يبدو أن ما تمارسه البنوك السعودية من توجيه لرسائل توعوية وتثقيفية لعملائها يمثل "آخر العلاج" لمكافحة اختراق أنظمة الاتصالات، من قبل مجهولين امتهنوا متاجرة أرقام الهواتف المتحركة، عبر إرسال رسائل نصية مجهولة المصدر تتضمن طلب معلومات شخصية لأصحاب الهواتف بغرض التحايل عليهم والإيقاع بهم وسحب أموالهم. وبالتزامن مع التطور التقني والمعلوماتي، تنوعت أساليب التحايل على أنظمة الاتصالات، مما زاد من عمليات القرصنة، بالرغم من الجهود التي تبذلها الجهات التشريعية والشركات المشغلة لخدمات الاتصالات، إذ كشف المتحدث الرسمي باسم هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، سلطان المالك ل"الوطن" عن إيقاف ما يربو على 4 شركات كانت تمارس بث رسائل النصب والاحتيال، في إشارة إلى وجود محاولات للسيطرة والتصدي للأعمال المجهولة التي تستهدف سرقة الأشخاص عبر الرسائل النصية. "الوطن" تقصت طرق وصول الرسائل الاقتحامية والرسائل مجهولة المصدر، التي تعتمد في غالبها على محاولات لسرقة المعلومات الشخصية لأصحاب الهواتف النقالة، والحسابات البنكية، إذ تبين أن خلف هذه الرسائل سوقا لترويج أرقام الأشخاص وبعض معلوماتهم، إذ امتهنت بعض حملات الاشتراكات في بعض المسابقات والمهرجانات المتاجرة في أرقام ومعلومات المشتركين، وهو ما فتح الباب لتصيد ما يمكن تصيده. حماية المعلومات الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية طلعت حافظ، قال إن الوصول للمعلومة في عصر التطور التقني بات سهلا، وإن ما تقوم به البنوك من توعية لعملائها عبر الرسائل النصية ما هو إلا واجب مهني ومسؤولية اجتماعية، مؤكدا على قوة البنوك السعودية فيما يخص الأمن المعلوماتي، وإن أنظمة المملكة البنكية هي الأقوى عالميا. وأضح حافظ أنه تم رصد حالات تعامل فيها العملاء لدى البنوك بحسن نية مع المحتالين، بإعطائهم المعلومات التي يستطيع المحتال من خلالها أن يصل لمبتغاه ويكمل عمليته الاحتيالية، مؤكدا أن رسائل البنوك ما هي إلا من باب "حرص ولا تخوف". وعن الرسائل مجهولة المصدر التي تصل لعملاء البنوك، وصفها حافظ بالملصقات التي تكسو غالبية أجهزة الصرف الآلي والتي تحمل أرقام هواتف لأشخاص يعرضون خدماتهم ويدعون بتقديم قروض مالية أفضل من البنوك، وهذا نوع من أنواع الاحتيال المصرفي الواضح، منوها بعدم التعامل مع هؤلاء، والتعامل معهم غير قانوني. وتطرق حافظ للسوق السوداء الخاصة بالمعلومات، مؤكدا أنها لم تصل إلى الوطن العربي ولم يتضرر الشارع السعودي من تلك السوق العالمية التي تبيع معلومات عملاء البنوك بمبالغ باهظة. من جهته أكد مستشار أمن المعلومات في شركة "فيرايزن بسنس" عمرو العولقي، أن البنوك تجتهد لحماية العملاء من خطر الوقوع ضحية لمثل هذه التهديدات وذلك عبر تفعيل قنوات للتوعية متعددة الوسائل منها ما يكون عبر موقع البنك الإلكتروني أو الرسائل القصيرة ومنها ما يكون من خلال أجهزة الصرف الآلي والمنشورات الموجودة في كل بنك وأيضا من خلال برنامج الرد الآلي بالخدمات الهاتفية المصرفية. وأشار العولقي إلى أنه ومع كل ما تقوم به البنوك من جهود، لا يزال بعض العملاء يقعون ضحية لعدم وعيهم الذاتي بالمخاطر المحيطة بهم خصوصا غير التقنيين منهم. الرسائل الاقتحامية وعن الرسائل الاقتحامية قال متحدث هيئة الاتصالات سلطان المالك، إن الهيئة عقدت قبل أسابيع قليلة اجتماعا مع عدد من ممثلي شركات الاتصالات لبحث إمكانية تقليص الرسائل الاقتحامية المزعجة وجرى التشديد عليهم في التقيد بالضوابط المنصوص عليها. وأوضح المالك ل"الوطن" أن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات