تعد المساجد التاريخية بالمدينةالمنورة من أبرز المعالم التي يرتادها الزوار خلال شهر رمضان، إذ تشهد ازدحاما كبيرا من قبل أهالي طيبة وزائريها مع إطلالة هلال الشهر الفضيل. ومن بين تلك المساجد، مسجد "الغمامة" الذي يشهد هذه الأيام كثافة عالية من زوار طيبة ويقع المسجد في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد النبوي الشريف، على بعد 500 متر فقط من باب السلام. وذكرت المصادر التاريخية أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه العيدين والاستسقاء، وأمر صلى الله عليه وسلم ألا يبنى بل يبقى ساحة، حيث قال النبي الكريم عنه: "هذا مجمعنا ومستمطرنا ومدعانا لعيدنا ولفطرنا وأضحانا، فلا يبنى فيه لبنة على لبنة ولا خيمة". وفي هذا المسجد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب على النجاشي، ولذلك يحرص القادم إلى المدينةالمنورة على زيارته والصلاة فيه. وعرف مسجد "الغمامة" الذي يطلق عليه أيضا مسمى "المصلى"، كأحد أشهر المساجد التاريخية والأثرية في المدينةالمنورة. وبين الباحث بتاريخ المدينة عدنان عيسى العمري أن عدة مساجد بالمدينةالمنورة ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيها واعتنى بها الصحابة والسلف رضي الله عنهم تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة في المكان الذي صلى فيه ومن هذه المساجد مسجد الغمامة. وقال العمري: اشتهر المسجد بمسمى "الغمامة" لما يقال أن "سحابة" حجبت الشمس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء صلاة الاستسقاء. وعن تاريخ المسجد ذكر العمري أنه بني إبان ولاية عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه على المدينةالمنورة، ثم جدده السلطان حسن بن محمد بن قلاوون الصالحي عام 761ه، ثم أجريت له إصلاحات في عهد السلطان إينال عام 861ه، وقام بعدها السلطان عبدالمجيد الأول بتجديده تجديداً كاملاً ظل إلى عصرنا الحالي، عدا بعض الإصلاحات في عهد السلطان عبدالحميد. وأوضح العمري أن المسجد مستطيل الشكل، ويتكون من جزءين، المدخل وصالة الصلاة (الساحة الداخلية)، مفيداً أن المدخل طوله 26م وعرضه 4 أمتار، وسقف بخمس قباب كروية، محمولة على عقود مدببة، أعلاها القبة الوسطى التي تنتصب فوق مدخل المسجد الخارجي، وهذه القباب أقل ارتفاعاً من القباب الست التي تشكل سقف الصالة. وأضاف العمري: يتوسط المحراب جدار الصالة الجنوبي، وعن يمينه منبر رخامي له 9 درجات تعلوه قبة مخروطية الشكل، وبابه من الخشب المزخرف عليه كتابات عثمانية قديمة، وقال: بنيت للمسجد مئذنة في الركن الشمالي الغربي، ببناء بديع ومزخرف، شكل جسمها السفلي مربعا بارتفاع حائط المسجد، ثم يتحول إلى مثمن، وينتهي بشرفة لها درابزين من الخشب، يعلوها جسم أسطواني به باب للخروج إلى الشرفة، وتنتهي المئذنة بقبة منخفضة مشكلة بهيئة فصوص، بينما كسي المسجد من الخارج بالأحجار البازلتية السوداء، وطليت القباب فوقه بالنورة (البياض)، وطليت جدران المسجد وتجاويف القباب من الداخل بالنورة (البياض)، فيما ظللت الأكتاف والعقود باللون الأسود، مما أعطى المسجد منظرا جميلا بتناسق اللونين، مما أكسب المسجد جمالا معماريا فريدا. وبين العمري أن صالة الصلاة (باحة المصلى) يبلغ طولها 30 مترا، وعرضها 25 مترا، قسمت إلى رواقين، وسقفت بست قباب في صفين متوازيين أكبرها قبة المحراب. من جانبه، ذكر فرع الشؤون الإسلامية والأوقاف بمنطقة المدينةالمنورة -في تعريفه للمسجد بمواقعه الرسمية- أن مسجد الغمامة يقع جنوب غرب المناخة، ومبني بناء متقنا بالحجارة البازلتية السوداء، طول المسجد 26 مترا، وعرضه 13 مترا، وارتفاعه 12 مترا ومسقوف بمجموعة من القباب، حيث بلغ سمك جدرانه 1.5 متر. وأضاف الفرع عبر موقعه، أنه لا يعرف تاريخ بنائه تحديدا، إلا أنه في القرن الثامن الهجري، عمره السلطان حسن قلاوون كما جدده في القرن التاسع أيضاً، وفي القرن الرابع عشر جدده السلطان عبدالحميد الثاني، واشتهر بتثبيت لوح خشبي منقوش يوضح أن السلطان عبدالمجيد خان قام بتجديده أيضا، ومساحته الفعلية نحو 775مترا مربعا.