حضر الزوج وقليل من أقاربه، تناولوا ما أعده والد العروس بهذه المناسبة من شيء بسيط ويسير. بعدها يأخذ زوجته ويذهب بها إلى منزله، لباسهم متواضع ودارهم كذلك، يقدم الزوج مأدبة عشاء عادية، يتخللها حفل بسيط ويسير ولمدة بسيطة. لتبدأ حياتهما من اليوم التالي بالعمل والجهد. لقد كان الزواج بشكل عام بسيطا وسهلا وميسرا، ولكنه بواقعه الأسمى حياة سعيدة تشرق فيها شمس المحبة والوفاء، خاليا من الهموم والديون والمشاكل. يزرع فيه ضياء غد الواعد بكل تفاصيله السامية، لأنه أسس على الحب والنخوة فكان لزاما أن يبقى كذلك بمشيئة الله، ومن المتعارف عليه والمشهور بين أهالي القرية أنه لم تكن هناك مشاكل زوجية ولا طلاق بالشكل الملحوظ، وقد يكون معدوما لأعوام وأعوام لأن الزواج شيد على قواعد متينة محاطة بكل وسائل الاستقرار والنجاح وهذه بداية لبناء أسرة سعيدة، يسودها الحب والألفة والتضحية، وهذا يشكل نقطة انطلاق حقيقية لمستقبل يشع بالسعادة. أما اليوم فقد أصبح الزواج في كثير من المناطق والمحافظات مبالغا فيه من كل الجوانب، لدرجة أن هناك من بقي سنين وهو يسدد في ديون زواجه، فأي حياة تلك، وكيف تكون، بل كيف ترتسم السعادة والهناء والراحة والسرور. وتلك الديون قد أثقلت كاهله وأقلقت مضجعه، ونكدت يومه وليله وفتحت أمامه أبواب المشاكل والشكاوى والسجون في أغلب الأحيان. ولك أن تتخيل كيف يكون حاله وأسرته وهو يعايش كل هذه الديون. وهذه النقطة للأسف كانت سببا في تفشي الطلاق بشكل كبير، وفي كثرة المشاكل الزوجية لإحساس الزوج بأن سبب همومه ومشاكله وديونه هي تلك الزوجة. وهناك على النقيض تماما من جعل تيسير الزواج هدفا ساميا ومتوارثا من ذلك الزمن الجميل، بل وجعل له شروطا متعاهدا عليها وجب تنفيذها والعمل بها تسهل على المتزوجين أمورهم لتبدأ حياتهم وصفحة زواجهما بحب صادق ودائم إن شاء الله. وقد شكلت قرى بني ثابت من بني شهر في مركز السرح بالنماص أنموذجا فريدا ورائعا عن غيرها من القرى وتحديدا في مسائل الزواج، فحددت مهرا ثابتا ومتعارفا عليه عند أبناء القبيلة وهو ريالان فقط لا غير، والكل هناك على قناعة تامة بهذا المهر، فالكل يعي ويدرك أن الزوجة ليست سلعة تشترى وتباع، فقد أخذها بمبدأ الشهامة والنخوة والرجولة التي تجعله يحافظ عليها ويقدرها ويحشمها ويصونها لأن زواجهما بني على المودة والحب، وزين بالجانب النفسي الذي يفتح أبواب السعادة والحب الصادق وبذلك تنطلق حياتهما بروح الوفاء والصفاء الخالي من الديون والمشاكل والهموم. وللمعلومية وأنا أحد أبناء القبيلة فإن نسبة العنوسة لدينا قليلة، ونسبة الطلاق شبه معدومة، والمشاكل الزوجية قليلة جدا لا تكاد تذكر. لأن قاعدة الزواج هنا منبعها البساطة والمحبة والتيسير والتقدير، وهو المنطلق الحقيقي لبيت الزوجية السعيد.