أثار قيام مجهولين بالاعتداء على موقع أثري بمحافظة "ينبع" يعود تاريخ إنشائه لأكثر من 70 عاما مخاوف المهتمين بالآثار والمعالم التاريخية من تكرار الاعتداء عليه مرة أخرى أو على بعض المواقع التاريخية في المحافظة. وطالب عدد من المهتمين والمؤرخين بتدخل الهيئة العامة للسياحة والآثار لحماية تلك الآثار، وذلك عقب قيام مجهولين مطلع الأسبوع الجاري بالاعتداء على أرض ذات موقع استراتيجي ب"شرم ينبع"، وهو الموقع الذي شهد اللقاء التاريخي بين المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود، وفاروق ملك مصر(حينها)، والذي تم في شرم ينبع عام 1364ه -1945م، حيث قام المعتدون بهدم جزء من "الفرن التاريخي" الذي استخدم خلال زيارة الملكين وحاولوا تسويته بالأرض التي أقيم عليها. "الفرن" كان يستخدم لإعداد الطعام ضمن الخدمات التي تم تجهيزها لاجتماع ملك مصر الضيف، بالملك المؤسس في خليج "رضوى" بشرم ينبع، بالقرب من موقع المخيم الملكي الذي نصب آنذاك لاجتماع الملكين، وظل هذا الأثر باقيا طوال هذه السنين. وتسبب الاعتداء على الموقع الأثري في موجة غضب بين الأهالي والمهتمين بالآثار، كونه أحد أهم المعالم التاريخية الأثرية في المحافظة، مطالبين في الوقت ذاته بسرعة تسوير المنطقة وإعادة ترميم الجزء المتهدم من الفرن وتسوير المنطقة المحيطة بالفرن. وتخوف الباحث التاريخي ومؤلف كتاب "قمة رضوى" عاطف القاضي من إزالة هذا الموقع التاريخي الذي يوثق مرحلة هامة من تاريخ المملكة ومصر، إذ يعد الموقع حسب القاضي من أهم المعالم الأثرية في محافظة ينبع، لافتاً أن الاعتداء بهذا الشكل على هذا الموقع جاء نتيجة عدم الاهتمام بتلك المواقع الأثرية وحمايتها من المجهولين والأيدي العابثة بالتراث حتى وصل الأمر ببعض العابثين إلى محاولة هدم أشهر معلم تاريخي في ينبع. وأشار القاضي إلى أن هذا المكان الذي التقى فيه الملك عبدالعزيز بالملك فاروق لم يكن له أي أهمية تاريخية قبل لقاء الزعيمين على خليج رضوى بينبع، مشيرا إلى أن هذا الموقع التاريخي نال شهرة كبيرة بعد لقاء الملكين السعودي والمصري على صعيده، إذ تحول إلى مركز حضاري نصبت فيه الخيام، وجاء اختيار ذلك المكان مدروسا بعناية حينها بحكم طبيعته الجغرافية. من جهته، ناشد رئيس "لجنة أصدقاء التراث" بينبع عواد الصبحي، هيئة "السياحة والآثار" حماية هذا الموقع من الاعتداء والإزالة، مضيفاً خلال حديثه مع "الوطن" أن هذا المعلم التاريخي يشهد على الدوام زيارات من عدد من المهتمين بالآثار والوفود السياحية التي تزور ينبع بين الحين والآخر، إذ يقومون بجولة داخل المنطقة التي شهدت اللقاء التاريخي والاطلاع على الموقع التاريخي الذي بات "أثرا بعد عين"، واسترسل الصبحي أن أعضاء لجنة حماية التراث بينبع حريصون على هذا الأثر التاريخي، وبين فترة وأخرى يقفون عليه إضافة لاصطحاب الباحثين وتعريفهم بالحدث المرتبط بهذا الأثر وبمجريات الاجتماع الهام الذي تم بين المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود وبين ملك مصر فاروق قبل سبعين سنة. واقترح "الصبحي" لحماية هذا الموقع التاريخي أن يتم عمل سياج حول الموقع لحمايته مجددا من الاعتداءات والتخريب، وأن يتم الشروع في إعادة ترميم الأثر بالطريقة التي كان عليها منذ إنشائه، وأبدى استعداد لجنة أصدقاء التراث للإشراف على الترميم قائلا "لدينا تصور كامل بالشكل الذي بُني بها الفرن قبل هدمه وتساقط معظم أجزائه". كما طالب الصبحي بتفعيل اقتراح الغرفة التجارية بينبع قبل سنوات بأن يكون هذا الموقع وما حوله من مساحة بشرم ينبع مركزا ثقافيا وتاريخيا وحضاريا يجسد هذه المناسبة التاريخية للقاء الملكين وإحياء لهذه الذكرى وما نتج عن الاجتماع من قرارات أهمها الاتفاق على إنشاء الجامعة العربية آنذاك. إلى ذلك أوضح رئيس اللجنة الاستشارية للإرشاد السياحي سطام البلوي ل"الوطن" أن هناك تعليمات من جهات الاختصاص وتعاميم عليا صادرة يمنع العبث أو المساس بالمواقع التاريخية، وأضاف أن هذا الموقع له أهمية بالغة إذ يوثق مرحلة تاريخية هامة بين المملكة ومصر، وأن هذا العبث له تأثيره البالغ على خريطة الإرشاد السياحي والمرشد السياحي بصفة خاصة وتشويع لتراث المحافظة، لافتاً أن هذا الموقع الأثري والتاريخي يعتبر ضمن الآثار التي ترعاها هيئة السياحة والآثار في المملكة.