لم تعد الدهون مصدر القلق الأول لعالم الكبار فقط، بل أضحت اليوم عامل قلق إضافي للأطفال، كما يقول بذلك اختصاصيو طب الأسرة والتغذية على السواء، فالموظف بالقطاع الخاص عبدالله، الذي كان ينتظر دوره في إحدى العيادات المتخصصة بجدة للكشف على نجله الأكبر أحمد (12 سنة)، والذي يقول والده: إن وزنه لا يتناسب مع عمره وطوله. "أبو أحمد" قال: إنه اعتاد أن يصحب أبناءه بشكل شبه يومي لمطاعم الوجبات السريعة، الغنية ب"المكونات الدهنية"، لعشقهم لتلك الوجبات، إضافة إلى المشروبات الغازية، إلا أنه توقف عن هذه العادة كما يقول ، بسبب العلامات المرضية التي ظهرت على أطفاله وخصوصا أحمد، حيث ظهرت عليه أعراض تضخم وزنه، وتسوس الأسنان، وصعوبة الحركة، وضيق التنفس، وعدم القدرة على أداء التمارين الرياضية، ناهيك عن سخرية زملاء المدرسة وأصدقاء الحي. قلق الأب عكسته دراسة حديثة صادرة من مركز البحرين للدراسات والبحوث أشارت إلى تفشي السمنة بين الأطفال العرب من 6 إلى 10 أعوام بمعدلات تتراوح بين 12% و25%. أحد مسؤولي منطقة الشرق الأوسط في "GSK Consumer Healthcare" للعناية بصحة المستهلك وائل قصقص قال: "إن هذه النسب لا يجب أن يستهان بها على الإطلاق"، مشيرا إلى أن تناول الأطعمة الدهنية والمشروبات الغازية بالنسبة للأطفال يسبب مخاطر كبيرة لا يدركها الأهالي. وتقول أخصائية التغذية نجلاء أحمد: "إنه غالبا ما تترافق الدهون – بالنسبة للأطفال- مع قلة الحركة، وهو ما يؤدي إلى تراكم الشحوم داخل الجسم، وإعاقة النمو، والتسبب بمشكلات صحية تعجل بظهور أمراض مزمنة في فئات عمرية شابة كتصلب الشرايين". وتضيف: "إن تناول الأطعمة الدهنية يكون عادة على حساب تناول الخضروات، والفواكه، واللحوم الطازجة، والحليب، وهو ما يحرم الجسم من الفيتامينات، والأملاح، والمعادن الضرورية للنمو المتوازن، فالكالسيوم، وفيتامين "د" على سبيل المثال مهمان جدا لنمو وصحة العظام". ووضعت الأخصائية المشروبات الغازية في المرتبة الأولى في قائمة المشروبات المضرة بالأطفال، وطالبت باستبدالها بمشروبات صحية أكثر أمانا وفائدة. وأكدت أن هناك حاجة ملحة إلى تطوير طرق تقديم الأطعمة الصحية، وجعلها أكثر جاذبية حتى يتقبلها الأطفال، إلى جانب الابتعاد عن المشروبات الغازية، ناصحة الأهالي إلى تكثيف بدائل المأكولات السريعة بأخرى صحية، تحافظ على صحتهم المستقبلية، إضافة إلى غرس ثقافة الحركة، والرياضة لدى الأطفال. وأضافت: "ينبغي على الأهل اتخاذ إجراءات سريعة تبعد الأطفال قدر الإمكان عن تلك الأطعمة الضارة، أو الحد من تناولها، وكما أن تزايد نسب الدهون في الجسم مقلق بالنسبة للكبار، فلا بد أن يكون الأمر كذلك بالنسبة للصغار"، مشيرة إلى أن المسؤولية تقع في المقام الأول على الأهل، لأنهم مصدر التوجيه، ورسم السياسات الغذائية في المنزل.