الموهبة ذلك المسمى الذي إذا أطلق وصرح فهو (هبة)، ولكن هذه الهبة التي ينالها الإنسان ليست كأي هبة فهي من الخالق للمخلوق حتى يتفرد بها أو يصبح ضمن فئة صنفت لذات الموهبة التي يتفرد بها مخلوق ما. سبق وأن طرقت محابر الكتاب الحديث عن رعاية الموهوبين ولكن لم يكن هنالك تجاوب سواء من الموهوب أو مؤسسات الرعاية أو حتى المهتمين بالتعرف على الموهبة بشتى مجالاتها ومسمياتها. قد تجد شابا يكبت الكثير من ممارسة موهبته تأثرا بما قد حدث لموهبة أخرى رعتها يد لا تمد إلا بكراسة الرسم الحر الكفيلة بقضاء خمس وأربعين دقيقة من يوم دراسي. كادر المواهب هو كادر جوهري لا يتصنع المهارة ولا يكلف الكثير من الوقت حتى يتم تأسيسه وإنما يقطع مراحل متقدمة في وقت وجيز وفي استجابة دقيقة حتى يتمكن من تحديد مصيره وتحقيق نتائج إيجابية تعم فائدتها كل طبقات المجتمع، أسوة بالدول التي نمت على يد الموهوبين واقتباسا لعصور ماضية ما زالت تنقل حضاراتها إلى عصرنا هذا وستنقل لعصور مقبلة. إذا وقفنا عند موهبة لاعب كرة القدم- التي أرى أنها الأكثر رعاية من قبل جميع طبقات المجتمع سواء كان اقتصاديا أو اجتماعيا أو ثقافيا- نجد فارقا كبيرا بين لاعب عربي على وجه العموم أو لاعب سعودي إن جعلت المفارقة خصوصية وبين لاعب أوروبي أو بعض مخرجات هذه الموهبة في بعض الدول الأفريقية، فما شأن المواهب الأخرى إذا كنا ما زلنا نحبو خلف السعاة في موهبة قد منحناها جل الرعاية والاهتمام؟ رعاية الموهوبين لا تعني أن تعطي الموهوب قصيدة يلقيها في مناسبة ما أو حتى على نفسه إذا كانت موهبته ملهمة بالشعر؛ فربما ستفيض هذه الموهبة دون توجه وتوظيف مقنن ورعاية صادقة عندها سيعكس إلهامه إلى قصائد جهل وسيدعمها في مدح قبيلته وبرهنة عنصريته وتعصبه لقبيلته ونخلطها مع مزايين الموهبة حتى نجمل الحشف بكيل مطفف. أعتقد أن سر إبداع موهوبي الدول الأوروبية هو منح تلك الدول موهوبيها مجالات تضمن لهم الاستقرار المعيشي بتسخير مواهبهم للقمة العيش. رشفة: ما خاب مخلوق وربك كافله.