في حوار اتسم ب"المكاشفة والصراحة"، كشف خبراء في مجال مكافحة الفساد وعاملون في حقل المراجعة الداخلية عن وجود تعمد في سرقة أصول الشركات المساهمة، ناهيك عن افتقار عدد من الوزارات لموظفي المراجعة الداخلية وسوء في استخدام السلطة، مؤكدين أن موظف المراجعة الداخلية يواجه خطر الإقالة او النقل من مكان عمله عند اكتشافه لقضايا فساد، وأن الصدفة تلعب دورا كبيرا في كشف قضايا الاحتيال. وجاء ذلك الاعتراف خلال تدشين فعاليات ندوة المراجعة الداخلية في حماية النزاهة ومكافحة الفساد في الرياض أمس بحضور ممثلين من منظمة الشفافية العالمية، وبدوره كشف رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد محمد الشريف، خلال إلقاءه كلمته أن مجموع المبالغ التي تلقاها حساب إبراء الذمة بلغ نحو 250 مليون ريال، لافتاً إلى أن لذلك دلالة على أن الضمائر تصحو. وأكد الشريف أن الاستراتيجية الوطنية لم تستثني الأمراء أو المسؤولين، موضحاً أن بعض الجهات الحكومية لم تمنح وحدات المراجعة الداخلية الاستقلال الكافي، أو لم تنشأها في الأساس. وأرجع الشريف انهيارات أسواق المال عام 2008 إلى عدم تفعيل وحدات المراجعة الداخلية على النحو المطلوب. من جانبه، كشف وكيل كلية إدارة الأعمال للدراسات العليا بجامعة أم القرى الدكتور إحسان المعتاز، أن هناك تعمد في اختلاس الأصول، مرجعاً ضعف الأداء الرقابي لعدم اسقلالية مجلس الإدارة أو تهميش المراجعة الداخلية. ولفت المعتاز أن بعض المسؤولين يمارسون عزل المراجع الداخلي وأن ليس لديه الحرية الكافية، مشيراً إلى ان " الحظ أو الصدفة" هي الطريقة للكشف عن عمليات الاحتيال وجرائم الفساد، مبيناً أن بعض الجهات الحكومية عمدت في إنشاء إدارة المراجعة الداخلية لأجل اهداف صورية. وأفاد المعتاز أن وضع المراجعة الداخلية ضعيف إلى حد كبير، مؤكداً أن الموظفين بها يواجهون خطر الإقالة أو الإبعاد وهو ما سبب هذا الضعف، داعياً إلى تعزيز اسقلالية الأداء وتدخل جمعية المراجعين الداخلية وديوان المراقبة العامة لفرض اسقلالية الوحدات. من جانب آخر، قال مدير المراجعة الداخلية في مصرف الأنماء الدكتور محمد السهلي خلال تلاوته لدراسة قام بها أن هناك تباين في أعداد موظفي اعداد المراجعة الداخلية عبر عينة الوزارات الخمسة التي أجريت عليها تلك الدراسة، إضافة إلى وجود تباين وقلة في بعض الإدارات، كما أنها تفتقر لوجود حوافز مالية وضعف في التأهيل والتدريب وعدم وضوح هياكل، عطفاً عن عدم التنسيق بين الإدارات الرقابية داخل المنشأة نفسها. وخلافاً لتصريحاته السابقة، أرجع رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في رده على سؤال ل"الوطن" اسباب انخفاض ترتيب المملكة في منظمة الشفافية العالمية إلى "دخول دول جديدة ولأجل الترتيب فقط" وليس لمستوى الفساد داخل البلاد، مبيناً أن الهيئة قامت في الفترة السابقة بتزويد منظمة الشفافية العالمية بكافة المعلومات التي تتطلبها مثل جدية المملكة في محاربة الإفساد. وشدد محمد الشريف خلال تصريحاته لوسائل الاعلام، على أهمية دور المراجعة الداخلية، مبيناً بأن دورها لا يقتصر على مراجعة الاوضاع المالية فحسب بل تمتد إلى مراجعة اداء الجهة. وكشف الشريف أن هناك ارتفاع في نسب قضايا الفساد في حال عدم وجود إدارة مراجعة داخلية، وأبان الشريف أن هيئة الفساد في حال عدم تجاوب الجهات الحكومية على استفساراتها يتم تذكيرها، كاشفاً عن رفع الهيئة في الوقت القريب الماضي لجهات حكومية لم تتجاوب مع الهيئة. ولفت إلى أن الهيئة بدأت بالفعل في دراسة واقع الفساد في البلاد، موضحاً أن قضايا التي تنظرها أجهزة القضاء لايزال المتهم يتعامل معه كونه متهم وبذلك لا يمكن نشر الأسماء حتى يصدر الحكم، آملاً أن تكون الأحكام الصادرة عن الأجهزة القضائية في أسرع وقت. المملكة في الثلث الأول للدول الأقل فسادا كشف رئيس المجلس الاستشاري لرجال الأعمال بمنظمة الشفافية الدولية جريمن بوكس، أن المملكة تأتي في الثلث الأول من الدول الأقل فسادا على المستوى العالمي حسب آخر تقييم للمنظمة، مبيناً بأن السعودية تسير في الاتجاه الصحيح بمحاربة الفساد، مؤكداً في الوقت ذاته أن قدر الفساد بالمملكة على نحو "معقول"، مشدداً على ضرورة التركيز على الدور القضائي كون الشريعة الإسلامية تعزز من أدوار مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة.