يحزم حقائبه حاملاً القرآن الكريم منهاجاً لحياته، ويتجه عبر المحيطات إلى دولة غربية ليتعلم من علومها، ولكنه يؤمن بأن علمهم هو معرفة دنيوية، فيشد العزم على كسب أعظم الأجور بهداية غير المسلم إلى الإسلام. ولكن عقله البسيط لا يسمح له، فهو لم يسافر قط خارج الحدود، واليوم يريد دعوة الغير إلى الإسلام، دون معرفة بأسس الحوار ما بين الشعوب، ويجعل مهمته فقط التبليغ بالكلمات. ولكنه لم يكن الشخص المناسب لهذه المهمة. فهم يرونه كل يوم في بلادهم. يرون غياباته المتكررة، وتبريراته التي لا تخلو من الكذب أحياناً، كما يرونه يرمي فضلات الطعام في غير محلها. صحيح أنهم يشاهدونه كل يوم وهو يصلي، ولكنهم يفاجؤون به يماطل في دفع الايجار، أو ينفق ماله فيمالا يفيد. ناهيك عن تاريخه الائتماني الهابط! في السطور السابقة، فئة من المبتعثين والمبتعثات، ليست شائعة، ولكنها تؤثر على صورة الأغلبية، فالتصرف غير المتوازن من شخص ما، قد يفقد المصداقية الموجودة لدى الأغلبية. ولست هنا بصدد النقد، ولكن لتذكير نفسي وإياكم. كلنا في داخلنا يحمل الشخص الذي يريد دعوة الغير إلى الإسلام. ولكن التعبير يختلف من شخص لآخر. فمنا من يتكلم عن الإسلام وهو لا يطبق تعاليمه، ومنا من يخشى الحديث عن هذه الأمور لبعده عنها. الحقيقة هي أن تأثير الشخصية أو الكاريزما هو أقوى عامل في تحويل غير المسلم إلى مسلم. فالشخصية المحبوبة في الجامعة، وفي السكن، وفي كل مكان تزوره، علامة على نجاحك. والموضوع لا يتطلب مهارات أو تمارين أو محاضرات لتصبح ذا شخصية مؤثرة على الغير. كل ما عليك فعله هو أن تفعل ما عليك فعله بالضبط. فعندما تظهر الاحترام والتقدير لمقدسات الغير، فأنت قد فتحت قلبه لك. وعندما تظهر الاحترام لرأيه، وتلزم حدود لسانك، فكأنما أظهرت له شخصاً مثالياً صالحاً.