ينبع مدينة ليست فقط معقل الصناعة في المملكة بل هي معقل للتراث والآثار التي تشكل ميراثا سياحيا خلفه الأجداد لأحفادهم، حيث يوجد في ينبع عدد من المعالم السياحية التي لو استغلت لأصبحت ينبع مقصدا لجميع الباحثين عن الآثار الجميلة في مملكتنا. وتوجد بعض الآثار التي شارفت على الاندثار لقلة الاهتمام بها من الجهات المسؤولة رغم جهود المخلصين من أبناء ينبع في المحافظة على ما بقي من تراثهم العتيق. سور ينبع شيد أول سور لينبع في عام 915 وأول حي في ينبع هو حي الصور وكانت الإدارات الحكومية القديمة والميناء وسوق ينبع قريبة من هذا الحي، وسمي بالصور نسبة للسور والصواب هو السور وليس الصور كما هو متعارف عليه. وكانت بوابة البلدة تقع ما بين آل المقدم ومجد أبي علوان، وكانت هناك بوابة أخرى لسور مدينة ينبع تسمى باب الحديد، وما زال هذا الموضع معروفا في ينبع وجدد السور عام 1126، وربما يكون حي الخريق في ينبع أقدم الأحياء غير أنه كان خارج سور ينبع الأول. وشيد السور الثاني عام 1303 حماية لمدينة ينبع ومن بوابة ذلك السور الباب الكبير في قلب ينبع، والبوابة الثانية للمدينة تسمى بوابة السيارات، وهناك أيضا بوابة صغيرة في غرب ينبع على محاذاة حي القاد تؤدي إلى مقبرة ينبع وقد هدم سور ينبع في عام 1375 بحكم التوسعة والتخطيط. فرن الملك عبدالعزيز وهو عبارة عن مخبز قديم صغير الحجم مبني من الحجر والطين أعد لاجتماع الملك عبدالعزيز مع الملك فاروق حاكم مصر عام 1364، حيث كان يصنع فيه الخبز وبعض الحلوى لتقديمها أثناء الحفل، وقد رمم من قبل البلدية أخيرا. ويقع فرن الشرم شرق شاليهات الشرق الأوسط في الشرم على بعد عدة أمتار من شارع الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز. ومن أبرز معالم المنطقة التاريخية سوق البدو وسوق الليل ومنزل البابطين والذي كان عبارة عن مدرسة قديمة جدا، وهي أول مدرسة في ينبع بعد افتتاح المدارس الرسمية. وأوضح رئيس المجلس البلدي الدكتور محمد البلوي، أنه أحد تلاميذ هذه المدرسة وكان اسمها المدرسة الأولى بينبع وانتقلت بعد ذلك إلى مبنى آخر. ومن ضمن المواقع الجميلة في المنطقة الأثرية مبنى الشونة الذي يعتبر من أهم هذه المباني، والشونة تعني مخزن الغلة، وهو برج مخروطي الشكل كان مستودعا تابعا للحكومة آنذاك، تخزن فيه الحبوب بعد وصولها عبر الميناء ثم تنقل إلى المدينةالمنورة، أو إمداد قوافل الحجاج بها وما يحتاجه البلد، وخصصت حصة من الحبوب لتصنع منها "الدشيشة" التي توزع على الفقراء. وقد بنيت الشونة في الفترة ما بين عام 926 إلى 974 تقريبا. يذكر أنه كان في ينبع شونتان بجوار بعضهما، ولكنهما زالتا ولم يبق سوى جزء من إحداهما. مخزن الزيتية عبارة عن مخزن قديم مبني من الحجر، وسقف المخزن مبني بشكل مقوس، وكان المخزن مستودعا تابعا للحكومة لحفظ الزيت والبنزين لتزويد سيارات البريد والسيارات التابعة لها، وقبل ذلك كان يخزن فيه الكيروسين "الجاز" الذي يستخدم لأغراض كثيرة في ذلك الوقت، ويقع المخزن في حي الخريق بجوار سور الميناء من الخارج، إضافة إلى عدد من المواقع الأثرية المهمة التي تحمل في طياتها عددا