفين، ولكن إذا كان ذلك يستند إلى الكفاءة والخبرة، وليس تعيينهم لمجرد أنهم تابعون لجماعة الإخوان المسلمين، التي سعت لأخونة معظم الوظائف القيادية في الدولة. يأخذ خصوم مرسي عليه أن الدولة كانت تدار من مكتب إرشاد الإخوان المسلمين وليس من القصر الرئاسي، ما رأيكم في هذا الاتهام؟ هذه هي الحقيقة والكل كان يعرف كيف تتم إدارة الأمور في مصر وكيف كان يُتخذ القرار، كما أن مكتب الإرشاد كانت له اليد الطولى في عمليات اتخاذ القرار، وهذا من أكثر المساوئ التي سارعت بسقوطهم. مكابرة سياسية لماذا وقف التيار الإسلامي متفرجا على إخفاقات الإخوان وأحجم عن تقديم النصح لهم؟ لم نقف متفرجين على الإخوان وبالعكس حزب "النور" قدم النصيحة والتحذيرات مراراً وتكراراً، سواء لحزب "الحرية والعدالة"، أو للرئيس المعزول محمد مرسي، وهو ما حدث بالفعل خلال اللقاء الشهير على الهواء مباشرة في إحدى الجلسات، وقام رئيس حزب "النور" يونس مخيون، بتحذير مرسي من أن هناك عمليات أخونة للدولة تتم بصورة متسرعة وغير مسبوقة، وهو ما قد يؤدي إلى تأزم الأمور وتذمر الموظفين، وقدم له مخيون قائمة بنحو 13 ألف وظيفة في قطاعات عدة بالدولة عُين فيها أتباع جماعة الإخوان، وكذلك وجهنا نصائح كثيرة بضرورة الرجوع عن الإعلان الدستوري، وعزل النائب العام وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، ولكن لا حياة لمن تنادي. هناك فوضى غير مسبوقة في الفتاوى من بعض التيارات الدينية تتناول أمور السياسة وتقوم بتكفير فصيل وتفسيق آخر، كيف السبيل لإيقاف هذا الخطر؟ صحيح مصر تعاني حالياً من فوضى عارمة فيما يتعلق بالفتاوى الدينية من بعض التيارات، والتي تصدر فتاوى لخدمة أغراض شخصية أو مساندة فصيل دون آخر، وفي الحقيقة هذه مأساة وكارثة لا بد من التصدي لها، كما أنه لا بد من عمل نوع من المراجعات الفقهية في هذا الشأن. كيف تقيِّمون موقف الدول العربية على وجه الخصوص مما يحدث في مصر؟ المملكة العربية السعودية ضربت مثالاً في احترام إرادة الشعوب وذلك بانحيازها لاختيارات الشعب المصري، فهو دور ليس بغريب على خادم الحرمين الشريفين، الذي يحمل بداخله حباً ووداً كبيراً لمصر وأهلها، ونحن هنا في مصر ثمّنا ذلك الموقف، وأعتقد أن الفترة المقبلة ستكون مصر أكثر انفتاحاً على السعودية.