أوقفت ما يقارب 4 شركات كانت تمارس بث الرسائل الاقتحامية إلى هواتف العملاء في المملكة، مبينا أن التحقيقات التي أجرتها هيئة الاتصالات تبين لهم مخالفتهم للأنظمة وتم على الفور إيقافهم، وتعليق تراخيصهم. وذكر المالك أن بعض الشركات التي كانت تتجاهل الأنظمة المعمول بها داخل البلاد من ناحية الرسائل الاقتحامية جرى إفهامهم من قبل الهيئة، وجرى في الوقت ذاته التزام تلك الشركات بتلك الضوابط، داعيا في الوقت ذاته إلى انتشار ثقافة الإبلاغ والشكوى، عبر الطرق المتاحة منها البلاغات الإلكترونية أو بالاتصال. وأفاد المالك أنه من المفترض أن لا تصل الرسائل الاقتحامية لمستخدمى الهواتف النقالة إلا بموافقتهم، مشيرا إلى وجود أنواع عديدة من الرسائل المزعجة التي تصل إلى الهواتف المتحركة منها الاشتراك في الخدمات الإخبارية أو عبر الترويج لخدمات الشركات المشغلة للهواتف المتحركة الترويجية، مبينا أنه باستطاعة العميل إخبار تلك الشركات بعدم رغبته في تقبل رسائلهم. وأشار المالك إلى أن الرسائل الاقتحامية في غالبيتها تأتي بصفة عشوائية، وذلك لأسباب إما أن تكون عبر الاشتراك في إحدى الشركات التي تمتهن قواعد البيانات لديها، وتتاجر بها، لافتاً إلى أن بعض الشركات تمارس أعمال أخرى وتستغل أرقام العملاء لبث الرسائل لها، مبينا أن عملها ذلك يعد مخالفا لأنظمة هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات. تنظيم حازم وأشار المالك إلى أن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات سعت بقدر الإمكان إلى تقنين الرسائل المزعجة، عبر تفعيل قانون الرسائل الاقتحامية، إذ عممت على الشركات الرخصة التي لديها تراخيص بث رسائل نصية، وزودت الهيئة الشركات بكافة الضوابط الخاصة التي تشترط موافقة العميل على بث الرسائل لهواتفهم على أن تجري إرسالها في أوقات محددة. من جانبه أكد مدير عام الشؤون الإعلامية بشركة الاتصالات السعودية نواف بن سعد الشعلاني أن شركته تلاحق المصادر التي تبث الرسائل المزعجة، ويتم على الفور حجبها وإغلاقها فورا، مبينا أن الرسائل التي تذاع إلى كافة العملاء تتم وفق التنظيمات التي حددتها هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، لافتا إلى أن الهيئة تشترط حسب تنظيمها أن تكون الرسائل لها علاقة بالعميل وصاحب الهاتف المتحرك بنفسه. وأشار المهندس الشعلاني، إلى أن شركة الاتصالات تقوم بصفه دورية ومستمرة بمراجعة المصادر التي تبث الرسائل المزعجة، وذلك بالتنسيق مع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، والعمل على إيجاد طرق حديثه من أجل إيقاف تلك الرسائل المزعجة. وقال الشعلاني إن شركة الاتصالات ملتزمة بتطبيق نظام الرسائل الاقتحامية الصادر عن هيئة الاتصالات تقنية المعلومات، مشيرا إلى أن بعض الرسائل الوارد إلى هواتف العملاء في الوقت الراهن غالبيتها تبث عبر الإنترنت، أو من خارج البلاد. وبين مدير عام الشؤون الإعلامية في شركة الاتصالات، أن الشركة أوجدت آلية حديثة على اتصال العميل على مراكز الاتصال الموحدة ويستطيع العميل في حال تلقيه أي رسائل مزعجة أن يقوم بالإبلاغ عنها وعلى الفور يتم مباشرة الإجراءات النظامية مع المصدر الذي يبث تلك الرسائل الاقتحامية. تصد جماعي كشف سلطان المالك عن وجود لقاء بين محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وممثلي شركات الاتصالات، جرى خلاله التشاور في مجموعة من المواضيع وعلى رأسها موضوع "الرسائل الاقتحامية"، مبينا أن الاجتماع أكد على الشراكات المزودة لخدمة الرسائل النصية بعدم بث الرسائل الاقتحامية لهواتف المتحركة للعملاء. وأفصح