يعد الاتحاد الآسيوي لكرة القدم المنظمة الرياضية الأولى التي تدير اللعبة في قارة آسيا ويشرف على برامجها ومسابقاتها وأحد الأضلاع القارية الستة التي تشكل الإتحاد الدولي، ورغم هذه المكانة الرفيعة التي تجعل هيئة بحجم الاتحاد الآسيوي ذات تواجد فعال ومؤثر وإيجابي ينصب لصالح اللعبة ويذهب بها بعيدا لتواكب عصر الاحتراف والتطور والانفتاح والاستفادة من الموارد، وفتح قنوات في الاتجاهات كافة لتكون رياضة آسيا أكثر حضورا وإشراقا، إلا أنه وحتى وهو يملك الإمكانات والدعم والكوادر والموارد الكفيلة بضمان نجاحه افتقد التنظيم والفكر والعقلية واستمر يعيش حالة من الفوضى والتخبطات في منظومة عمل عشوائية وعلى الأصعدة كافة في نوع من العبث الذي لا يستحق الإشادة. فالمتابع لعمل هذا الاتحاد يدرك تماما عجز لجانه في إدارة برامجه وتطبيق خططه إذ لم يستطع كسب الثقة ولم ينجح في تطوير علاقاته مع الاتحادات الأهلية في القارة واتجه بعيدا لمصالحه ومراعاة ومجاملة الكتلة القوية والمؤثرة في شرق القارة ورسم برامجه ومنافساته بطريقة تناسب مع روزنامة الشرق الأقصى على حساب غرب القارة، وافتقد هذا الاتحاد شخصيته وظهر كالمغلوب على أمره تجاه حالة الفوضى والتجاوزات العنصرية والمعادية وربطها بالسياسة في الملاعب الإيرانية، كما أخذ موقف المتفرج تجاه الأزمة الرياضية في الكويت، ولم ينجح حتى في عصر التقنية من التواصل والتنسيق مع الاتحادات الأهلية، واتضحت العشوائية والارتجالية بتخصيص خمسة مقاعد مباشرة دفعة واحدة لأسياد آسيا "أصحاب المراكز الثلاثة في النسخة التي تسبقها وبطل كأس التحدي إضافة إلى المستضيف" في سابقة تفرد بها هذا الاتحاد، وأكثر ما جعلنا نستغرب عمل هذا الاتحاد هو إقامة كأس آسيا في أحدى نسخها السابقة في أربع دول مجتمعة، وافتقد صدقيته حتى في تكليف حكامه أو مع فرض عقوباته أو عند توزيع جوائزه. إن ما نشاهده من نقلة نوعية في رياضية القارة خصوصا في مجال الاحتراف واللجان والبرامج والمسابقات ما هو إلا نسخة مفروضة ومستوحاة من أجندة الاتحاد الدولي واقتباس من الاتحاد الأوربي من غير حتى وجود بصمة إيجابية واضحة عليها للاتحاد الآسيوي وكأنه مكتب صادر ووارد في أحد الدوائر الحكومية، إذ إن ما تعيشه بعض الدول الآسيوية من نهضة رياضية زاهرة قائمة أساسا على جهودها الذاتية وعلاقتها بالاتحاد الدولي وباتحادات قارية أخرى. الاحترف الحقيقي طريقنا للتفوق يعد احتراف اللاعب السعودي خارجيا مطلبا للشارع الرياضي ومنعطفاً هاماً وطموحاً خاصاً وحاسماً في مسيرة اللاعب لإثبات موهبته وتطوير قدراته ونشر إبداعه وتأمين مستقبله، الأمر الذي سينعكس أثاره بالتأكيد على رياضتنا المحلية وستكون له نتائج ايجابية. لذلك سيمثل الاحتراف الخارجي والمعدة وفق مقاييس محددة نواة رئيسية وبداية لحقبة جديدة وتغيير شامل سيرقى بالفكر والثقافة والطموح والنضج الكروي وتطوير الذات. فالأمور يجب أن تسير وفق دراسة ومخطط عام يشرف علية مجموعة من أصحاب الخبرات والرؤية المستقبلية "التي يمكن أن تتمثل في هيئة أو جمعية خاصة لها" لتفادي كثير من المعوقات والسلبيات ومعالجتها في وقتها وتسهيل فتح هذا الباب وضمان الاستمرارية فيه والنجاح وفق قدرات نابعة من ثقة بموهبة وقدرات لاعبينا وتسير بشكل منهجي ومنطقي يكفل النجاح ويحقق الأهداف ويفتح الطريق أمام آخرين لخوض نفس المغامرة. ومن الإجحاف والظلم المطالبة بالاحتراف مباشرة في أقوى المسابقات وأقوى الأندية تجنباً لانطلاقة عنوانها الفشل وتفادياً للاصطدام بواقع الاحتراف الحقيقي الراقي والمنظم والقائم على أسس وخطط لم يصل إليها لاعبينا في ظل مسابقاتنا وأنظمتنا الاجتهادية، لذلك ستكون البدايات اكتساب خبرات وتأهيل وتهيئة نفسية وملامسة النجاحات في خطوات أكثر سهولة وأقل مخاطرة وإعطاء سمعة جيدة عن اللاعب السعودي بعيدا عن العاطفة والميول والمكابرة فالمسألة ليست موهبة أو أبداع فقط بقدر ما هي فكر وثقافة وعمل وتركيز. هنا نؤكد أن الاحتراف الخارجي يجب أن يكون فرصة لإثبات الوجود وفتح الأبواب وكسر الحواجز وكسب الثقة وتحقيق الأهداف المرسومة، فلا بد أن يكون له بداية مقبولة ومتدرجة برسم بياني متصاعد في أكثر من جانب وأن يصاحبها دعم وتشجيع واهتمام ومتابعة وتقييم، إذ يفترض أن تكون في مسابقات أوروبية أقل تصنيف من جاراتها وأندية أقل حضورا وتأخذ على أنها أمور طبيعية بلا إحراج أو تحسس لاكتساب ماهية الاحتراف وتفهمه والانخراط فيه ومنها الانطلاقة لمستويات أعلى، وهكذا صعود السلم حتى نصل إلى مراحل أقوى نملك معها الخبرة والفكر والسمعة وضمانات النجاح ونفتح الباب على مصرعيه أمام جيل كروي للاحتراف الخارجي.