من الذكريات لهذه المدينة الجميلة والتاريخية التي تعتبر من أجمل المدن التاريخية على مستوى المملكة. سوق الليل ومع تدشين سوق الليل الأثري في ينبع عادت الحياة إلى السوق من جديد بعد أن انطفأ سراج السوق منذ أكثر من 30 عاما، واليوم فتحت دكاكين السوق أبوابها، وانتظم عدد من الباعة والحرفيين في عملهم وذلك في مشهد ظل مختفيا عن الأنظار عشرات السنين. وبدأ الزوار من المواطنين والمقيمين يتوافدون على السوق ليستمتعوا بهذا المشهد الجميل، ويستعيدوا ذكريات الأمس التي ما زالت عالقة في الأذهان. ويعتبر سوق الليل من أقدم الأسواق الشعبية والقديمة في منطقة المدينةالمنورة، وعودة الحياة إليها من جديد تعد لفتة قيمة لها أبلغ الأثر في نفوس أهل ينبع، وفي نفوس أصحاب هذه الدكاكين وملاكها من الورثة بصفة خاصة. وتعد السوق من أشهر أسواق ينبع في حقبة زمنية مضت، قبل أن يهجرها أصحابها وتتهدم بعض أجزائها حيث سعت لجنة أصدقاء التراث في ينبع منذ ثلاث سنوات لترميم السوق وإحيائها كجزء مهم من تراث ينبع، فكان التواصل بداية مع الهيئة الملكية التي شرعت مشكورة في هذا العمل وأنجزت المرحلة الأولى منه، ثم جاء دور الهيئة العامة للسياحة والآثار التي كان موقفها مشرفا بتبني هذا المشروع. وقد التزم الباعة والحرفيون منذ اليوم الأول لعودة السوق بإحضار أدواتهم وما يلزمهم وألا يبيعوا إلا البضاعة التي كانت تباع في السوق قديما وهي المنتجات البحرية، مثل السمك الجاف والصرنباق والبصر والأصداف والتمر والرطب والبن والهيل والأبازير وأدوات الصيد من الشباك والسنانير والبروسيات والعوامات وخيوط الصيد والمجاديف وسعف الدوم والبسط وأدوات الشاي والقهوة والسمن البلدي والعسل والملوخية الجافة وأواني الطبخ العادية، أما الحرفيون فقد تنوعت صنعتهم ما بين صانع نماذج السفن الشراعية وصانع نماذج البوارج الحربية وصانع شباك الصيد المحلية. وأوضح رئيس لجنة أصدقاء التراث بينبع عواد بن محمود الصبحي أن تاريخ سوق الليل يرجع إلى قرن مضى واشتهر ببيع المنتجات الشعبية والسمك الناشف والبصر والزرنباك، والمنتجات الغذائية المحلية كالسمن والعسل والتمر وأدوات الصيد البحرية. وأضاف أن لجنة أصدقاء التراث سعت لترميم السوق وإحيائه كجزء مهم من تراث ينبع فكان التواصل بداية مع الهيئة الملكية بينبع التي شرعت في هذا العمل وأنجزت المرحلة الأولى منه، ثم جاء دور الهيئة العامة للسياحة والآثار التي تبنت هذا المشروع، وكان التواصل مع الأمانة العامة للمتاحف والآثار بهيئة السياحة وأرسلوا فريق عمل لهذه المهمة بإشراف ومتابعة جهاز السياحة بالمدينةالمنورة . وأشار إلى أن ترميم السوق يعد أحد عناصر مشروع تطوير الموانئ التاريخية على ساحل البحر الأحمر، حيث أعيد ترميم السوق وفق آلية البناء التي كانت موجودة في السابق باستخدام مواد وأدوات البناء نفسها ووضع المصابيح القديمة ومساحة المحل لا تتجاوز المترين في مترين ونصف المتر، وتوجد به ثلاثة بوابات رئيسة وكان سوق ينبع مشهورا، ونفذت عملية ترميم السوق على جزءين الأول تكفلت به الهيئة الملكية بينبع وأكملت الهيئة العامة للسياحة والآثار الجزء الآخر.