المالك بأن هيئة الاتصالات طلبت من ممثلي شركات الاتصالات ومزودي الخدمات تمكين العميل من الحرية في الرسائل الترويجية، مفيدا أن الرسائل الترويجية التي ترسل إلى هواتف العملاء من الخارج تتعامل مع شركات الاتصالات. وشدد المالك على أن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات اهتمت بشكل بالغ في مكافحة الرسائل الاقتحامية، لافتا إلى أن الهيئة أبلغت مقدمي خدمات الاتصالات بضرورة الحد من تلك الرسائل المزعجة. دعوة للتفاعل دعا المالك المواطنين إلى إبلاغ العملاء عن رسائل التصديد الاقتحامية بشكل مباشر، مشيرا إلى أن الهيئة تتأكد بعد إبلاغ المواطنين بتلك الرسائل المزعجة على أن تتأكد الهيئة في ذات الوقت مع مزودي الخدمات من صحة البلاغ وعلى الفور يتم إيقاف الشركات التي تبث الرسائل الاقتحامية، بعد مثولهم أمام الهيئة والتحقيق معهم. وبين الناطق بلسان هيئة الاتصالات أن شركات الاتصالات تتعامل مع الرسائل المزعجة الاقتحامية في حال إرسالها إلى الهواتف المتحركة للعملاء من خارج السعودية تقوم شركات الاتصالات العاملة في البلاد بإيقافها مباشرة. وطالب بوجود تكاتف بين مقدمي شركات الاتصالات وهيئة الاتصالات والمواطنين، لافتا إلى أن التعامل مع تلك الظاهرة التي تتواجد في عدد من الدول الخارجية يستوجب الإبلاغ. مواجهة التهديدات ويرى مستشار أمن المعلومات العولقي أن البنوك ومؤسسة النقد العربي السعودي قامت ولا تزال تحارب التهديدات الخارجية التي تستهدف العملاء بشكل خاص، مشيرا إلى أنه خلال السنوات الماضية قامت الجهات المصرفية والمالية بالمملكة، بتفعيل الكثير من الإجراءات الأمنية ووضع سياسات تهدف للحد من ظواهر اختراقات الحسابات، ومن هذه السياسات تفعيل خاصية التحقق الثنائي للدخول على الحسابات البنكية وهي عبارة عن شيء يعرفه المستخدم مثل كلمة المرور وشيء يحصل عليه مثل كلمات المرور الموقتة التي يتم إرسالها عبر الرسائل القصيرة أو من خلال أجهزة تسمى "التوكن". وبين العولقي أن البنوك تقوم وبشكل دوري بالتوعية الأمنية وذلك لاتباعهم معايير أمنية عالمية، لافتا إلى أن تكثيف الجهود لا يعكس على جود اختراقات فعلية للبنك، وإن حصلت لن تقوم البنوك بالإعلان عنها، مضيفا "مثل ما حصل في أكبر حادثة اختراق للبنوك في السنة الحالية 2013 التي استهدفت بنكا في دولة الإمارات وآخر في عمان وكان ناتج هذه الاختراقات سرقة 45 مليون دولار". ونوه العولقي بضرورة حماية عملاء البنوك لمعلوماتهم بأنفسهم، وذلك عن طريق تجاهل الاتصالات الزاعمة أنها من البنك وتجاهل الرسائل الموجهة لهم إن كانت مجهولة المصدر وعدم الإفصاح عن معلومات شخصية وكلمات مرور. وأشار العولقي، إلى أن موظفي البنك باختلاف مراكزهم الإدارية لا يحق لهم معرفة كلمة مرور المستخدم، مضيفا: "فكيف لنا الوثوق باتصال أشخاص مجهولين"، مشددا على ضرورة أخذ الحيطة والحذر من الرسائل الإلكترونية التي تطلب من المستخدم الضغط على روابط لتحديث البيانات أو تغيير كلمة المرور وغيرها من المعلومات الخاصة بالمستخدم، مبينا أن أي تحديث لا يكون إلا عن طريق فرع البنك ولا يمكن تحديث مثل هذه البيانات الحساسة عن طريق الإنترنت". ولفت العولقي إلى أن الروابط المرسلة عن طريق البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية يجب أن التعامل معها بحرص والتأكد من صحتها عن طريق التحقق من أن الرابط المرسل هو رابط البنك أو الشركة التي يتم التعامل معها، مضيفا "ويفضل عدم الضغط على الروابط والدخول المباشر على الحسابات البنكية من خلال موقع البنك أو الشركة حتى نتفادى الوقوع في دائرة التهديدات الإلكترونية".