الابتعاث السعودي للطلاب والطالبات تجربة ناجحة تستحق الاعجاب فمن خلال الابتعاث أصبح لدينا أعداد هائلة يتلقون التعليم في أرقى جامعات العالم، ومن ثم يعودون إلى أرض الوطن يحملون معهم معارف وعلوماً وتجارب يساهمون من خلالها في تنمية ورقي وطنهم. إن برنامج الابتعاث ان دل على شيء فإنما يدل على نظرة مستقبلية حاذقة وحكمة يتمتع بها الملك لمنح هذه الفرصة العظيمة لأبنائه الطلاب والطالبات ليتزودوا وينهلوا من مختلف المعارف والعلوم في شتى جامعات العالم، وهذا بدوره يتيح لهم الفرص الوظيفية في سوق العمل في وطننا الغالي لما يحمله هؤلاء الطلبة من خبرات وتجارب ثرية وعميقة تساهم في بناء الوطن. إن ابتعاث الطلاب والطالبات للدراسة في الجامعات العالمية إحدى أهم وسائل تنمية الموارد البشرية، ومن واقع التجارب الكثيرة التي نراها لكثير من الدول المتفوقة صناعياً واقتصادياً نجد أنها استطاعت من خلال طلبتها المبتعثين ان تحول بلدها إلى أعظم قوة في هذا المجال ومن الأمثلة على ذلك اليابان التي تعتبر من أعظم الدول تقدماً في هذا المجال. لذلك ان إحداث تغيير بهذا الكم الهائل في جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصناعية والثقافية وكل ما يهم مصلحة هذا البلد المعطاء يتطلب منا ان نلحق وننهج منهاج هذه الدول المتقدمة، ومن هذا نجد إننا نلمس نتائج ايجابية هائلة تقف خلف برنامج الابتعاث وذلك لما رأيناه على أرض الواقع لكثير من المبتعثين والمبتعثات كذلك لو نظرنا إلى الجوانب الأخرى كالشخصية والدينية لوجدنا ان في ذلك مصالح تعود بالنفع على كلا الطرفين، فقد خدم الابتعاث الجانب الدعوي من خلال الدعوة إلى الله عن طريق تعرف الغربيين على الكثير من المسلمين وهذا بدوره دفعهم لإعادة التفكير في ما شوهه الإعلام ضد الإسلام وأيضاً تغيرت كثير من أفكارهم بسبب ما رأوه من تصرفات الكثير من الطلبة، فقد استطاع عدد كبير من الطلاب كسب عدد كبير من مختلف الجنسيات لينتقل من شخص معارض للمسلمين لشخص مؤيد لمنطقهم ان لم يكن اسلم أيضاً نجد ان الانفتاح الحضاري أدى بدوره إلى الكثير من الايجابيات من خلال تعرف الطلبة المبتعثين على الكثير من الثقافات الأخرى واثرائه من الناحية الثقافية كذلك تعرّف الغرب على حضارتنا وثقافتنا الغنية بكثير من العادات والتقاليد الجميلة ومعرفة مدى التطور الذي تشهده مملكتنا الغالية والتي يجهلها الكثير بسبب عدم وجود من ينقلها إليهم أو من نقلها إليهم وحرفها. أيضاً وجدنا بالغرب أنظمة كثيرة ساهمت في رقيهم وتطورهم في جميع النواحي وصنعت منهم دولاً عظيمة يشار إليها بالبنان، وقد انعكست بدورها انعكاساً ايجابياً وبشكل ملحوظ على كثير من الطلبة كاحترام الوقت والنظام وهذه من أهم الصفات الجميلة التي ساهمت بدورها في بناء حضاراتهم فتعوّد الكثير من أبنائنا عليها كفيل بأن يكون له مردود ايجابي قوي في المساهمة في نماء ورقي وتطور مجالات العمل عند عودته لأرض الوطن. كذلك نجد الكثير من المبتعثين كان يعتمد على غيره في كل شيء ولكن نفاجأ بعد فترة من الزمن ان البعثة صقلته وغيرت سلوكيات كثيرة واستفاد من السفر ليصبح شخصاً مسؤولاً يعتمد على نفسه بعد الله وأيضاً يعتمد عليه في نفس الوقت. ومن روائع الايجابيات الحنين الى الوطن والأهل والأقارب وتذكر نعمة الله انه يعيش في بلد يؤمن بمدى أهمية العلاقات الاجتماعية والتواصل ووجود عادات راسخة يفتقدها الغرب، وهنا قد يعرف المبتعثون قيمتها بعد ان كانوا لا يلقون لها بالاً. وختاماً فإن الابتعاث للدراسة في الخارج فرصة يحلم بها كثير من الطلاب وهي فرصة عظيمة من أجل التعرف بشكل مباشر على ثقافات ومجتمعات جديدة ينبغي ان يعمل المبتعث والمبتعثة على تحقيق الاستفادة منها على أكمل وجه ممكن. * لندن